عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2009, 12:00 AM   #1
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue
تحرير مفهوم الوسطية وبيان حقيقتها ,,





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








,, الشباب والوسطية ,,





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ،،

الوسطية اعتدال بين الافراط والتفريط ، والفضيلة وسط بين رذيلتين، والعدل وسط بين الحيف والجور ، وما زاد عن حده انقلب إلى ضده. والإسلام دين الوسطية والاعتدال في كل شيء، في العبادات والعادات والمعاملات وفي المنع والعطاء وفي الغضب والفرح، وفي إشباع الغرائز وكبح جماح الشهوات والرغبات ، وفي سائر الأحوال.
والمشكلة أن الكل يدعي الوسطية .

وكلا يدعي الوصل بليلى ... وليلى لا تقر له بذاكا

فالكل يزعم أنه بعيد عن الإفراط ومجانب للتفريط ، بل يتهم غيره إما بالإفراط وإما بالتفريط. فالتكفيريون يزعمون أنهم على الوسطية ، وأنهم غيرهم مفَرَّطون ، والليبراليون يلبسون ثوب الوسطية ويدعون أن من سواهم مفْرِطون ، وكل الفرق والجماعات والنحل حتى تلك التي اتفقت الأمة على ضلالها تزعم أنها على الوسطية وأن من سواها متطرفون .
ولذا بات من الملح تحرير مفهوم الوسطية وبيان حقيقتها لكي يتضح أصحاب المنهج الوسطي الحقيقي ويتميزوا عن أدعياء الوسطية .

معنى الوسطية : الوسط في اللغة يدل على عدّة معانٍ، ولكنها مُتقاربة في مدلولها. يقول المناوي في التعاريف: ( الوسط ما له طرفان متساويا القدر ويقال ذلك في الكمية المتصلة كالجسم الواحد وفي الكمية المنفصلة كشيء يفصل بين جسمين، والوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان كالجود بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الإفراط والتفريط فيمدح به نحو السواء والعدل وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ذكره الراغب وقال الحرالي الوسط العدل الذي نسبة الجوانب إليه كلها على السواء فهو خيار الشيء ومتى زاغ عن الوسط حصل الجور الموقع في الضلال عن القصد) . (التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي 1/725) .
وقال الرازي في مختار الصحاح (ص 300): (الوسط من كل شيء أعدله ومنه قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي عدلا وشيء وسط أيضاً بين الجيد والردئ) .

والوسطية اصطلاحاً : قال ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } قال : الوسط ههنا الخيار، والأجود كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً، أي خيرها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه، أي أشرفهم نسباً، ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها ، ولما جعل الله هذه الأمة وسطاً، خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس }. (تفسير ابن كثير 1/258) .
وقال الشوكاني في فتح القدير عند نفس الآية : (الوسط الخيار أو العدل، والآية محتملة للأمرين، ومما يحتملهما قول زهير:

هم وسط ترضى الأنام بحكمهم ... إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

ومثله قول الآخر:

أنتم أوسط حي علموا ... بصغير الأمر أو إحدى الكبر

ولما كان الوسط مجانياً للغلو والتقصير كان محموداً: أي أن هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في عيسى ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم، ويقال فلان أوسط قومه وواسطتهم: أي خيارهم) . (تفسير الشوكاني 1/234).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية في باب إيمان الفرقة الناجية(ص 34): (أهل السنة والجماعة يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم . فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة. وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم. وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم . وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج).
ويتَّضح من المعنى اللغوي وكلام العلماء تضمن مفهوم الوسطية لمعنى الخيرية والبينية، ومن خلال ذلك ندرك المعنى الصحيح لمفهوم الوسطية ، مع الأخذ في الاعتبار أن البينية المقصودة في هذا المضمار إنما هي البينية بين طرفين مذمومين كالبخل والإسراف، والجبن والتهور، والغلو والتطرف والجوع والتخمة ... ألخ .
‏فالوسطية تنافي الغلو وتضاده ، بل تنهى عنه وتحذر منه ، ولا نعني بالغلو هنا الاجتهاد في عبادة الله قدر الوسع والطاقة ، بل المقصود بالغلو : المبالغة في التماس ذلك بطرق لم تشرع ، كما هو الحال في رهبانية النصارى . عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تشدّدوا على أنفسكم فيُشدِّد الله عليكم، فإنَّ قومًا شدِّدوا على أنفسهم فشدِّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدّيار {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}. رواه أبو داود.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع: " هلمّ القط لي الحصى، فلقطت له حصيات من حصى الحذف، فلمَّا وضعهَّن في يده قال:" نعم بأمثال هؤلاء وإيّاكم والغلوّ في الدّين فإنَّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدّين". رواه النسائي . قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: ( وقوله " إياكم والغلو في الدين " عام في جميع أنواع الغلو ، في الاعتقادات والأعمال . والغلو : مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء ، في حمده أو ذمه ما يستحق ونحو ذلك.والنصارى أكثر غلواً في الاعتقادات والأعمال ، من سائر الطوائف ، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن ، في قوله تعالى { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم }).(اقتضاء الصراط المستقيم 292 ).وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" هلك المتنطّعون ، قالها ثلاثًا " رواه مسلم. قال النووي: هلك المتنطّعون: أي المتعمِّقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم . (شرح مسلم للنووي 16 /220)


يتبعـ ,,

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس