03-12-2009, 08:49 AM
|
#4
|
V I P
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 5696
|
تاريخ التسجيل : 02 2004
|
أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
|
المشاركات :
8,386 [
+
] |
التقييم : 87
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
وفي مقابل الغلو ، نجد أن البعض وقع في التفريط والجفاء:
والتفريط هو: التضييع والتقصير.والجفاء هو: الترك والبعد. كالتساهل في القيام بما أوجب الله من الصلاة على وقتها وصوم رمضان وأداء الزكاة الواجبة ، وترك السنن ، أو إهمال تربية الأولاد، وترك الأخذ بالأسباب، والغلظة في المعاملة، والسلبية اتجاه واقع المسلمين
ويبدو خطر التفريط في كونه عين العجز والكسل، ولا يتحقق به أمر الله تعالى {خذوا ما آتيناكم بقوة}. ولأنه يفوت على صاحبه كثيراً من الأجر والثواب ويحرمه من كثير من الدرجات، وربما عرضه للوعيد والعقوبة، أو جره إلى الانحراف والانتكاس .
وقد يكون التفريط بسبب الدعوة إلى الليبرالية وما يكتنفها من دعوات إلى عدم التحاكم إلى الشريعة ، والدعوة إلى التساهل بالتدين . وما سوى ذلك من دعوات المفسدين الذين جعلوا تثبيط المسلمين عن الطاعة وجرهم إلى المعاصي والفساد هدفهم من أهدافهم في معركتهم لفرض العلمانية .
وقد يكون التفريط بسبب الكسل : ولذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل. والكسل الناتج من إيثار العاجلة ونسيان الآخرة ظلم للنفس .
وقد يكون سببه الجهل: وهذا داء عضال لا علاج له إلا بالعلم ، ويعظم خطره إذا كان الإخلال بالقدر الواجب من العلم .
وقد يكون السبب هو الهروب من تهمة التطرف والغلو .
من أخطار الغلو والتفريط :
1- كراهية الناس لدينهم ونفورهم منه . قال صلى الله عليه وسلم : "إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة " . رواه البخاري .
2- التساهل في أداء ما أوجب الله {خذوا ما آتيناكم بقوة } أو الفتور أو الانقطاع، فالطاقة محدودة والعمر قصير والإنسان ضعيف.قال صلى الله عليه وسلم " إن الدين يسر ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة ". رواه البخاري .
3- التقـصـيـر فـي الحقوق والواجبات الأخرى، وانظر قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عـمـرو رضي الله عنهما: "فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام)..؛ (فإن لزوجك عليك حقّاً، ولزورك عليك حقّاً، ولجسدك عليك حقّاً ". رواه مسلم .
4- تضييع العمر فيما لا فائدة فيه، بل ما فيه الضرر.
ولا عاصم من ذلك كله إلا بالتمسك بالوسطية . وحقيقتها : اتباع الكتاب والسنة ، فهما الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال ، قال تعالى { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِيهِيَ أَقْوَمُ } . وقال عز وجل { وَكَذَلِكَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُوَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء}. وعن العرباضِ بنِ ساريةَرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنّهُ مِن يعش مِنكمْ فسيرى اختلافًا كثِيرًافعليكُم بسنتي وسُنًَّةِ الخلفاءِ الراشدين المَهْدِيِّين عضّوا عليها بالنواجِذِوإيّاكم ومحدثاتِ الأمور فإنّ كلّ َبدعةٍ ضلالة " .رواه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله
الوسطية هي الصراط المستقيم الذي أمر الله به ، بل لا يمكن فهم تحقيق الوسطية دونه .
ففي سورة الفاتحة جعله الله طريق الخيار الذين أنعم عليهم، بين طريقي المغضوب عليهم والضالين، وفي سورة البقرة ذكره ثم ربطه بالوسطية، فقال { يَهْدِي مَن يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } فالصراط المستقيم يمثل أعلى درجات الوسطية.
وقد أرشد القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسط ، وذم التقصير والغلو ، قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَاًمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ } وقال تعالى {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } ، والعدل في كل الأمور: لزوم الحد فيها، وألا يغلو ويتجاوز الحد، كما لا يقصر ويدع بعض الحق.
وإذا تأملنا النصوص الآمرة بالوسطية في أبواب عديدة تبين لنا مقصود الشريعة من الوسطية ، كما في قوله تعالى { وَالَّذِينَ إذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } وقوله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } وقوله { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً} ، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم :" اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ". رواه مسلم .
وبهذا يتبين أن الوسطية سمة ثابتة بارزة تشمل الشريعة كلها ، سواء في الاعتقاد أو في التشريع أو في العبادة أو في الحكم ، كما تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والأخلاق وفي المعاملات وفي كسب المال وإنفاقه وفي مطالب النفس وشهواتها.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
الشيخ : سعد البريك
|
|
|