الموضوع: المشنقة..
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-12-2009, 11:50 PM   #9
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


ابنة سيـــدي



** 6 **

أنا غير عادي، مختل عقليا، شاذ سلوكيا، مركب عقد منذ الطفولة... ثم إني إلى كل هذا لا أعرف أين ولدت ولا متى... وكل ما أذكره، من طفولتي التعسة، جدران الملجأ القذرة، وجبين المربية المسطح وركبتاها القويتان... وليلة هروبي الباردة الطويلة...
أتيت من كل مكان... تنقلت بين العديد من المدن... وفي كل مدينة نزلتها كنت أجد من يفسد حياتي... كانت جميعها محبطة بالطريقة نفسها، وكنت أعرف بأن الأمر لن يختلف هنا، حيث نزلت أخيرا، قبل أشهر قليلة...
قبل نزولي زينوا لي مدن الخليج... وصفوها بالجنة حيث الخير يعم الجميع... حيث لا بكاء... لكني كنت أعرف بأن البكاء مثل الضحك، كلاهما له مجاله في الفرجة... وأن تكون مروض أسود، قد يعرضك ذلك للموقفين معا...
هنا، في جوهرة الخليج/الكويت، كما قالوا، كان علي أن أشق تاريخي في مسار مظلم، كالعادة...
إلى بيت أصيل كنت أنتمي، من يافا، هذا ما أخبروني به، أرغمني سادتي على امتهان البغاء، على أن أقدم الجعة للأنذال في حانات عمّان، وأتحمل تصرفاتهم المقرفة...
قالوا أنت بارد بلا مشاعر، ويحسن نفيك إلى كوكب "دلتا"، وهو كوكب مزقت النيازك صفحته... علك تتعافى من الاكتئاب الحاد الذي أرهقك طوال نصف قرن... بعد أن فشل عقار "الكيتامين" في ترويضك، وتركك وشأنك، تنطح قدرك...
وأنا راحل تحسست موضع وطني الذي فقدته مثلما يتحسس من فقد رجله موضعها، وهو ما يزال يشعر بوجودها.. أوصيتهم بالاعتناء بحديقة بيتي الخلفية، وأن يلغوا حجز جناحي في فندق "الوجه الباسم" الشبيه بأحذية الراقصات...
قلت: من يمتلك العصا يستطيع أن يرفع صوته أكثر من الآخرين، حتى عندما يكون كاذبا، أو غاصبا...
قلت، أيضا: الغضب ليس إلا الوجه الآخر للخوف... وجهه الذي يخفيه، والذي يشعره بالدفء الداخلي... أعني الحماية (أضفت)...
لكن ما فائدة النواح على شيء مضى، مهما كان جميلا؟ حتى لو كان مزيجا من الإسمنت المسلح البارد...
ماذا؟ ليس هناك من ينوح على إسمنت مسلح بارد؟
أعرف الكثير من الشعراء الذين بكوا على طلل خاو، كان من الممكن أن يكون إسمنتا لو تبدلت أزمنة الحضارة، وتبلدت مشاعرها، وهم لم يكونوا، على الأقل، جواسيس أو مخابرات.. كما يحصل مع الكثير من الشعراء اليوم...
" "
" "

(يتبع...)


 

رد مع اقتباس