عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2010, 10:13 PM   #2
عطر التفاؤل
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية عطر التفاؤل
عطر التفاؤل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 14623
 تاريخ التسجيل :  04 2006
 أخر زيارة : 10-08-2017 (11:30 PM)
 المشاركات : 4,252 [ + ]
 التقييم :  125
لوني المفضل : Cadetblue


السابع عشر: مجاهدة النفس حال الصلاة في تحضير القلب والتعقل في المعاني والتأثر والتفاعل بأحوال الصلاة المتنوعة والمصابرة في هذا المقام العظيم وعدم الاقتصار على فعل الحركات الظاهرة فإن من داوم على المجاهدة وبذل وسعه على ذلك فتح عليه قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). وقال أحد السلف: (جاهدت نفسي على الخشوع عشرين سنة فتمتعت بالصلاة عشرين أخرى).

الثامن عشر: ومن أعظم الأسباب المعنوية التي تجلب الخشوع في الصلاة ولذة العبادة الورع عن المكاسب المحرمة وتحري الرزق الحلال. فإن الرزق الطيب يرقق القلب ويبارك في العمل ويجعله مقبولا عند الله والكسب الخبيث يورث ظلمة في القلب ويمحق بركة العمل ويحرم العبد من اللذة والخشوع وهذا من باب العقوبة العاجلة للعبد.

هذا وإن الشيطان لعنه الله حريص أشد الحرص على إفساد عبادة المؤمن وإنقاص ثوابها بشتى الوسائل والطرق والأساليب الخفية فإن أقيمت الصلاة أدبر وابتعد عن المؤمن ثم إذا كبر العبد للصلاة أقبل عليه يفتنه في صلاته ويوسوس في قلبه ويحول دون عقله وفهم الصلاة تارة بتذكيره بالشهوات والملذات وتارة بتذكيره بحاله ودنياه وتارة يجعله يفكر في المصائب والعوائق التي اعترضت طريقه في الحياة وتارة يدخل الشك عليه في كم صلى من الركعات وتارة يجعله في حيرة من طهارته كما ورد في الصحيحين أن الشيطان يقول له : (اذكر كذا لم لم يكن يذكر من قبل حتى يضل الرجل ما يدري كم صلى). وهكذا كلما أغلق العبد باباً من الفتنة فتح عليه باباً آخر والمشروع للمؤمن حينئذٍ أن يستعيذ من الشيطان وينفث ثلاث مرات عن يساره ويقطع هذه الوساوس ولا يسترسل معها ويحاول جاهداً في إدراك أقوال الصلاة وأفعالها.

وإن أعظم ما يحول بين المؤمن وبين الخشوع في الصلاة أمران خطيران هما:
الأول: حب الدنيا والتعلق والفتنة بها بحيث يصبح قلب المؤمن مشغولاً ومغرماً بها مهموماً في جمعها وتحصيلها مغروراً بالتكاثر فيها فإذا دخل في الصلاة انصرف قلبه وعقله إلى التفكير والتشاغل بأمور الدنيا وافتتاح المشاريع ومتابعتها وحل مشاكلها إلى أن تمضي الصلاة بأكملها وهو لا يشعر بشيء والعياذ بالله.

الثاني: قسوة القلب وكثرة الذنوب فإن العبد إذا ابتلي بالمداومة على الذنوب وأدمن قلبه الشهوات قسا قلبه وصار في معزل وحاجز عن الانتفاع بمعاني القرآن وأذكار الصلاة. فإذا دخل في الصلاة لم يعقلها ولم يخشع بها لأن قلبه غير صالح ومهيأ لورود الحق والخير قد حجبته نار الشهوات وظلمة المعاصي والعياذ بالله. والمؤمن إذا أسرف على نفسه بالمعاصي عوقب بحرمانه من الخشوع في الصلاة وغيرها.

وينبغي على المؤمن إذا خلت صلاته من الخشوع والتفاعل والتأثر أن يحزن ويأسف ويندم على حصول التفريط منه وملازمته لحال الغفلة أشد من ندمه على فوات الدنيا ويسعى في إصلاح حاله ويوقظ ذلك فيه شعور التوبة والإنابة والرجوع إلى الله ومحاسبة النفس ومجاهدتها على الخشوع والسكينة.


 

رد مع اقتباس