05-01-2010, 06:29 PM
|
#14
|
عضو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 27460
|
تاريخ التسجيل : 04 2009
|
أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
|
المشاركات :
950 [
+
] |
التقييم : 50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
** 7 **
الكويت.. مرفئي الأخير... حيث حطت سفائني المحطمة الصاري... الممزقة الأشرعة...
الكويت.. أيتها الحبيبة الغارقة في الفساد، كباقي عواصم المنطقة... تتبعت بحزن مسارك الرديء: أهو انعكاس الفشل لدى سياسييك، كما الأخريات؟ أهو مجرد مصادفة أن أراك رابضة كأنثى وهي تقضي حاجتها بلا حراك؟ وأنا هنا أكاد أشم رائحتك الكريهة... تماما كالأخريات؟؟؟
كم قارورة عطر تحتاجين حتى تختفي رائحتك التي تزكم الأنوف؟
لم يقولوا.. لم يخبروني، لماذا تظل عواصمي رابضة في أماكنها بلا حراك؟
لم يخبروني لماذا على كل شيء في حياتي أن يكون كارثة معقدة؟
لم يخبروني لماذا كانت طفولتي قاسية بلا حنان، في مدن تضج أرصفتها بالنساء؟
ضرع الأرض أعجف، كأثدائهن.. كان، وحين ألقيت رأسي على صدرها لم تستقبلني غير صخور عارية جرداء... لملمت رأسي المشدوخة، ثم رحلت...
ولم يكن هناك أي داع للأسف، تماما كما أخبرني سيدي في العمل، عندما أخطأ في حقي... فلا داعي للأسف... لا داعي للأسف...
- تفقدْ مدخل الحديقة.. (أصدر أوامره) ثم ضغط دواسة سيارته الفارهة، وانطلق بسرعة.. يسبقه غروره...
صاحب القصر، سيدي، كما يحلو له أن أناديه... طويل عريض... ويبدو في عباءته البيضاء، من الخلف، كثلاجة ضخمة... يبتسم مثل راقصة رخيصة، ويدللـه الجميع... ويحب، مثل النساء، أن يتناول فطوره في السرير...
- قدماك كبيرتان... (قال)
- ماذا؟
- مثلي، قدماك كبيرتان...
- وماذا في ذلك؟
- صحيح، وماذا في ذلك؟
ابتسمت، وأنا في العادة أبتسم حتى لا أبكي، فخنق ابتسامتي:
- هل ستكتفي بابتسامة بلهاء؟
: أنت محظوظ... (واصل حديثه)
قلت: أنت لا تعلم كم أنا محظوظ فعلا؟
قلت أيضا: أهذه غرفتي؟
قال: وماذا تعتقد؟ خندق من الحرب العالمية الأولى؟
حسنا (قلت في نفسي) يفترض أن أتحول الآن إلى فأر تجارب... لكن حتى فئران التجارب قد تنعم بظروف عيش أفضل... لننتظر ونرى: ما الذي سيجربونه علينا هذه المرة؟
قال: ستذهب معي الآن إلى "السوق المركزية"...
قلت: أنا مرهق مما مر علي هذا اليوم، ثم إني لم أنم ليلة أمس فقد قضيتها متنقلا بين "الأسواق المركزية"، فعلا، رفقة سيدتي الصغيرة...
قاطعني: ستنام ليلة غد... ولا أحب أن تبدأ رحلتك معي هكذا...
لم أشأ أن أفعل هذا... ولم أشأ أن أفعل ذاك... وفي النهاية فعلتهما معا، فيما كانت كل خلية من جسدي تصرخ غاضبة من الأسواق المركزية...
الجو بارد داخلها/"الأسواق المركزية"، مع كل هذه المكيفات في كل جانب، وهذا الشيء الوحيد الذي يُصبِّرني عليها (لا أفهم لماذا غرفتي وحدها من بين كل جنبات القصر الفسيح لم يكن بها مكيف؟)
الأسواق المركزية ليست من ثقافتنا (قلت لنفسي كمن يخبرها) ولا نحن وصلنا إليها عبر تنمية ذاتية وتطور حقيقي... بل استوردناها من وراء البحر، معلبة جاهزة للاستهلاك، تماما كالمنتجات التي تحتويها... يتهافت الناس على الشراء، يكدسون العلب وأكياس البلاستيك داخل العربات... دون حتى أن يقرأوا مكوناتها، فقط لأجل التقليد أو المباهاة... لتتورم البطون من أثر المواد المسرطنة، وتنتشر البثور... وهم يحبون ذلك... هم يحبون كل شيء إلا بعضهم بعضا... وينافقون الجميع: ينافقون بعضهم وينافقون زعماءهم... وزعماؤهم ينافقونهم... يا لها من مفارقة؟ بل ربما كلمة النفاق ذاتها ليست مناسبة لشرح الوضع تماما... وهذه مفارقة أخرى...
وأنا أصبحت جزء من نفاق هذا العالم النتن... علي أن ألعب معهم هذا الدور الذي لا أجيده، ولم أجده يوما...
" "
" "
(يتبع...)
|
|
|