عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2009, 08:46 AM   #2
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


والغلو هو المبالغة في الشيء، والتـشـديــد فيه بتجاوز الحد وحقيقته: المبالغة في ممارسة التدين ، وليس خروجاً عنه في الأصل .
ويخطئ من يظن أن طلب الأكمل في العبادة من الغلو ، بل الغلو هو تجــاوز الأكمل إلى الأشق.
من صور الغلو :
- المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو تضييع الواجب .
- إلزام النفس أو الناس بما لم يلزمهم به الله .
- كثرة الاشتغال في المختلف فيه مع إهمال المجمع عليه علماً وعملاً .
- الاشتغال بمسائل الفروع على حساب الأصـول .
- كثرة الافتراضات والسؤال عما لم يقع .
- التعصب للرأي أو الشيخ أو المذهب .
- الغلظة والجـفــــــاء والخشونة في غير الجهاد وإقامة الحدود .
- سوء الظن بالآخرين .
مجالات الغلو : قد يكون الغلو في :
- فقه النصوص ، كما في حديث انس رضي الله عنه قال: " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني ". متفق عليه.
فائدة : من وسطية الإسلام في تحريم صوم الدهر أنه يحث المسلم على أن يأخذ نصيبه من الدنيا{ولا تنس نصيبك من الدنيا}، والغلو في عبادة الصوم بصيام الدهر كله ينافي ذلك .
- وقد يكون الغلو في الأحكام ، كالغلو في مفهوم الجهاد . ومعلوم أن الجهاد لم يشرع لأجل القتل ، فالقتل ليس غاية في الإسلام، وإنما شرع الجهاد لتحقيق المصالح أو دفع المفاسد ، فإذا غلب على الظن أو تيقن أن الجهاد لا يحقق المصلحة المشروعة أو لا يدفع المفسدة المتوقعة ، لم يجز حينئذ. ومن المصالح التي شرع الجهاد لأجلها :
أ ـــ رد العدوان قال تعالى { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِبِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَمَعَ الْمُتَّقِينَ }وقال تعالى{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَبَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُيُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُإِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } وقال تعالى { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}.
قال السعدي رحمه الله : ( كان المسلمون في أول الإسلام ممنوعين من قتال الكفار ومأمورين بالصبر عليهم لحكمة إلهية فلما هاجروا إلى المدينة وأوذوا وحصل لهم منعة وقوة أذن لهم بالقتال كما قال تعالى {أذن للذين يقاتلون } يفهم منه أنهم كانوا قبل ممنوعين فأذن الله لهم بقتال الذين يقاتلونهم وإنما أذن لهم لأنهم ظلموا بمنعهم من دينهم وأذيتهم عليه وإخراجهم من ديارهم وإن الله على نصرهم لقدير فليستنصروه وليستعينوا به). (تفسير السعدي 1/539) .
ب ـــ تحقيققوله تعالى {لا إكراه في الدين} بإفساح المجال أمام حرية المرء لاختيار الدين الذي يراه كما قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}فانعدام حرية التدين يستلزم الإكراه وهذا ما نفاه الله عز وجل .
والعجيب أن البعض يهاجمون الإسلام لأنه شرع الجهاد - بضوابط صارمة - لحماية حرية المعتقد ، ولا يستنكر على أمريكا ومن سبقها من الدول الاستعمارية التي تبرر لنفسها احتلال الدول الأخرى إما بحجة نشر الديموقراطية أو بحجة حماية حقوق الإنسان وما شابه من الحجج ، لتخفي حقيقتها أهدافها ومطامعها في ثروات ومقدرات هذه الدول .
ج ـــ شرع الجهاد لرفع الظلم ، قالتعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَمِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَاأَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْلَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا }.
لكن الغلو في مفهوم وأحكام الجهاد أدى بالبعض إلى التطرف ، وتشويه هذه الشعيرة ، فرفعوا راية الجهاد في معارك لا تتحقق فها شروط الجهاد المعتبرة .
وكان أول من شوه الجهاد الخوارج الذين قتلوا الخليفة عثمان رضي الله عنه وقتلوا علياً رضي الله عنه بعد أن قاتلوه ، ولم يكن يشفع لهم طيب المظهر والتحلي بالتقوى والاجتهاد في العبادة ، ولذا حذر الصحابة منهم وأمن الناس شرهم وانحصرت فتنتهم في بضعة آلاف تم استئصالهم .
