عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2009, 04:19 AM   #1
اينار
المركز الثالث (عقد من ضياء)


الصورة الرمزية اينار
اينار غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18469
 تاريخ التسجيل :  09 2006
 أخر زيارة : 04-04-2024 (04:42 AM)
 المشاركات : 2,518 [ + ]
 التقييم :  71
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Hotpink
على الرفوف الخشبية



على الرفوف الخشبية


تراكمت كلمات على رفوف خشبية عَلَتها الغبرة في زوايا إحدى حجرات الروح التي لم تعد تذكر دفء أشعة الشمس .. أو نسمة هواء نظيفة عليلة منعشة .. أو حتى قبس بسيط من نور أو نار .. كلمات تراكمت حتى ماتت حروفها .. و تعفنت ..

.

بحركة مفاجئة فتحت عيني .. وكأنني كنت في الفناء وعدتُ للوجود في لحظة .. وأخذتُ أنظر بريبة وخوف إلى سقف الحجرة التي وجدتُ نفسي فيها .. أحاول أن أجد إجابة للسؤال " أين أنا .. ؟؟ " انتفضتُ من على الفراش الذي كان جسدي ملقى عليه .. وأخذتْ عينيّ تتجول هنا وهناك .. تتفحّص المكان .. لاشيء هناك من حولي لأتفحصه .. لاشيء .. وكأنه العدم ..

تَسارَعَتْ ضربات قلبي و تعالى صوت تنفسي من زفير يقتلع الروح ويلقيها خارج الجسد .. وشهيق يسحبها بعنف ويعيدها إلى مكانها بين الضلوع .. فقد أصبح الوضع مخيف .. قررتُ الصراخ .. علّ هذا الفراغ الذي تراه عينيّ يتمزق .. بفعل صخب الصوت .. وينقشع كـغيمة كانت تحجب أشعة الشمس بلباسها الداكن .. وأعود لواقعي المألوف .. فتحتُ فاهي حتى أقصاه لأصرخ بقوة .. ولكن .. كِدتُّ ألفُظ حنجرتي بدلاً من الصراخ .. وأنا مازلت لا أسمع شيئاً .. نعم .. إختفى الصوت من جوفي .. و أصبح المكان من حولي يمتد و يتسع .. كأنه يزداد عمقاً .. والظلمة تنتشر .. وصقيع يهب من كل مكان .. بَدَأتْ أطرافي ترتجف بشدة .. حتى هزتْ أدق عروق وأعصاب جسدي الضعيف .. أخذتُ أحبو للوراء .. تلقائياً .. من الخوف .. كأنْ استأخر من أَجَلي بضع ثوان .. و مالبث أن ارتطم جسدي بجسم صلب .. فنظرتُ خلفي .. وإذا به حائط كبير ضخم ممتد الأرتفاع .. ممتليء بالمئات من أرفف خشبية قديمة جداً معلقة عليه .. ترَاكَمَتْ على كل رف منهم حروف معدمة .. تنبعث منها رائحة كريهه .. وكأنها رائحة لأمل محروق .. حب مذبوح .. سعادة مخزونة نخرها السوس .. شيء من هذا القبيل .. فهي تكاد أن تكون رائحة مألوفة لأمثالي .. !!!!!

وأنا أستند بظهري على الحائط على الأرض .. أخَذَتْ ذراعيّ بضمّ ركبتيّ إلى صدري .. في حين أخذتْ رأسي بدفن نفسها بين كتفيّ .. وذلك إثر عاصفة الندم والخوف التي سرت في عروقي .. عندما تذكرتُ كلمات أخَذْتُ أقتلها في نفسي بدلاً من إحياءها في قلوب من هم في حاجة إليها ..

نظرتُ لأعلى الحائط من ورائي .. فقد شعرتُ بالأرفف من فوقي تزمجر و تتمايل .. تعلن نهاية خدمتها من تحمل أثقالها .. لتسقط .. فأخذ قلبي يدق طبول النهاية بكل قوة .. وحِسّ تنفسي يصدح عالياً بدلاً من صوتي الميت بــ " أفات الآوان .. أفات الآو .......... "

وفي لحظة .. كان الزفير الذي لا يتبعه شهيق ..

وبعد دوّي تساقط الأرفف وتحطمها .. ألبس الهدوء حلته للمكان .. ولم يعد هناك إلا حطام أخشاب .. تكوّمت في مكان فارغ مظلم .. سال من خلالها خطوط دم محترق .. فاحت منه رائحة ندم شديد اختلطت برائحة الأرفف الكريهه .. وأنتشرت في الأجواء .. لتمنح لوحة الخطيئة هذه صفة الكمال ..

.

بصوت شهيق مرتفع .. انتفضتُ من على فراشي .. وأنا أترجى الروح بعودتها إلّيّ .. نظرتُ حولي .. وإذا بي في مكان جداً راااااائع .. حجرتي العزيزة .. التي كان ضوء الله ينيرها .. من خلال خطوط من أشعة شمس الصباح التي نفذت من وراء ستائر نافذتي .. تنهدتُ براحة كبيرة .. ثم ألقيتُ برأسي على وسادتي .. أنظر للسقف .. وأنا أتمتم بالدعاء ..

.

قال الله تعالى :- (( وقولوا للناس حسناً ))

قال صلى الله عليه وسلم: (( اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ))



رانيا
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس