الموضوع: المشنقة..
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2009, 11:52 PM   #1
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue
المشنقة..



المشنقة..
(بقلم : د. عبد العزيز غوردو)






التقديم/أيها الفصـــامي:



** 1 **
الذي أعرف أن الأموات عادة لا يتحدثون عما جرى لهم بعد الموت، أما أنا فسأعري كل شيء، قبل أن أعود إليه/الموت، مرة ثانية...
الذي أعرف أيضا أن بوابة الهروب من الجحيم كانت مصفدة بسلاسل حديدية ثقيلة، وجنازير ضخمة... والقلق كان يحاصرني باستمرار، أتقلب في فراشي طوال الليل، فلا أنام... لكن، ألا يعاني الجميع مشاكل في النوم في هذا العالم المجنون؟
الذي أعرف، ثالثا، أن الفوضى كانت في كل مكان: فوضى... فوضى... فوضى... ولا شيء على ما يرام... فمن توضع بين يديه هذه الفوضى ليعيد الأمور إلى نصابها... ليعيد ترميم العالم؟
في رحلة الدرجة الاقتصادية بين الحياة والموت... طُلِب مني أن أقرأ كتاب حياتي... لكني فتحت سيرتي الذاتية فلم أجد بها ما يقال حقا... ساد الصمت، ويدي كانت ترتجف كعصفور جريح وهي تقلب الصفحات الفارغة... وكان لا بد أن أكتب شيئا لأقرأه... وكان لا بد أن أفعل شيئا لأكتبه...
حسنا، قلت، لنلملم أشلاء الذاكرة من البداية، من الصفر، مما بعد الشعور بالعدم... ربما أبعد قليلا وربما أقرب... مثلما نراه كل يوم، في كل اتجاه، فنتساءل من أين نبتدئ، ولماذا؟ ونحن نعلم أن تاريخ المستقبل يكتب في الماضي دائما، كما في الجينات الوراثية، فمن يمنحني توكيلا بالكتابة والفعل؟
قلت: قبل أن أبدأ كانت لدي مشاكل في النوم، والكثير من القلق النفسي... وعقلي الخرب لم يكن يساعدني على تجاوز حدود قلقه، ولم يرد أن يتعلم النوم... أما حياتي فكانت سخيفة إلى حد العبث القاتل، وكريهة كنجيع الطمث...
كان الأمر مرعبا ومثيرا... كنت أعود إلى رحلتي خطوة.. خطوة، على رأسي مصباح دايفي، الذي ما عاد يحميني من ظلمة المكان ووحشته، بعد أن تحطم زجاجه... وقد غلبني الشوق والحنين إلى شعور افتقدته من زمن بعيد... شعور بالدفء والأمان باتت تفتقده مدائننا... وكنت مشوش الفكر حقا... مدائننا شبيهة بحشرات عملاقة، تسكنها الشياطين حينا ثم ترحل...
أنا أيضا كنت أريد أن أرحل، أو أن أغير شكلي: اختر لنفسك أي الأمرين شئت، فقد وقعت الكثير من الجرائم من حولك، وستبقى حبيس عقلك إن بقيت هكذا... أو بقيت هنا... فلتبحث عن عالمك الآخر.. وارحل...

" "
" "


(يتبع...)

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس