عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-2009, 12:00 PM   #13
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


الشيطان/القرين أو الموكل:


هناك قرين موكل وهو ما سميناه الشيطان/الموكل، أو القرين/الموكل، الذي يقرن بالإنسان ولا يفارقه حتى الموت، وهو من الجن، قال عنه ابن القيم في بدائع الفوائد: "الذي يوسوس في صدور الناس" صفة للشيطان فذكر وسوسته أولا، ثم ذكر محلها ثانيا، وأنها في صدور الناس، وقد جعل الله للشيطان دخولا في جوف العبد ونفوذا إلى قلبه وصدره، فهو يجري منه مجرى الدم، وقد وكل بالعبد فلا يفارقه إلى الممات...". قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان، غير مريم وابنها». ثم يقول (أبو هريرة): "وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم".(1)
صِيَاحُ الـمولود إذن، حين يَقَع، نَزْغةٌ من الشيطانِ، أَي نَـخْسةٌ وطَعْنةٌ، ومنذئذ يلازم ابن آدم شيطانه ويكبر معه ولا يفارقه حتى الممات، فقد جاء في صحيح مسلم، عن ابن مسعود يرفعه: ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّلَ به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال وإياي، ولكن الله عز وجل أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير، ويزكي هذا الحديث ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ما لك يا عائشة، أغرت؟ فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال: أو قد جاءك شيطانك؟ قلت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: نعم، قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم، ولكن ربي عز وجل أعانني عليه حتى أسلمَ.(2) ويجيء بلفظ آخر: أعانني عليه فأسلمُ. قال الخطابي: عامة الرواة يقولون: فأسلمَ، على مذهب الفعل الماضي، إلا سفيان بن عيينة فإنه يقول: فأسلمُ من شره، وكان يقول الشيطان لا يُسلم، وقول ابن عيينة حسن، وهو يُظهر أثر المجاهدة لمخالفة الشيطان، إلا أن حديث ابن مسعود كأنه يرد قول ابن عيينة.
ورد في كتاب الروح لابن القيم: الملك قرين النفس المطمئنة، والشيطان قرين النفس الأمارة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله وليحمد الله، ومن وجد الآخر فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم قرأ: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم الفحشاء(البقرة/268). وقد رواه عمرو، عن عطاء بن السائب، وزاد فيه عمرو قال: سمعنا في هذا الحديث أنه كان يقال: «إذا أحس أحدكم من لمة الملك شيئا فليحمد الله وليسأله من فضله، وإذا أحس من لمة الشيطان شيئا فليستغفر الله وليتعوذ من الشيطان»، أما النفس الأمارة فجُعل الشيطان قرينها وصاحبها الذي يليها، لذا أمرنا الله بالاستعاذة من شرها ومن شر صاحبها، لأنهما أصل كل شر وقاعدته، وهما متحدان عليه متعاونان، قال تعالى: فإذا قرأت القرآن فأستعذ بالله من الشيطان الرجيم(النحل/98) ، وقال: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فأستعذ بالله إنه سميع عليم(فصلت/36) ، وقال أيضا: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون (المؤمنون/97-98) ، وقال كذلك في سورة الناس: قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، فهذه استعاذة من قرين النفس وصاحبها، وبئس القرين والصاحب، أما قوله تعالى في سورة الفلق:
قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد، فهو استعاذة من شرالنفس ومن شر شياطين الإنس، ومعروف أن من معاني النفس: الدم، وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تـخرج بخروجه، لهذا نجد في كتب السنن: كل نفس(3) سائلة لا يتوضأ منها، فالمقصود هنا بالنفس السائلة الدم، ولعل هذا يفسر اقتران الشيطان بالنفس وبالدم.
كل شر يصيب ابن آدم إذن يأتي إما من شياطين الإنس، أو من شياطين الجن، أو منهما معا... أما القسم الذي ينفرد به شياطين الجن فهو الوسوسة في القلب، وهو الذي ذكر في سورة الناس.






*********

1- صحيح البخاري، وأخرجه مسلم في الفضائل.
2- انفرد به مسلم.
3- أنظر سنن الدارقطني 1/33 . وسنن البيهقي الكبرى 1/253.


 

رد مع اقتباس