تَقْطَاب كربي (فرط القطب المرضي الكربي)
السلام عليكم
تَقْطَاب كربي
التقطاب الكربي: هو فرط القطب المرضي الكربي، حيث يتداخل عصب ما على بعضه البعض، ويحدث في جل مواطن الجسد، ولكن هناك مواطن حسَّاسة أكثر من غيرها، فالمواطن التي ما دون الرقبة، ليست من حيث الحَسَاسِيَّة مثل التي ما فوق الرقبة، فالتي فوق الرقبة تتفاوت في درجة الحَسَاسِيَّة أيضا، فما كان في فروة الرأس ليس كالذي في الحاجب، وما في الحاجب ليس كالذي في اللبت، وإذا علمنا أنَّ الفرع الكربي متعلق بالتهجاريين نَعْلَم أنَّ الأسباب التي تًفْضِي إلى التهجار هي تلك التي تكون في المواطن الحَسَّاسة، فـ"التقطاب" عندما يكون في اللبت يُفْضِي إلى تهجار، بل الذي مصاب بتقطاب في اللبت مصاب بتلحاس أيضا، ومن هنا نَعْلَم أنَّ أسباب التهجار تتظافر لتثبيت التهجار..
لمزيد من التوضيح، إليكم ما يلي:
مَقْطَبَة أكُرُوفية: من أسباب كثيرة منها الخارجة:
برامج تلفازية فيها توتر، تُفْضِي إلى مقطبات، وذلك لأنَّ الجسد مليء بالتروات، وبهذا فالجديد من التروات يبحث عن أكثر؛ فيكون المقطبات في حالتنا هذه..
مثال على المقطبة الأكروانية:
كان خالد يبني إضافة لبيت مع شاهر، وقد كان خالد يعاني من تضياق، وكان جسده مليء بالتروات، ولهذا كان يبتعد عن مكالمة كثير من الناس إذا كانوا جماعة، فهو لا يَسْكُن إلا مع واحد، آنما يعاني تضياقا، وقد جاء رجولان إلى حيث يعمل، وانتبه لمجيئهم، فابتعد وأخذ معه خارطة البيت، وأخذ ينظر إليها، لكي يوهم من جاء أنَّه مشغول؛ ولذلك لن يكون معهم، وقد كان ينظر للخارطة مع تنزيل شفته السفلية، وَجِدَّة مَقْطَبِيَّة (تقطب في الوجه عندما يكون صاحبه جدي، فيبحث عن حل لمسألة أو واقف متعجبا إلخ)، حيث كان ينظر وهو متقطب وفكره الذي يُرَوْرِت جسده، متجه إليهم؛ وبهذا يكون خالد إثْغُرَانيا - وهذا كله سبب المَقْطَبَة الإكْرُفانية -؛ وقد ارتفعت حُمَّى الشفة السفلية، ثم العلوية عبر انتقال الحُمَّى إليها، وانتاج حُمَّى جديدة بعد أنْ أصيبت بحُمَّى من الشفة السفلية؛ فنتج عن تفاعل وجود حُمَّى وانتاج حُمَّى جديدة:"تحماما"؛ فأنتج التحمام تجفافا، وتدباقا، وقد ظن خالدا أنَّ تحمام الشفة ولوازمة لن تلبث كثيرا، وستزول بعد مدة قليلة، ولكن خاب ظنِّه، وتمنى لو ترك العمل بعد حُدُوث التحمام مباشرة، لكي يَزُول التحمام ولوازمة، ومن ثم يمكنه أنْ يعود إذا أُحْتِيج إليه، ولكنه تمني فحسب، والحياة لا تسير بالتمني..
هذا وقد استمر خالد في العمل، اثنى عشرة يوما بعد حُدُوث التحمام، وهو تشفاذي ممريحي (إبعاد الشفة العليا عن الشفة السفلية بما في ذلك الصامغان، إلا جزء صغير منها)، وهذا جعله ينتقل بتسراع إلى مَقْطَبَة مُكْرِيوية، وكان التشفاذ الممريحي مقصودا من خالد، لئلا يحتاج أنْ يلحس شفته كل ثبلن ثوان – بلى كل ثانية -، وهذا التشفاذ جعله تعباسي، وتقطابي..
التشفاذ يجعل صاحبه دائما متوترا، فالحفاظ على ابتعاد الشفتان عن بعضهما ليس هينا، ثم أن الجزء الذي تبقى الشفتان فيه ملتصقة، في أطراف الصامغات، كان دائم الانتاج لمدبقات، حيث تُحْتَاج أنْ تُلحَس، ولكنَّه لم يفعل أمام الناس، فصار خالد يَشْعُر كما لو أنَّ في الشفة العليا حديدة مغروزة هناك، وهذا الشعور سببه محمات مكريحية، حيث كادت شفتاه أنْ تحترق، بل احترقت أجزاء منها؛ وهذا زاد تعباسه، وتقطابه خصوصا اللبت، فإبعاد الشفتان التوتري عن بعضها جعل أعصاب اللبت نازلة إلى الأسفل، وهذا النزول كان تقطبي، فصارت أعصاب اللبتان دائمة التقطب، وما هي إلا ستة أيام حتى أصيبت أعصاب اللبتان بتقطاب، وخلال ستة أيام تالية – مباشرة - كانت أعصاب الفنيكين والعنفقة قد أصيبت بتقطاب؛ وهذا جعل خالدا يخرج من العمل، لأنَّه أصِيب بمَقْطَبَة مُكْرِيحية، ودخل غرفته، ولبث فيها عشرين يوما لا يرى أحد ولا حتى الشمس، وعندما كان يريد أنْ يبول لا يخرج من غرفته إنْ سَمِع أصواتا في الغرف المجاورة، بل يبول في عبوات وضعها في غرفته، ثم ذهب إلى مصر، ليبحث عن شيخ قرأ عنه أنَّه قاهر الجن، ليقهر جِنَّه - كما كان يَعْتَقد، ولكن كان لديه شكوك في اعتقاده هذا -، فهاتف خالد صاحب سيارة ليجيء، فيأخذه وأمه إلى معبر رفع، فركب خالد وأمه السيارة، وجلست أمه على أحد الكراسي الأمامية الخلفية، وجلس خالد على أحد الكراسي الخلفية الخلفية، فتحركت السيارة متجهة لمعبر رفع، حيث كان خالد يوهم السائق - الذي كان معه في الصف عينه، عندما كانوا في الإعدادية - أنَّه ليس متوترا، بل مشغول بقراءة كتاب، ولكن السائق شعر بتوتر خالد، وقد وتَّر خالدا، وبعد أنْ قرأ خالد عدة صفحات رغم توتره، وصلُوا معبر رفع، ولكن لم يَسْمَح الجنود له بالعبور، فالمنطقة خطرة، ويحتاج سيارة مصفحة للوصول إلى المعبر، ولا يُمْكنهم توفير مُصَفَّحة له ليعبر؛ فتوتر، ولكنَّه حاول أنْ يَدْخُل بالسيارة التي وصل بها، ولكنَّهم لم يُدْخِلوه، حتى بعد مرور ساعة من وقوفه بجانب حاجزهم؛ فطلب من صاحب السيارة أنْ يُوصله بئر السبع، ولكن صاحب السيارة تذمر، وقال: لا يمكنني أنْ أوصلك، دون أنْ تضيف مالا على المتفق عليه، فأضاف له، وسافروا، ووصلوا إلى محطة بئر السبع المركزية، فنزل هو وأمه، وأعطى السائق 250 شاقلا، وتقدم خالد وأمه إلى المحطة التي تخرج منها الحافلة إلى أم رشرش، ولكن خالدا كان تشفاذي، وهذا لم يكن يُرِيح الذين ينتظرون الحافلة على المحطة، ولم يبالِ خالدا بشعورهم؛ وذلك لأنَّ حياته ستسير وهو بالحال الذي يُقْلِقهم، فعليهم أنْ يَحْتَمِلوا، ولكن أمِّه لم تكن متوترة كتوتر باقي الذين على المحطة؛ فهي تنظر إليه على أنَّه طِفلها الصغير – الذي بلع 25-26 سنة تقريبا آنها - الذي يحتاج رعاية، وسيبقى كذلك ما دُمْتُ حية، إلى جانب