23-07-2009, 08:39 AM
|
#2
|
V I P
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 5696
|
تاريخ التسجيل : 02 2004
|
أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
|
المشاركات :
8,386 [
+
] |
التقييم : 87
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ولهذا يُشْتَرَطُ في كلِّ عملٍ، أن يتوفَّرَ فيه شرطان، ليكونَ مقبولا عند الله، ومثابًا عليه صاحبُه :
الشرط الأول : الإخلاص لله - عز وجل -
الشرط الثاني : المتابعةُ للرسول -صلى الله عليه وسلم- قال - تعالى - :
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .
وإسلام الوجهِ يعني : الإخلاصَ للهِ .
والإحسانُ هو المتابعةُ للرسولِ -صلى الله عليه وسلم- .
فالله - جل وعلا - أمرَ بالاجتماعِ على الكتابِ والسنّةِ، ونهانا عن التفرقِ والاختلاف .
والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- كذلك أمرنا بالاجتماع على الكتاب والسنّةِ، ونهانا عن التفرق والاختلاف ؛ لما في الاجتماع على الكتاب والسّنة من الخير العاجل والآجل، ولما في التفرقِ من المضارِ العاجلةِ والآجلة في الدنيا والآخرة .
فالأمرُ يحتاجُ إلى اهتمامٍ شديدٍ، لأنه كلما تأخّر الزمانُ كَثُرتِ الفِرَقُ، وكثرتِ الدعايات، كثرتِ النِّحَلُ والمذاهبُ الباطلةُ، كثرتِ الجماعاتُ المتفرقةُ . لكن الواجب على المسلم أن يَنْظُرَ، فما وافق كتابَ الله وسنّةَ رسولهِ -صلى الله عليه وسلم- أخذَ به، ممن جاءَ به، كائنًا من كان؛ لأن الحقَّ ضالةُ المؤمن .
أما ما خالف ما كان عليه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- تركَه، ولو كان مع جماعتِهِ، أو مع من ينتمي إليهم، ما دام أنهُ مخالفٌ للكتاب والسنّة؛ لأن الإنسان يريدُ النجاةَ لا يريدُ الهلاكَ لنفسه .
والمجاملةُ لا تنفعُ في هذا، المسألةُ مسألةُ جنّةٍ أو نار، والإنسانُ لا تأخذُه المجاملةُ، أو يأخذه التعصّبُ، أو يأخذُه الهوى في أن ينحازَ مع غير أهل السنّةِ والجماعةِ؛ لأنه بذلك يضرُّ نفسَهُ، ويُخرِجُ نفسَه من طريق النجاةِ إلى طريقِ الهلاكِ .
وأهلُ السنّةِ والجماعةِ، لا يضُّرهم من خالفهم سواء كنتَ معهم، أو خالفتَهم . إن كنتَ معهم، أو خالفتهم . إن كنتَ معهم فالحمدُ لله، وهم يفرحون بهذا؛ لأنهم يريدون الخيرَ للناس، وإن خالفتَهم فأنتَ لا تضرُّهم، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- : لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك .
فالمخالفُ لا يضرُّ إلا نفسَه .
وليست العبرةُ بالكثرةِ، بل العبرةُ بالموافقةِ للحقِّ .
، ولو لم يكنْ عليه إلا قِلَّةٌ من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحدٌ من الناس؛ فهو على الحق، وهو الجماعة .
فلا يلزمُ من الجماعةِ الكثرةُ، بل الجماعةُ من وافقَ الحقَّ، ووافقَ الكتاب والسنّة، ولو كان الذي عليه قليلٌ .
أما إذا اجتمعَ كثرةٌ وحقٌّ، فالحمد لله هذا قوة .
أما إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحازُ مع الحقِّ، ولو لم يكنْ معه إلا القليلُ .
وكما أخبرَ به -صلى الله عليه وسلم- من حصول التفرق والاختلاف قد وقَعَ، ويتطور كلما تأخَّرَ الزمان، يتطوَّرُ التفرقُ والاختلاف إلى أن تقوم الساعةُ، حكمةٌ من الله - سبحانه وتعالى -؛ ليبتلي عبادَهُ، فيتميز من كان يطلبُ الحقَّ، ممن يؤثرُ الهوى والعصبية :
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ .
وقال - سبحانه وتعالى - :
وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ .
فحصول هذا التفرق، وهذا الاختلاف؛ ابتلاءٌ من الله - سبحانه وتعالى -، وإلا فهو قادر - سبحانه - أن يجمعَهم على الحق :
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى .
هو قادر على هذا، لكنَّ حكمتَهُ اقَتضَتْ أنْ يبتليَهم بوجودِ التفرق والاختلاف، من أجل أنْ يتميزَ طالبُ الحقِّ من طالبِ الهوى والتعصب .
وما زالَ علماءُ الأمة في كلِّ زمانٍ ومكانٍ ينهون عن هذا الاختلاف، ويوصون بالتمسك بكتابِ الله وسنّةِ رسولهِ -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم التي بقيتْ بعدَهم .
تجدون في كتاب " صحيح البخاري " مثلا : " كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة " .
تجدون في كتب العقائد ذكرَ الفرقِ الهالكة، وذكرَ الفِرقة الناجية .
وأقربُ شيء لكم شرحُ الطحاوية، وهي بين أيديكم الآن .
والغرضُ من هذا بيانُ الحقِّ منن الباطل؛ إذ وقعَ ما أخبرَ به -صلى الله عليه وسلم- من التفرق والاختلاف .
فالواجبُ أن نعملَ بما أوصانا به الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- في قوله : فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي .
لا نجاةَ من هذا الخطر إلا بالتمسكِ بكتاب الله وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تحسبَنَّ هذا الأمرَ يَحْصُلُ بسهولةٍ، لا بد أن يكونَ فيه مشقةٌ .
لكن يحتاج إلى صبرٍ وثباتٍ، وإلا فإن المتمسك بالحقِّ - خصوصًا في آخر الزمان - سيعاني من المشاق، ويكونُ القابضُ على دينِه كالقابضِ على الجمرِ، كما صَحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والمتمسكون بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والسائرون على منهج السلف؛ يكونون غرباء في آخر الزمان، كما أخبر بذلك -صلى الله عليه وسلم- بقوله : فطوبى للغرباء الذين يُصْلِحُونَ ما أفسدَ الناسُ من بعدي من سنتي .
وفي رواية : الذين يَصْلُحُونَ إذا فسدَ الناسُ .
فهذا يحتاجُ إلى العلم أولا؛ بكتابِ الله وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والعلمِ بمنهجِ السلف الصالح وما كانوا عليه .
ويحتاجُ التمسكُ بهذا إلى صبرٍ على ما يلحقُ الإنسانَ من الأذى في ذلك، ولذلك يقولُ - سبحانه وتعالى - :
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ .
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ هذا يدلُ على أنَّهم سيلاقون مشقةً في إيمانهم وعملهم، وتواصيهم بالحق، سيلاقون عنتًا من الناس، ولومًا من الناس وتوبيخًا، وقد يلاقون تهديدًا، أو قد يلاقون قتلاً وضربًا، ولكن يصبرون، ما داموا على الحق، يصبرون على الحق ويثبتون عليه، وإذا تبين لهم أنَّهم على شيءٍ من الخطأ يرجعون إلى الصواب؛ لأنه هدفُهم .
|
|
|