الرهاب الاجتماعي.. يبدأ في الطفولة ويتضح عند المراهقة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الرهاب هي كلمة تعني الخوف المرضي، وهنا حينما نتحدث عن الرهاب الاجتماعي، فإننا نعني الخوف المرضي من المواقف الاجتماعية. والرهاب الاجتماعي هو خوف أن يكون الشخص موضع تقييم من قبل الأخرين. الشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي ليس لديه مشكلة مشكلة في أن يتعامل مع الاخرين وأن يختلط بهم طالما أنه ليس موضع تقييم من قبلهم. للأسف اضطراب الرهاب الاجتماعي منشر بشكل ملفت للنظر في المملكة العربية السعودية خاصة بين فئة الشباب. وقد ذكر هذه الملاحظة عدد من الاطباء السعوديين وكذلك بعض الاخوة من الاطباء العرب الذين عملوا لفترة في المملكة العربية السعودية. ليس كما يشيع بعض العاملين في مجال الصحة النفسية بأن الرهاب الاجتماعي اضطراب سهل فعلى العكس من ذلك ، فإن الرهاب الاجتماعي اضطراب مزعج ومزمن وأكثر الدراسات في الدول الغربية وكذلك الدول العربية بينت بأن الرهاب الاجتماعي اضطراب مزمن وكذلك ليس أمر سهل العلاج.
هل الرهاب الاجتماعي اضطراب حديث؟
الرهاب الاجتماعي اضطراب قديم لكنه لم يصيف كاضطراب الا عام 1987 عندما اعترفت الجمعية الامريكية للأطباء النفسانيين بأن الرهاب الاجتماعي اضطراب مستقل عن الانواع الاخرى من اضطرابات الرهاب البسيط أو الرهاب المحدد (specific phobia)
قبل ذلك التاريخ حاول طبيب نفساني بريطاني هو الاستاذ الدكتور اسحاق ماركس فصل الرهاب الاجتماعي عن بقية أنواع الرهاب البسيط.
وكان ذلك في بحث شهير بعنوان(تقسيمات الرهاب) ولكنه عجز عن إقناع الاطباء النفسانيين الآخرين وكان ذلك في عام 1969 وبقى أحد عشر عاما حتى اعترفت الجمعية الامريكية للاطباء النفسانيي بما قال.
رغم ذلك فقد ورد في تاريخ الطب عند الاغريق أن ابو قراط وصف حالة شخص مصاب باضطراب الرهاب الاجتماعي وبعد ذلك ذكر عدد من الاطباء في عصور مختلفة هذا الاضطراب دون أن يطلقوا عليه تسمية معينه.
في الثمانينيات من القرن الماضي بدأ الاهتمام باضطرابات القلق ولكن كان التركيز على اضطراب الهلع أو الذعار (panic disorder) ، وكذلك اضطراب الوسواس القهري ولكن بقيت اضطرابات الرهاب بعيدا عن اهمام الباحثين حتى التسعينات من القرن الماضي حيث شهد اهتماما كبيرا باضطرابات لرهاب، خاصة الرهاب الاجتماعي، نظرا لما لهذا الاضطراب من تأثير على المصاب به ، وأحبانا يجعل المصاب بهذا المرض معاقا ومعزولا عزلة حقيقة عن جميع ما حوله.
للأسف الشديد فانني كثيرا ما اسمع بعض ردود من بعض الزملاء من الاطباء النفاسانين على بعض المرضى المصابين بالرهاب الاجتماعي والتي أحيانا ما تكون غر لائقة.
ولعلني أظن أن بعض هؤلاء الاطباء مر على الرهاب الاجتماعي مرورا عبارا ولم يعرف بالضبط ما مدى تأثير هذا الاضطراب على الاشخاص الذين يعانون منه. أقول هذا الكلام لأنني كنت أشعر هذا الشعور قبل أن أقوم بدراسة اسمترت أربع سنوات عن الرهاب الاجتماعي بين المملكة العربية السعودية واسكتلندا، خلال هذه الدراسة عرفت معنى أن يكون السخص مصابا باضطراب الرهاب الاجتماعي.لقد أضطررت لمقابلة بعض المرضى في منازلهم ، كان ذلك في أدنبرة في اسكتلندا وفي الرياض . لقد قابلت أشخاصا تركوا أعمالهم ووظائفهم بسبب هذا الاضطراب واصيبوا بالاكتئاب الشديد نتيجة هذا الاضطراب . لذلك فإني أشعر بالاسى عندما أسمع أحد الزملاء الاطباء النفسانيين يسخر من مريض اتصل يطلب مساعدة لرهابه الاجتماعي، فما كان من هذا الطبيب الا أن سخر منه بأن باستطاعة مهندس الصوت ( كان الحوار عبر الاذاعة ) أن يعالج الاشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي. والذي أجزم به بأن هذا الطبيب المشهور لا يعرف بشكل دقيق العلاج الناجع لاضطراب الرهاب الاجتماعي، ولكنه يظن بأن الرهاب الاجتماعي اضطراب سهل العلاج بحكم عدم سبر أعغوار هذا الاضطراب . والذي أرجوه من الزملاء العاملين في مجال الصحة النفسية أن لا يخجلوا من أن يجيبوا بأن معلوماتهم محدودة في هذا الاضطراب وأن بإماكن السائل أن يجد الاجابه عند اشخاص متخصصين في هذا النوع من الاضطرابات هذا ليس دليل ضعف ولكنه على العكس دليل ثقة في النفس.
هل الرهاب الجتماعي منتشر بشكل كبير؟
ينتشر الرهاب الاجتماعي بشكل كبير بين المراهقين ، ونسبته أكثر بين الاناث، غير أن الذكور هم الأكثر طلبا للعلاج.
وفي الولايات المتحده المريكية يعتبر الرهاب الجتماعي ثالث الاضطرابات النفسية انتشارا بعد الادمان على الكحول والاكتئاب. وفي دراسة أجريت في أستراليا على المراهقين في سن الثامنة عشرة وجد بأن حوالي 13%
منهم يعانون من الرهاب الاجتماعي. وفي المملكة العربية السعودية يشكل المصابون بالرهاب الجتماعي جزئا كبيرا من مرضى العيادات الخاصة، رغم أن الفائدة العائدة من مراجعة العيادات الخاصة ليس مشجعا نظرا لان علاج هذا الاضطراب يعتمد بشكل كبير على العلاج النفسي و يحتاج لاشخاص ذوي خبرة في العلاج السلوكي بالتحديد .
ويبدأ الرهاب الجتماعي في سن مبكرة منذ الطفولة ، ولكن يصبح واضجا في فترة المراهقة ومتوسط السن عند بدء الاضطراب هو سن السادسة عشر وهذا حسب الدراسات في الولايات المتحدة الامريكية، دول اوروبا الغربية، الدول الاسكندانا فية وكذلك في المملكة العربية السعودية .
وغالبا ما يكون الاضطراب مزمنا ، خاصة اذا لم يعالج بشكل جيد.
هل للرهاب ا لاجتماعي أسباب معروفة؟
ليس للرهاب الجتماعي أسباب معروفة حتى الآن وقد جرت دراسات متعددة ولكن لم يوجد أي مسبب عضوي لهذا الاضطراب. ولكن يفيد الدراسات بأن للوراثة دورا هاما في هذا الاضطراب، حيث تشير الدراسات الى أن هذا الاضطراب يكثر في بعض العائلات كما يكثر بين التوائم المتشابهة والاقارب غير ان هذه النظرية تتداخل مع نظرية التعلم ، حيث يتعلم الطفل من والدية ومن يكبرونه من الاخوان،كما تلعب العوامل الثقافية دورا هاما في ترسيخ هذا الاضطراب، حيث تشجيع بعض الثقافات الشرقية الحياء والخجل كجزء من الخصال المستحبة عند صغار السن وهذا ما يعزز الرهاب الاجتماعي عند من لديهم القابلية للاصابة بهذا الاضطراب، ويجب على الاهل عدم تشجيع الحياء غير ا لصحي بل يجب تشجيع الصغار على الحديث امام الكبار وعدم التعليق السلبي على اخطائهم إن حصل منهم ذلك.
ما هي اهم الاسباب التي تثير الرهاب؟
وتعتبر القاء كلمة أمام مجموعة من الناس هي أكثر المناسبات التي تثير القلق والرهاب عند أغلب الناس، اذا في دراسة مسحية امريكية أجاب 97% من المشاركين في الدراسة بأنهم لا يستطيعون التحدث اما م مجموعة من الناس أو القاء خطب في مناسبات رسمية أو حتى غير رسمية. وجاء في المرتبة الثانية مقابلة شخص مهم أو مسؤول كبير، حيث أجاب حوالي 76% من المشاركين في الدراسة بأن هذا الموقف يثير قلقهم بشكل كبير.
بقية المناسبات كانت الاكل أمام مجموعة أو الكتابة اما جمع من الناس.
كيف يتغلب بعض هؤلاء على رهابهم.
في كثير من الدراسات التي أجريت على المصابين بهذا الاضطراب تبين أن الكثير منهم يتناول الكحول للتغلب على الخجل والرهاب في المواقف الاجتماعية التي يجبرون على حضورها . وكثير من المصابين بالرهاب الاجتماعي يصبحوا مدمنين على الكحول، ففي دراسة على المدمنين على الكحول في أحد المصحات الخاصة تبين بأن ما يقارب 40% من المدمنين على الكحول كان إدمانهم بسبب رهابهم الاجتماعي، وأن بداياتهم كانت للتغلب على المواقف التي تثير قلقهم ورهابهم، وانتهى بهم المطاف بأن أصبحوا مدمنين.
للأسف فقد شاهدت بعض الاشخاص أثناءعملي يلجأون للكحول حتى هنا مما يوقعهم في مشاكل كثيرة. لذلك فيجب على المعالج أن يأخذ بعين الاعتبار كيف يحاول المصاب بهذا الاضطراب التكيف مع حياته،ويضع برنامج يتناسب مع كل شخص بصورة فردية.
اخواني اتمنى ان تكونوا استفدتوا .. وفي القسم الثاني سوف اذكر كيف يؤثر الاضطراب على حياة المصابين به وكيفيه العلاج ......
اختكم ام احمد
|