|
المريض النفسي بين مطرقة الجهل وسندان الشماتة
للأسف الشديد أننا في القرن (الواحد والعشرين) ولايزال إلى الآن من ينظر للأمراض النفسية، نظرة قاصرة ويصم صاحبها بالنقص وحتى بالجنون أحياناً، وللأسف ايضاً أن هناك من الأكاديميين والمتعلمين من ينظر ذات النظرة للمريض النفسي، وقد تكون هذه النظرة معقولة في عصور غابرة، ولكن أن يكون هناك في هذا الوقت الذي يشهد تقدماً علمياً وتقنياً وفكرياً من يحمل مثل هذا الفكر فإنها والله مصيبة.
وكيف بالله.. عليكم نريد أن يشفى هذا المريض ويقاوم مرضه ومشكلته، ويتقدم في علاجها، ونحن إما أن نطلق عليه أحكاماً جائرة وجاهلة، او إننا نشمت به ولانعطيه التقدير والاحترام الذي يستحقه، وهل المرض النفسي (عار) او عيب، وهل يختلف عن بقية الأمراض الأخرى، هل يختلف عن السكري او الضغط أو القلب، او أي مرض من الأمراض، اليست كلها (ابتلاءات) من الله ـ سبحانه وتعالى ـ يختبر بها عباده ويمحصهم بها، وهل منا من لم يصب يوماً بهذه العوارض، ولم تلم به يوماً كآبة او قلق او اعترته بعض الوساوس، فالبشر جميعهم معرضون لمثل هذه العوارض، وقد ابتلي بعض السلف والعلماء الأولون بشيء منها، ولكنهم كانوا يسمونها بغير أسمائها التي نتداولها الآن، رغم أنهم كانوا يحملون هم الدعوة، ورفعوا لواء العلم والدين حتى أوصلوه لنا، فهل كانوا ناقصين او عائشون على هامش السيرة، وقد تحدث الدكتور (طارق الحبيب) عن ذلك كثيراً في محاضراته.
والمريض النفسي.. على أقل الأحوال لديه (الشجاعة) ليتحدث عن مشكلته ويبحث لها عن الحلول، فهو يستحق التقدير على ذلك، وهناك من يعاني من كثير من (العقد النفسية) ولكنه يكابر وينكر وجودها ليظهر أمام الناس بمظهر (السوي) وهو يتعذب وينكوي بنارها من الداخل.
المريض النفسي.. مرهف وحساس جداً، وأي كلمة من الممكن أن تؤثر فيه، وأي تشجيع حتى لو كان بسيطاً، سيدعمه ويساعده على تجاوز محنته.
فهل نفعل ذلك.
شكراً للجميع.
|