20-07-2009, 06:46 PM
|
#3
|
عضو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 27460
|
تاريخ التسجيل : 04 2009
|
أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
|
المشاركات :
950 [
+
] |
التقييم : 50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
رابعا: الأطباء ورؤيتهم للقضية:
يسمي الأطباء ذاك الداء الذي نحن بصدده "بمرض الاكتئاب" ويرون أنه داء عصري قد انتشر انتشارا فاق كل تصور فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه يوجد في هذا العالم ثلاثمائة وخمسين مليون إنسان مصاب بالاكتئاب المزمن يحتاجون إلى العلاج، لكن إحصاءات منظمة الصحة العالمية حول مرض العصر الأول تبقى موضع شك، لا بسبب إهمال المنظمة أو عدم دقة أرقامها، بل لأن عدد المصابين بذاك المرض الذين لا يبحثون عن علاج هو أضعاف هذا الرقم المعلن، والمصابون ليسوا متجانسين سواء من الناحية الاقتصادية - الطبقية أو الثقافية فمنهم المترف الذي يعاني من فائض الرفاهية والتخمة ومنهم الفقير الذي لا يحصل على الحد الأدنى متطلبات العيش.
لهذا فنسبة الانتحار تتعاظم في دول أوروبية هي مثار حسد الفقراء، ويصبح الزائد توأم الناقص قدر تعلق هذه الثنائية بالسايكولوجيا البشرية المعقدة، والتي تستعصي على التدوين في خانات أو إحصاءات أو حتى تحليلات عيادية!
ووجدت دراسة أجرتها جامعة ايموري في أطلانطا أن المصابين بالاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة بعدم انتظام ضربات القلب، مما يجعلهم عرضة للأخطار والأمراض المتلاحقة...
المتخصصون النفسيون يقرون بأنه لا علاج للداء يماثل العلاج الإسلامي له:
يرى المتخصصون أن دراسة موضوع الاكتئاب وعلاجه يعتبر من المواضيع الهامة في العصر الحديث وأنه رغم كثرة العلاجات النفسية الموصوفة له فإن ذلك يعدم الجدوى الحقيقية.. إذ سرعان ما تنتهي العقاقير ويرجع الاكتئاب إلى النفس من جديد.. ولا غرو أن نجد الكثير من السلبيات المصاحبة للاكتئاب عند المعالجة أو قبلها مثل الإدراك المشوب بالسلبية والروح الانهزامية من الأحداث الخاصة الداخلية للفرد والخارجية المحيطة به، كما نلاحظ توتر العلاقات الاجتماعية نظراً لذلك وصعوبة التعامل بشكل واضح وسليم مع الآخرين.
بل إنه يمكننا الجزم والتأكيد – بناء على تقارير المتخصصين - على قصور العلاج النفسي السريري للاكتئاب في الكثير من الحالات لخلوه من التشخيص الدقيق لعله الاكتئاب أو لعدم توفر العلاج الناجع وبالنهاية لا توجد حيلة للمعالجة
يقول الدكتور رامز طه: كمتخصص أستطيع أن أؤكد بعد ممارستي لأغلب أنواع العلاج النفسي.. أن الأسلوب الذي تتبعه مدارس العلاج المعرفي الحديث: "لآرون بيك" والعلاج العقلاني "لألبرت إليس" والتي تعد الأكثر تطورا في البحث والعلاج..أنها قد وضحت بصورة تامة في العلاج القرآنى والإسلامي، إذ إنها جميعها تلجأ إلى العلاج عن طريق مخاطبة العقل الواعي وتعديل التفكير ودحض الأفكار الانهزامية الخاطئة وغير المنطقية.. وهذا الأسلوب يتوافق تماماً مع أسلوب القرآن الكريم في علاج النفس وتصحيح انحرافها، بل إن القرآن قد تفوق كثيرا في علاجاته للنفس البشرية وبأبسط الأساليب وأكثرها أثرا، وكثيراً ما شاهدنا المرضى يرفضون إكمال أساليب العلاج لأنها تضعهم في صراع مع الذات ومع المجتمع، لأنها بشكل مباشر أو غير مباشر تدفع المريض إلى إشباع رغباته وغرائزه بدون أن تحدد له الطريقة المناسبة لمفاهيم وقيم المجتمع، كما أنها تهمل مناقشة الأفكار والمشكلات الحالية للمريض، لذلك كان الطريق السوي الأوحد لذلك هو طريق الإسلام وهو الذي جمع بين إيجابيات كل ذلك... ويضيف الدكتور طه: وإذا كان البعض يدعى أن العلاج النفسي لا علاقة له بالدين، فأنني أؤكد خطأ هذا الادعاء وعدم صحته تماماً بل لقد اعتمد التكيف النفسي على مر العصور على الدين واستعان به لمساعدة الإنسان على مواجهة لحظات الهزيمة والألم واليأس، وهاهو الإسلام يعطينا السبيل الأوفر حظا لعلاج تلك الأزمة..
ويصرح في هذا المجال كل من الدكتور أنور طاهر رضا والدكتورة أمل المخزومي أستاذاً علم النفس الاجتماعي بأن التفاوت بين درجات الاكتئاب لدى المجتمعات تتفاوت بتفاوت واختلاف درجات الإيمان بالله وقدره وقضاءه وليس من قبيل الصدفة أن نجد زيادة عدد المصحات النفسية في مجتمع كأوربا، مثلاً، عنه في المجتمعات الإسلامية كما يؤكد العلاج القرآني على أن انحسار الاكتئاب عن النفس البشرية منوط بإيمانها إذ كلما ازداد التقارب والتوجه إلى الله والإخلاص له كان الاكتئاب معدوماً أو صفراً وهذا ما يتميز به المجتمع الإسلامي الحق عموماً عن غيره من المجتمعات الأخرى وهي نعمة من نعم الله أضفاها على عباده المؤمنين.
كيف نظر الإسلام لعلاج الهموم والأحزان؟
الحقيقة التي يجدر أن نشير إليها هنا هي أن العلاج القرآني بكل درجاته ومقاييسه لم يكن سريرياً بل علاجاً تحريضياً إيحائيا للفرد يدفعه إلى التقوى والإيمان بربه وتوثيق حبل علاقته به كما يدفعه الى التوكل عليه واليقين بقدرته سبحانه والتسليم بالقضاء والقدر واليقين في أثر الدعاء والمناجاة للخالق سبحانه. كما أنه علاج تحريضي سلوكي للفرد يقوم به بصورة ذاتية وثابتة حتى يصل لدرجة التلقائية، فهو يدعوه إلى الإنجاز والنجاح وإثبات الأثر وإصلاح الحياة والمجتمع..
ولذلك استطاع علماء الإسلام ودعاته الاتفاق على عدة محاور لحرب داء الهم والحزن وطردهما.. ومن ذلك:
أولا : الرضا: وأقصد به الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا والرضا بقضاء الله وقدره يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: " ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا " رواه مسلم.
إن عمل الرضا في النفس البشرية عمل عجيب إذ إنه يذيب شتى أنواع الآلام والأحزان الناتجة عن التعرض للمواقف والمشكلات أو المصائب التي ربما تحدث للإنسان فتزيده اكتئاباً أو تظلم الحياة في عينيه يقول الله _تعالى_: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (البقرة:155 - 157)، وأصل الرضا هنا هو صحة العقيدة في الله فمن رضي بالله ربا وإلها وحد عبوديته له سبحانه وحده فلم يشرك به شيئا فطهر قلبه من خبائث الشركيات والتعلقات بغير الله وهو ذاك الذي يهديه الله ويشرح صدره قال الله _سبحانه_: "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ" (الأنعام: من الآية125).
ثانيا: القناعة: وأقصد بها هنا معنى قد يخفى على كثير من الناس وهو بينه وبين الرضا علاقة عموم وخصوص فالقناعة هي قبول الحظ المقسوم للإنسان من الرزق والمال والأولاد والقوة والصحة والمتاع، يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ " ليس الغنى بكثرة العرض إنما الغنى غنى النفس "رواه مسلم.
وأثر القناعة كعلاج للهموم هام جدا إذ إن كل قنوع غير متشوف لما في أيد الناس وغير ساخط على حاله من الفقر أو الصحة أو غيره، يقول الشافعي: أمت مطامعي فأرحت نفسي: فإن النفس إن طمعت تهون.
ثالثا: ذكر الله: قال الله سبحانه: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر:97-99).
ذلك أن الذكر هو العبادة التي يتزود منها السائر إلى الله سبحانه في سيره, ومثله كمثل الزاد للمسافر تمامًا, فإذا نقص زاده وقل طعامه خارت قواه وضعفت جوارحه, فوجب عليه عندئذ أن يعود إلى التزود.
* يقول ابن القيم _رحمه الله_: ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يصلي الصبح ثم يقعد يذكر الله _سبحانه_ إلى أقرب من نصف النهار, وكان يقول: هذه غدوتي وإن لم أتغدَّ لم أتقو ليومي.
ذلك فالذكر هو مكان التزود للسير في الطريق, وهو المنـزلة التي يتردد عليها دائمًا أهل الإيمان والجهاد والتقوى.
ومن أكرمه الله سبحانه بدوام الاتصال بذكره _سبحانه_ فقد أكرمه بفتح الباب إليه والسماح له بالقرب منه, ومن عزله الله سبحانه عن ذكره فقد منعه عنه وأبعده عن طريقه.
وذكر الله سبحانه سلاح المؤمن في كل المواطن والمواقف والمشكلات والأزمات, وبه يدفع المؤمن عنه الأمراض وتكشف الكربات وتهون عليه المصائب.
والمؤمن الحق هو الذي يفزع إلى ذكر الله إذا نزل به بلاء أو مصيبة ويلجأ إليه إذا دارت عليه دائرة أو حلَّت به نازلة.
وذكر الله سبحانه هو جنة المتقين التي يفرون إليها إذا ضاق بهم سجن الدنيا, فترى الذاكر بجسده فـي الدنيا سجينًا, لكنه بروحه وقلبه في الجنات مرفرفًا فرحًا مسرورًا, ذلك أن ذكر الله - لمن أحبه وداوم عليه - لا يدع قلب الإنسان الحزين إلا مسرورًا, ولا يدع نفس المتألم إلا راضية سعيدة.
رابعا: الإنجاز والعمل الصالح: لقد قرن الله كلاً من الاستقامة والعمل الصالح بالإيمان والتقوى لرفع حالة الضيق المذكورة وذلك عن طريق الاطمئنان النفسي الذي تخلقه كل من السلوكيتين المذكورتين فالاستقامة والعمل الصالح في عصورنا هذه بحاجة إلى جهاد نفسي وقناعة راكزة وإيمان راسخ يزيد من إفرازات الامينيا الأولية في الدماغ بصورة ذاتية معتدلة لينتفي الحزن وتحل السعادة بديلاً عنه كما أن الإنجاز هو الحل الأقوى والأكثر أثرا في ظروف المصابين بشعور الفشل والإحباط..
وأقصد بالإنجاز هنا محاولة التركيز والإنتاج في أي شيء يحسنه الفرد المسلم مهما كان قليلا وضئيلا فلئن نجح فيه فسيدفعه ذلك إلى إنجاز أكبر.
ولربما تمثل العمليات الإيمانية السابقة علاجاً نفسياً وعملياً للهم الداخلي لشبابنا المسلم ولعلنا تكون لنا عودة تفصيلية لدراسة الموضوع من جوانب أخرى _إن شاء الله_.
إعداد: خالد روشه
جميع الحقوق محفوظة لموقع المسلم © 1427 هـ
http://www.almoslim.net/tarbawi/show...in.cfm?id=1403
|
|
|