قــصـيـدة مـؤثـــرة**...أكــتــبُ لـلــصــغــار..الـصـغـار...**نــــزار قــبــانــي..
أكــتـب للـصـغـار..
للـعـرب الـصـغار حيث يوجدون..
لـهـم على اخـتـلاف اللـون
والأعـمـار..والعـيـون..
أكـتـب للذيـن سـوف يـولـدون..
لـهـم أنــا أكـتـب..للـصـغـار..
لأعـيـنٍ يـركـض فـي أحداقـها النهـار..
أكـتـب باخـتـصـار..
قـصـة إرهـابيةٍ مجـنـدة..
يـدعـونها راشـيـل..
قضت سنين الحـرب في زنزانةٍ
منـفـردة..
كـالـجــرذ..في زنزانةٍ منفردة..
شيدها الألـمـان في بـراغ..
كـان أبوهـا قـذراً مـن
أقـذر اليـهـود..
يـزور النـقـود..
وهـي تـدير منزلاً للفحش في
بــراغ..
يـقـصده الجـنـود..
وآلــتْ الـحـربُ إلى خـتـام..
وأُعـلـن الـســلام..
و وقــع الـكــبـار..
أربـعـةٌ يـلقبون نفـسـهم كـبـار..
صـكـ وجـودِ الأمـم المتـحـدة..
وأبـحـرت من شـرق أوربـا مـع
الصـبـاح..
سـفينـةٌ تـلعـنهـا الريــاح..
وجـهـتهـا الجـنـوب..
تَـغـصُ بـالجـرذان..والطـاعون..
والـيـهود..
كـانوا خليطـاً من سُـقـاطةِ
الـشـعـوب..
من غـربِ بـولـنــدا..
من النـمـسا..من استنبول..من
بــراغ..
من آخــر الأرض..من السـعـير..
جـاءوا إلى موطننـا الـصـغـير..
فــ لـطـخوا تُـرابـنـا..
وأعــدمـوا نـسـاءنـا..
ويـتـمـوا أطـفـالـنـا..
ولا تـزال الأمـم المـتحـدة..
ولـم يـزل ميثـاقها الخـطـير..
يـبـحـث في حريـة الشعـوب..
وحـق تقرير المــصـيـر..
والـمُـثل الـمـجـردة..
فـلـيـذكـر الصـغــار..
العـرب الـصـغـار..حيث يوجدون..
من ولِـدوا منهـم ومن سيولـدون..
قصـة إرهـابيـةٍ مجــنـدة..
يـدعـونـهـا راشــيـل..
حـلّـتْ محـلَ أمــيَ المـمـدة..
في أرض بيـارتنـا الخضـراء..في
الخـلـيـل..
أمــي أنـا..الـذبيحـةَ المستـشـهدة..
ولـيـذكـر الصـغـار..
حـكـاية الأرضِ الـتـي ضيعـها
الــكــبــار..والأمـم المـتـحـدة..
أكـتـبُ للصـغـار..
قـصـة بئـر السبـع..والخـلـيـل..
وأُخــتـيَ الـقــتـيــل..
هـنــاكـَ في بـيـارةِ الليمـون..
أُخــتـي الـقــتـيـــل..
هــل يـَـذْكُـرُ الليـمـون في الرمــلة..
وفـي الـلــد..
وفـي الخــلـيـل..
أُخـتـيَ التـي علـقـهـا الـيـهـود فـي
الأصــيــل..
من شـعـرهـا الطويـــل..
أُخـتـي أنــا..نـــوار..!
أخـتـي أنــا..الـهـتـيـكةَ الإزار..
عـلـى رُبــى الرمـلـة والجــلـيـل..
أُخـتـي التـي مـازال جـرحـها الطـليـل..
مــازالَ بانـتــظــار..
نـهــارِ ثــأرٍ واحـــدٍ..نـهــار ثــار..
عــلـى يــد الـصـغــار..
جـيـلٌ فـدائـيٌ مـن الـصـغار..
يــعــرفُ عـن نــــوار..
وشـعـرهــا الـطـويــل..
وقـبـرهــا الضـائعِ في القـفـار..
أكـثـر مـما يـعـرف الـكـبـار..!
أكــتـبُ للـصــغـار..
أكــتـبُ عن يـافا..وعن مرفأها القديم..
عـن بـقـعـةٍ غالــيـة الـحـجـار..
يُــضــيءُ بــرتــقــالـهــا..
كــخـيــمــةِ الـنـجـــوم..
تـضـمُ قـبـر والــدي..وإخوتـي الصغار..
هــل تعـرفـون والـدي..وإخـوتـــي
الــصــغـــار..؟..
إذ كـان في يـافـا لـنـا حـديـقـةٌ ودار..
يــلـفـهــا الــنــعــيــم..
وكـان والــدي الرحــيــم..
مـزارعـاً وشـيـخـاً..يحـب الشـمـس
والــتــراب..
واللــه..والــزيتـون والـكـــروم..
كـان يـحـب زوجــه وبيــته..
والــشـجـر المُـثْـقَــلَ..بالـنـجــوم..
وجــاءَ أغــرابٌ مـع الغــيــاب..
من شــرق أوربــا..ومن غــيـاهب
الســجــون..
جــاءوا كــ فـوجٍ جـائـعٍ من الـذئـاب..
فـأتــلـفــوا الــثـمــار..
وكــسـروا الـغــصـون..
وأشـعـلوا الـنـيـران في بيـادر
الــنــجــوم..
والـخـمــسـة الأطــفـال فـي
وجــــــوم..
وأشــتـعـلـتْ فـي والــدي
كـــرامـة الــتــراب..
فـــ صـــاح فـيــهــم:
أذهـــبــوا إلـى الجــحــيـم..
لــن تسـلبـوا أرضـي يـا سـلالـة
الـــكـــلاب..!
..ومــات والــدي الرحــيـــم..
بطـلقــةٍ سـددهـا كــلــبٌ من الكـلاب
عــلــيـــه..
مــــات والــدي الــعـظـيــم..
فــي الـمـوطــن العــظـيــم..
وكَفْــهُ مــشــدودةٌ شــداً إلــى
الــــتــراب..
فــلــيـذكـر الـصــغــار..
الــعــربُ الصــغــار حــيـثُ يـوجـدون..
مـن ولِــدوا منـهـم..ومن سـيـولدون..
مــا قــيـمــة الــتــــراب..
لأن فـي انتــظــارهــم..
مـــعــركــة الـــتـــــراب..
...........
|