22-11-2002, 02:13 AM
|
#3
|
شيخ نفساني
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1771
|
تاريخ التسجيل : 06 2002
|
أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
|
المشاركات :
5,426 [
+
] |
التقييم : 63
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
التكملــــــــة
14ـ ومن فوائد المرض : أنه يكون سبباً لصحة كثير من الأمراض ، فلولا تلك الآلام
لما حصلت هذه العافية ، وهذا شأن أكبر الأمراض ، ألا وهو الحمى وهي
المعروفة الآن بالملاريا ، ففيها منافع للأبدان لا يعلمها إلا الله ، حيث أنها تذيب
الفضلات وتتسبب في إنضاج بعض المواد الفاسدة وإخراجها من البدن ، ولا
يمكن أن يصل إليه دواء غيرها، يقول بعض الفضلاء من الأطباء: إن كثيراً من
الأمراض التي نستبشر فيها الحمى ، كما يستبشر المريض بالعافية ، فتكون
الحمى فيه أنفع من شرب الدواء الكثير ، فمـــن الأمراض التي تتسبب الحمى في
علاجها مرض الــــرمد والفالج واللقوة ـ وهو داء يكون في الوجه يعوج منه
الشدق ـ وزيادة على الصحة فهي من أفضل الأمراض في تكفير الذنوب ، ففي
مسلم عن جبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب ،
فقال : (( مالك ؟)) فقالت : الحمى ، لا بارك فيها ، فقال : (( لا تسبي الحمى
فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد )) وعند أحمد بسند
صحيح (( حمى يوم كفارة سنة )) [ عن ابن عمرو ] وفي الأدب للبخاري عن أبي
هريرة : (( ما من مرض يصيبني أحب إلى من الحمى )) لأنها تدخل في كل
الأعضاء والمفاصل وعددها 360 مفصلاً ، وقيل إنها تؤثر في البدن تأثيراً لا
يزول بالكلية إلا بعد سنة 0
15ـ ومن فوائد الأمراض : تخويف العبد ((ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا
لربهم وما يتضرعون )) [ المؤمنون : 76 ] ، ((وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون ))
[الزخرف: 48 ] ، فما ابتلاه الله إلا ليخوفه لعله أن يرجع إلى ربه ، أخرج الإمام
أبو داود عن عامر مرفوعاً : (( إن المؤمن إذا أصابه سقم ثم أعفاه منه كان
كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل ، وإن المنافق إذا مرض ثم
أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه )) 0
16ـ ومن فوائد المرض : أن الله يستخرج به الشكر ، فإن العبد إذا ابتلي بعد
الصحة بالمرض وبعد القرب بالبعد اشتاقت نفسه إلى العافية ، وبالتالي تتعرض
إلى نفحات الله بالدعاء فإنه لا يرد القدر إلا الدعاء بل ينبغي له أن يتوسل إلى
الله ولا يتجلد تجلد الجاهل فيقول : يكفي من سؤالي علمه بحالي !! فإن الله أمر
العبد أن يسأله تكرماً وهو يغضب إذا لم تسأله ، فإذا منح الله العبد العافية
وردها عليه عرف قدر تلك النعمة ؛ فلهج بشكره شكر من عرف المرض وباشر
وذاق آلامه لا شكر من عرف وصفه ولم يقاس ألمه ، فكما يقال : أعرف الناس
بالآفات أكثرهم آفات ، فإذا نقله ربه من ضيق المرض والفقر والخوف إلى سعة
الأمن والعافية والغنى فإنه يزداد سروره وشكره ومحبته لربه بحسب معرفته
وبما كان فيه ، وليس كحال من ولد في العافية والغنى فلا يشعر بغيره 0
17ـ ومن فوائد المرض : معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله ، فأهل
السموات والأرض محتاجون إليه سبحانه ، فهم فقراء إليه وهو غني عنهم ولولا
أن سلط على العبد هذه الأمراض لنسي نفسه ، فجعله ربه يمرض ويحتاج ليكون
تكرار أسباب الحاجة فيه سبب لخمود آثار الدعوى وهو ادعاء الربوبية ، فلو
تركه بلا فاقة لتجرأ وادعى ، فإن النفس فيها مضاهاة للربوبية ، ولهذا سلط
الله عليه ذل العبودية وهي أربع : ذل الحاجة ، وذل الطاعة ، وذل المحبة ـ
فالمحب ذليل لمن أحبه ـ وذل المعصية ، وعلى كل فإذا مرض العبد أحس بفقره
وفاقته إلى الله كائناً من كان 0
لعلك تقول : هذه الأخبار ددل على أن البلاء خير في الدنيا من النعيم ، فهل
نسأل الله البلاء ؟ فٌول لك : لا وجه لذلك ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال دعائه لما أخرجه أهل الطائف : (( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ،
ولكن عافيتك أوسع لي )) ، وروى أن العباس لما طلب من الرسول صلى الله
عليه وسلم أن يعلمه دعاء فقال له : (( سل الله العفو والعافية ، فإنه ما أعطى
أحد أفضل من العافية بعد اليقين )) ، وقال الحسن : الخير الذي لا شر فيه
العافية مع الشكر ، فكم من منعم عليه غير شاكر ، وهذا أظهر من أن يحتاج
إلى دليل ، فينبغي أن نسأل الله تمام النعمة في الدنيا ودفع البلاء عنا ، لكن
إذا ابتلي العبد ببلاء فينبغي له الصبر والرضا بقضاء الله عليه 0
* أخيراً أختم هذه الرسالة بأن المرض نعمة وليس بنقمة ، وأن في المرض لذائذ:
1ـ منها : لذة العطف الذي يحاط به المريض والحب الذي يغمره من أقاربه
ومعارفه 0
2ـ ومنها : اللذة الكبرى التي يجدها المريض ساعة اللجوء إلى الله ، هندما
يدعوه مخلصاً مضطراً 0
3ـ ومنها : لذة الرضا عن الله عندما تمر لحظات الضيق على المريض وهو مقيد
على السرير ، ويبلغ به المرض أقصاه فيفيء لحطتها إلى الله كما حصل في
نداء أيوب ، فلا يحكم على المريض أو البائس بمظهره ، فلعل وراء الجدار الخرب
قصراً عامراً ، ولعل وراء الباب الضخم كوخاً خرباً 0
4ـ ومنها : لذة المساواة التامة ، فهي سنة الحياة ، فلا يفرق المرض بين غني
أو فقير ، فلو كان المرض سببه الفقر أو نقص الغذاء لكان المرض وقفاً على
الفقراء ، ولكان الأغنياء في منجى منه ، لكنه لا يعرف حقيراً أو جليلاً ، الناس
سواء 0
تمت هذه الرسالة ولله الحمد والمنة
نسأل الله من عظيم لطفه وكرمه وستره الجميل في الدنيا والآخرة ، ونعوذ به
من زوال نعمته وتحول عافيته وفجأة نقمته وجميع سخطه 0
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
موقع شمس الاسلام
البتار
|
|
|