ثم جاء الخوارج المعاصرون فشوهوا مفهوم وصورة الجهاد من جديد ، حين جاهدوا في مدن المسلمين ودمروا مساكنهم وأحرقوا ممتلكاتهم وقتلوا أطفالهم ، وانخدع كثير من الناس بخطاب القاعدة الحماسي وتورط عدد من الشباب وحملوا الفكر الخارجي للقاعدة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
وقبل هذا في حرب تحرير الكويت ، اعتبر البعض أن ما فعله صدام هو من الجهاد في سبيل الله وأنه مرحلة في معركة تحرير فلسطين ، فأيدوا الاحتلال العراقي للكويت متوهمين أن الطريق إلى القدس يمر عبر الكويت .
وفي حرب العراق الأخيرة ، سافر بعض الشباب إلى العراق بحجة الجهاد ، فانتقم منهم العراقيون أنفسهم ، لأنهم رأوا أن هؤلاء الشباب يدافعون عن نظام صدام الإجرامي باسم الجهاد .
د ـــ ومن الغلو : عدم الأخذ بالرخص الشرعية . معلوم أن من وسطية الإسلام الترخيص لأصحاب الأعذار يما يناسب حالهم.
والرخصة في اللغة معناها اليسر والسهولة. وفي الشريعة: "مَا أُرْخِصَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا" (المستصفى للغزالي 94) . وإنما شرع الإسلام الرخص لرفع الحرج والمشقة ، ورفع الحرج مقصد من مقاصد الشريعة وأصل من أصولها {ما جعل عليكم في الدين من حرج } .
فالشارع لم يكلف الناس بالتكاليف والواجبات لأجل العنت والمشقة. كتناول الميتة عند الاضطرار، وسقوط الصوم عن المسافر ، وقصر الصلاة المفروضة في السفر، فتصلي الصلاة الرباعية بركعتين فقط حال السفر. والمسح على الخفين في الوضوء، والتيمم بالتراب إذا فُقد الماء للوضوء أو إذا كان المسلم مريضاً.
والناس إزاء الرخص ما بين مفرط وغال :
- فالمفرط لا يصلي في السفر البتة،بينما نجد الغالي يصلي الرباعية كاملة دون الأخذ بالرخصة، وربما أضاف إليها الرواتب مع أن السنة تركها في السفر.والوسط هو الأخذ بالرخصة بقصر الرباعية وترك الرواتب .
- والمفرط يشرب الخمر دون ضرورة، بينما يمتنع الغالي عنها حتى لو ذهبت نفسه.والوسط هو الأخذ بالرخصة بشربها عند الضرورة لإساغة اللقمة إذا علقت في الحلق أو لإذهاب عطش يفضي إلى الهلاك مع عدم وجود الماء .
- والمفرط يتساهل في كثير من العبادات الواجبة وربما فرط فيها وترك بعضها، بينما نجد الغالي يحمل نفسه ما لا تطيق من التكليف. والوسط هو العمل بالقاعدة الشرعية لا تكليف إلا بما يستطاع ، فلا ينبغي للعبد أن يحمل نفسه ما لا تطيق . عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " فَلَا تَفْعَلْ ! صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ" .قال عبدالله : فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: " فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ " .قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ:" نِصْفَ الدَّهْرِ".فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري .
- والمفرط إذا أفطر في السفر لا يقضي بينما نجد الغالي يصوم في السفر رغم المشقة والعنت أو المرض.والوسط هو الأخذ بالرخصة فيفطر إذا سافر. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَصَامَ بَعْضٌ وَأَفْطَرَ بَعْضٌ، فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ وَعَمِلُوا، وَضَعُفَ الصُّوَّامُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ : " ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ" رواه مسلم .
- والمفرط ربما تساهل في إسباغ الوضوء أو في الطهارة الواجبة حتى تفوت المكتوبة، بينما يقود الجهل بأصحابه إلى التشدد والهلاك.والوسط هو الأخذ بالرخصة فيمسح على الجرح والجبيرة ، ويتيمم إن عدم الماء أو تضرر من استعماله . عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ : هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا : مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ.فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ : " قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ !! أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ . إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ يَعْصِبَ - عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ". رواه أبو داود وحسنه الألباني .
الأمثلة كثيرة جداً ... وكلا الطرفين أخطأ من حيث ظن أو وهم أنه يحسن صنعاً . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته" رواه أحمد ، وفي رواية الطبراني في الأوسط : "كما يحب أن تؤتى عزائمه".

يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس