31-01-2010, 11:36 AM
|
#5
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 19539
|
تاريخ التسجيل : 03 2007
|
أخر زيارة : 12-05-2014 (09:59 AM)
|
المشاركات :
421 [
+
] |
التقييم : 21
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ماذا يعني الخوف من الله؟
ولكن كيف وماذا يعني الخوف من الله؟
هل هو مجرد إزعاج للنفس بالمخاوف والآلام؟ أو تعقيد النفس وإشغالها بالقلق؟
كلا..
إن الخوف من الله منهج وسلوك..
1ـ انه يعني الالتزام بحدود الله وقوانينه، والفرار من المعاصي والذنوب والاعتداءات على الآخرين..
إن الخوف من الله هو الذي منع هابيل ابن آدم من البدء بالاعتداء، وقتل أخيه قابيل.. بينما تجرأ قابيل فارتكب أول جريمة قتل في تاريخ البشر، لأن قلبه كان خالياً من خشية الله، يقول سبحانه وتعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}( ).
والخوف من عذاب الآخرة هو الذي يعصم المؤمن من المعصية والانحراف..
{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}( ).
2ـ والخوف من الله ومن الآخرة يعني الاندفاع والإقبال على العمل الصالح الذي يرضي الله، ويسعد المؤمن في يوم القيامة، ويجنبه العذاب والشقاء..
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا..}( ).
3ـ وأخيراً فالخوف من الله يعني احتضان القيم الإلهية، والعمل على نشرها وتطبيقها، والاستهانة بكل قوة أو خطر يقف في طريق ذلك.. فالرساليون المخلصون الذين يجسدون حقيقة الخوف من الله في أجلى صوره ومظاهره، حينما يتحملون مسؤولية الرسالة، ويعملون من أجل الحق والحرية والتقدم..
يقول تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}( ).
الخوف: امتحان
إن الله سبحانه وتعالى يعلم أن الخوف سيكون حاجزاً أمام الكثيرين عن تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والإلهية.
يعلم أن الخوف هو منزلق أكثرية البشر، ودافعهم إلى المذلة والخنوع والاستسلام..
فلماذا أودع هذا الميل، وزرع هذه المشكلة في نفس الإنسان؟
الجواب:
بالإضافة إلى أن لهذا الميل النفسي (الخوف) أبعاداً إيجابية تكلمنا عنها في فصل آخر.. فإنه في بعده السلبي يرتبط بفلسفة خلق الإنسان ووجوده في هذه الحياة..
فالحياة قاعة امتحان، ومسرح ابتلاء لإرادة الإنسان وسلوكه، يقول تعالى:
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}( ).
لذلك يجب أن يعلم الإنسان حينما يواجه خطراً وصعوبة ومشقة، في سبيل دينه وكرامته، انه أمام امتحان وابتلاء، إن لم يتقمص الشجاعة والإقدام، ويتجاوز حاجز الخوف، فسيكون فاشلاً في ذلك الامتحان.. وماذا يعني الفشل في الامتحان الإلهي؟ انه الخزي والعذاب وسخط الله سبحانه وتعالى.
يؤكد القرآن على هذه الحقيقة قائلاً:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ}( ).
إن الشجاعة والصمود ليست فضيلة كمالية.. وإنما هي واجب إلهي.. والجبناء الذين يسقطون ويتهاوون عند حاجز الخوف، لا ينالهم عار الدنيا فقط، وإنما هم معرضون لنار الآخرة.. بينما يبشر الله الصابرين أمام الأخطار والمشاكل، بسبب رؤيتهم الإلهية للحياة، التي تتلخص في عبارة (( إنا لله وإنا إليه راجعون ))، هؤلاء الصابرون عليهم صلوات الله ورحمته وهم المهتدون..
والشجاع المؤمن الذي يتجاوز حاجز الخوف، تغمره لذة أعذب من لذة الانتصار، إنها لذة النجاح في الامتحان الإلهي، واستحقاق الأوسمة العظيمة، التي تحدثت عنها الآيات الكريمة.. وسام الصلاة والرحمة والهداية.
مهاجمة الخوف
كيف يتصرف الإنسان مع القوى المعادية، التي يتوجه إليه منها الخطر، ويخافها على سلامته وأمنه؟
هل يبقى سجين خوفه منها؟ أو يجتر تهيبه وخشيته؟
إن ذلك يعني القلق الدائم، والشعور المستمر بالضعف والعجز، وهذا بحد ذاته شيء خطير، لا يقل عن الخطر الذي يحذره الإنسان من تلك الجهة المعادية.. فانتظار الخطر وتوقعه، هو خطر بحد ذاته..
أليس من الأفضل الإعداد والتصميم على مهاجمة الخطر؟
إن التصميم على مهاجمة الخطر، تعني التخلص من قلق التوقع والانتظار، وأيضاً يعني صنع وتنمية القوة والقدرة الذاتية لمواجهة الخطر.. وهذا ما ينصح به القرآن الحكيم حيث يقول تعالى:
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}( ).
أي إذا كنتم تخشون خيانة أو اعتداء من جهة معادية، فلا تجلسوا قلقين في انتظار اعتدائهم وخيانتهم، بل أخرجوا إليهم، وواجهوهم، لتريحوا أنفسكم من هّمَّ الانتظار، ولتكسبوا الزمن في صالح تنمية قدرتكم واستعداداتكم..
ما أحوجنا وأحوج أمتنا إلى الاهتداء بهذه البصيرة القرآنية، إن إسرائيل الغاصبة، بقعة سوداء، يحيط بها بحر من ملايين المسلمين، ولكن سيطرة الجبن والخوف على النفوس، هو الذي يجعل الشعوب المسلمة تعيش القلق والاعتداءات المستمرة من قبل إسرائيل.. ولماذا؟
لماذا لا نهاجم إسرائيل ونصمم على إنهاء وجودها العدواني؟
لأننا نخاف القوة الإسرائيلية!! وسنبقى أسرى لهذا الخوف ما لم تهب جماهير الأمة متجاوزة حاجز الخوف والتهيب، متحلية بالشجاعة والإقدام.. والشعوب التي تعيش تحت رحمة الديكتاتورية والاضطهاد، لو أنها تعمل وتخطط لمهاجمة هذا الاستبداد ومواجهته، أليس ذلك أفضل من هذا الانتظار والقلق من؟
وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذ يقول: (( إذا هبت أمراً فقع فيه فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه )) ( ).
نعم إن انتظار الخطر أسوأ من الخطر نفسه.. والأفضل هو الهجوم على الخطر..
يقول (ديل كارنيجي): (( هناك شيء واحد مؤكد، هو أنك إن أردت أن تتعلم السباحة، فيجب عليك أن تلقي بنفسك في الماء )).
إن الهجوم على الخوف في ـ مواطنه ـ يؤدي إلى بتر غدة الخوف تماماً، وليس غريباً أن يكون الإجراء الصحي المتبع في العلاج النفسي، هو الدفع (بالخائف) إلى مواجهة نفسه عند حالات الخوف.
وإلى الآن، أثبتت التجارب ـ الإكلينيكية ـ بأن مرض الخوف أو الرهاب، لا يعالج إلا بواسطة الصدمات، والدفع بالمريض، لمواجهة المواقف الباعثة للخوف. وبشكل منظم، يستطيع المريض أن يُكون ثقته بنفسه، وبالموضوع الذي يخافه. وتعرف هذه العملية العلاجية عند الأطباء بـ: إعادة التعلم الشرطي.
فالشخص الذي يخاف من (الكلب) يمكن معالجته عن طريق، احتكاكه المتواصل والمنظم ـ بالكلاب ـ.. وتعتبر تجربة (جونس) (1934) من أنجح التجارب في هذا الميدان.
|
|
|