أنَّها تعرف عن مرضه أكثر من غيرها، وهذا شَفَع لها، فنظرتها له على أنَّه مريض يُبْعِد عنها التوتر، أو على الأقل يجعله قليلا، علما أنَّه هو الذي ينظم عملية سفرهما، فهو الذي يدفع المال، وهو الذي يقول أين يجب أنْ يذهبوا، وبعد نصف ساعة من انتظارهم تقريبا على المحطة، وصلت الحافلة فركبوا، وقضى سفره نوما في الحافلة، ولمَّا وصلُوا أم رشرش، أومَأت له ولأمه يهودية لديها بيت تريد تأجيره، فسألها خالد: كم ثمن المبيت لليلة واحدة، فقالت: 100 شاقل على كل واحد، هذا يعني 200 عليه وأمه، ولكنَّه رأى أنَّ الثمن مرتفعا، رغم أنَّ الساعة تقترب من العصر، فتوجه وأمه إلى المعبر إلى مصر، فوصلا إلى القسم الإسرائيلي من المعبر، وجلسا قليلا، وانتقلا إلى القسم المصري من المعبر بعد أنْ دفع ثمن العبور 150 شاقلا عليه وأمه، وفي المعبر المصري مَرَّا بعد ختم الجوازات بسرعة، فجلس هو وأمه على محطة تبتعد 150 مترا تقريبا، لكي يسافرا إلى القاهرة، حيث كان العصر قد ولىَّ، وبدأ المغرب يتنفس، فجلسا على المحطة، وبعد نصف ساعة من جلوسهما، سَمِعَ هاتفه يرن، فنظر إلى الرقم ولم يعرف صاحبه، وعندما قال: مرحبا، وسَمِعَ صوت بنت أراد أنْ يخطبها، قبل أنْ يصاب بمحمات الشفتين بشهر تقريبا، وسألته: أين أنت؟
قال: في بئر السبع – على ما يذكر -، ولكنَّه لم يَقُل أنَّه في مصر..
سألته عن مسألة الخطبة: فقال: أنَّه لا يستطيع الإقدام على هذه الخطوة، لأسباب لا مجال لتفصيلها لها..
فقالت: وهل كنت تلعب عليَّ عندما كنت تريد خطبتي؟
فقال: لم أكن ألعب، ولكن حالي قد اختلف تماما، والإقدام على هذه الخطوة يزيد حالي سوءا، وأنهيا تهاتفهما، فسألته أُمَّه: مَنْ هاتفك؟
فقال: هي التي كنت قد تقدمت إلى خطبتها، حيث قلتُ لها: أنني لست على استعداد للإقدام على خطوة الخطوبة، فحالي لا يسمح لي..
فقالت: دع عنك هذا الكلام واخطبها!
فقال: يا أُمِّي أنا مريض، فلو خطبتها، وتزوجتها، لأُصِيبت بالمرض بعد مدة قصيرة، ثم أنني وأنا في هذا الحال لا أتحمل أنْ أكون مع أحد لوقت قليل، فما بالك لو تزوجت، فهي ستكون في وجهي جل ساعات اليوم، وكل الليل، ولو استطعت أنْ أعيش معها بحالي هذا، لكان معجزة، ولكن للأسف نحن لسنا في عصر المعجزات، فكل شيء يُحْدُث طبيعيا، ففصل العلل عن معلولاتها، لتحل معلولا جديدة لها، ليست من قدرتي، فهي للأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – وحدهم، وقد خُتِمت النبوة بمحمَّد – صلى الله عليه وسلم -، الذي أعلن استئثار معقال الإنسان بإيجاد الحلول لمشاكله، وهنا سكتا، وقد كانت – أمه – ماسكة سبحة تُسَبِّح بها، حيث شكل الغروب الجميل، فهي امرأة تقية، تحب الدين، وأهل الدين، وتحثه على الصلاة، ولكنه كسول، كما أنَّ مرضه يجعل الصلاة ثقيلة فوق ثقل الجسد، بحيث يصبح الثقل بعضه فوق بعض..
وفي هذه الأثناء وصلت الحافلة، حيث كانت الساعة قد بلغت السادسة تقريبا، فركبا فيها، ونام في الحافلة جل وقت سفرهما، وعندما وصلت الحافلة محطة الحافلات في القاهرة توقفت، ليَنْزِل الرُّكَّاب، فتوجه هو وأمه إلى خارج المحطة، ليبحث عن سيارة توصله لمكان يستطيع منه استئجار بيت، فوجد سيارة كان بجانبها شرطي، فجلسا فيها، وسأله الشرطي: إلى أين تريدان الذهاب؟
فقال: أريد البحث عن بيت لنبيت فيه..
فقال له: اذهب إلى كذا وكذا، ولمَّا انتهى من كلامه، قال: أين الحَلَوَان، ولم يفهم خالد مقصد الشرطي، حيث قال له خالد: لا يوجد عندي عُرس، وهنا توجه صاحب السيارة وقال له: اعطه بعض المال، ولم يكن معه فكة، فأعطاه عشرين جنيها، ووضعها في محفظته، ولم يرُد من العشرين جنيا أي جنية، وهنا قد تحركت السيارة للبحث عن بيت، وسأل خالدٌ صاحبَ السيارة، لماذا أخذ مني عشرون جنيها؟ فقال صاحب السيارة، من قال لك أنْ تعطيه؟!
قال خالد: أنا غريب، فقد ظننت أنَّه يتوجب عليَّ اعطاءه مالا، فهو شرطي قريب من محطة، ثم لماذا لم تقل لي أنَّه لا يتوجب عليَّ إعطاءه ولا حتى فلسا واحدا؟
قال صاحب السيارة: لو فعلت سيؤثر على رزقي، فهو شرطي، وأنا سائق سيارة لا أكثر، فيمكن له ألا يجعلني أصف حيث المكان الذي يوجد فيه، وربما فعل ما يمكن أنْ يوقف رزقي تماما، فسكت خالد، وقال: متى سنصل؟
قال بعد عدة دقائق، فتوتر خالد، فهو يريد أنْ يصل بسرعة، وقد وصلوا إلى مكان لتأجير بيوت، وهناك استأجر خالد بيتا لخمسة أيام، بثمن 500 جنية، هو وأمه، وبعد ربع ساعة تقريبا، دخلا البيت الذي أستأجره خالد، حيث كان في الطابق الرابع – أو الثالث لا يذكر بالضبط -، وكان مكونا من صالة متوسطة الحجم، ومطبخ صغير جدا، وحمَّام متوسط الحجم، وغرفتان، فذهب خالد إلى الغرف، فسأل أمه أي الغرف تريدين؟ فاختارت واحدة، واخذ خالد الثانية، ونام فيها حيث كانت الساعة قد اقتربت من الثالثة صباحا، ولم يستيقظ إلا على الساعة الحادية عشرة صباحا، فوجد أمه تصلي، وذهب إلى حانوت في الطابق الأول، بجانب البناية التي سكن فيها، حيث دخل الحانوت وجَمَعَ ما أراد أنْ يشتريه أمام البائع، الذي يبدو في الخامسة والأربعين من عمره، ولم يظهر على خالد ما يشير إلى مرضه أمام البائع، وقد دفع خالد ثمن الطعام، وعاد إلى البيت، فوجد أمه جالسة تشاهد برنامج في التلفاز، ودخل المطبع ليجهز الطعام، وبعد أنْ جهزَّه، وضعه على طاولة في الصالة، وبدآ يأكلا هو وأمه، وبعد دقيقتين من بدء الأكل، هاتفه الذي استأجر منه البيت، وقال: كيف أموركم، هل كل شيء يسير على ما يرام؟
قال خالد، بلى شكرا لك، وقد أنهيا تهاتفهم، ثم عاد خالد ليتمم إفطاره، وبعد أنْ تمم أفطاره، سمع رنينا بجانب الباب، فذهب ليفتح الباب، ووجد بنتا، لم تَنَل من الجمال شيئا، فسألها خالد: ماذا تريدين؟
قالت: أرسلني الذي استأجرتم منه البيت لتنظيف البيت.
يتبع
|