الموضوع
:
حمل كتاب كيف نقهر الخوف
عرض مشاركة واحدة
31-01-2010, 11:40 AM
#
8
انور محمود
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
19539
تاريخ التسجيل :
03 2007
أخر زيارة :
12-05-2014 (09:59 AM)
المشاركات :
421 [
+
]
التقييم :
21
لوني المفضل :
Cadetblue
وعن الإمام الصادق أنه قال: (( صلى رسول الله بالناس الظهر فخفف في الركعتين الأخيرتين فلما انصرف قال له الناس: هل حدث في الصلاة حدث؟ قال: وماذاك؟ قالوا: خففت في الركعتين الأخيرتين. فقال لهم: أما سمعتم صراخ الصبي؟ )) ( ).
هذا من الناحية الشرعية..
وأما الانعكاسات النفسية التي يتركها أسلوب التعامل الإرهابي مع الطفل، فإن ذلك يزرع في نفسه عقدة الحقارة، ويفقده الثقة بذاته، وينمو لديه إحساس بالحقد والانتقام، رداً على ما يعانيه من كبت وضغط..
ومن الآثار السيئة التي يتركها هذا الأسلوب الخاطىء، سيطرة الخوف والإرهاب على نفسية الطفل، وتكيفه مع هذه الحالة..
ويبدو أن أوضح تفسير لخضوع الناس للاستبداد والظلم، تكيف نفوسهم وانسجامها وتعودها على الخضوع للقوة والاستسلام للإرهاب.. لعدم وجود احساس داخلي بالتناقض مع تلك الأجواء!!
كيف تم ذلك؟
إنك حينما تلبث فترة من الوقت في مكان دافىء، ثم تخرج فجأة إلى مكان بارد، يشعر جسمك بالتناقض، ويصطدم بتغير الجو، وقد تمرض نتيجة لذلك.. هذا حينما تنتقل فجأة إلى جو مغاير للجو الذي كنت تعيش فيه، أما إذا لم يكن مغايراً فسيستقبل جسمك الجو الثاني بصورة طبيعية..
وكذلك الإنسان الذي ينشأ من صغره خاضعاً لإرهاب العائلة، تلاحقه السياط والزجر والشتم عند أي حركة أو تصرف.. ثم ينتقل إلى المدرسة حيث لا يقصر بعض المدرسين في مواصلة مسيرة الإرهاب والعنف ضد الطلاب.. ويتخرج هذا الشاب من الدراسة ليعمل في دائرة ومعمل.. وهناك لا حدود ولا قوانين تحميه من إرهاب المسؤولين.. فإذا ما عاش الإنسان الإرهاب في بيته والمدرسة ومحل العمل، فهل سيجد تناقضاً أو يحس اصطداماً مع أجواء الاستبداد العام؟!
إن الوضع السياسي لأي شعب من الشعوب، إنما هو مجموعة إفرازات وانعكاسات لحالة الشعب في سائر مجالاته الأخرى، وفي طليعتها مجال النشأة التربوية لأبناء ذلك الشعب، وصدق الحديث الشريف الذي يقول: (( كما تكونوا يُولى عليكم )).( )
في المقابل لو نظرنا إلى أسلوب التربية وطريقة التعامل مع الأطفال والأولاد في المجتمعات المتقدمة، لرأينا مدى احترامهم لأولادهم، واهتمامهم برعاية مشاعرهم النفسية..
يقول أحد الأصدقاء: أردنا شراء بيت في إحدى الدول الأوروبية، وحصلنا على بيت يشمل المواصفات التي نريدها، وبسعر مناسب، ولكننا حينما ذهبنا لرؤية البيت، اشترط علينا صاحبه أن لا نتحدث عن موضوع الشراء أبداً أمام طفلته، التي كان عمرها خمس أو ست سنوات!! فسألناه لماذا؟ قال: رغم أننا سننتقل إلى بيت أفضل ولكن نخشى أن تنجرح مشاعرها حينما تسمع عن إمكانية خروجها من هذا البيت الذي ألفته وأحبته!! قلنا: فكيف ستعملون عند الانتقال؟ قال: إننا سنمهد لذلك معها، ونهيئها نفسياً ليكون الانتقال إلى البيت الجديد شيئاً مرغوباً لديها!!
إن الطفل الذي ينشأ هكذا محترم الشخصية، ولرأيه ورغباته اعتبار واهتمام، سيكبر محترماً لنفسه، مدافعاً عن رأيه وحقوقه، وبذلك يصطدم مع أي أجواء تتعامل معه بطريقة تختلف عن الطريقة التي تربى عليها..
هذا عندهم..
أما عندنا فعلى العكس من ذلك تماماً، حيث يتربى الطفل غالباً في أجواء الخوف والإرهاب مما يجعله مستقبلاً للاستبداد طوال حياته، ويجعل نفسيته خاضعة لسيطرة الخوف، متربية عليه..
ثانياً: التخويف الكاذب
حينما لا يستجيب الطفل لإرشادات أهله يلجأون في بعض الحالات إلى تخويفه بأشياء وهمية ليستجيب لهم تحت ضغط ذلك الخوف.. فيخوفونه (بالجن) ويهددونه (بالشرطي) أو (البدوي)..أو (أم الخضر والليف).. أو ما أشبه.
والأسوأ من ذلك كله تخويف الطفل بالطبيب أو الحقنة أو الدواء.. مما يخلق مشكلة عويصة، عند مرض الطفل، واحتياجه لمراجعة الطبيب، أو تناول الدواء..
فتبقى نفس الطفل فريسة لمخاوف غامضة، وأشباح وهمية، وتستمر عادة لديه حالة الخوف من المجهول، والتهيب من الأشباح والأوهام، ولكن رموزها تختلف باختلاف مراحل عمر الإنسان.
انه أسلوب خاطىء ينمي صفة الخوف المفرط عند الإنسان.
ثالثاً: الدلال المفرط
كما أن احتقار الطفل، والتعامل الإرهابي معه، أسلوب خاطئ في التربية، فكذلك الدلال المفرط للطفل، هو الآخر أسلوب خاطئ..
إن الدلال المفرط يجعل الوالدين يظهران اهتماماً بالغاً ومضخماً بما يصيب الطفل، من مرض أو أذى، حتى ولو كان بسيطاً.. والذي يحدث هو تضخم الأمر في نفس الطفل، واعتقاده بخطورة ما أصابه، وتخوفه من عواقب ذلك..
فإذا ما أشرف الطفل على الوقوع مثلاً، وهو يمشي، أو من على مرتفع بسيط، تتصرف الأم بطريقة هستيرية مزعجة لتمسك به.. وإذا ما مرض يقيم والداه عند فراشه، يبديان الكآبة والألم تجاهه.. وإذا ما أصابه جرح أو أذى يقيمان الدنيا ولا يقعدانها..
إن لهذا الأسلوب آثاراً سيئة، من جملتها تهيب الطفل من أدنى خطر، وتخوفه من أبسط أذى..
يقول الإمام الباقر : (( شر الآباء من دعاه البر إلى الإفراط )).( )
ويهمنا التنبيه إلى أن تأثير عاملي الوراثة والتربية السيئة، في نمو حالة الخوف المفرط عند الإنسان، ليس تأثيراً حتمياً، تعجز أساليب التوجيه، وإرادة الإنسان عن مقاومته، بل الأمر لا يعدو وجود التهيئة والاستعداد في نفس الإنسان، وبإمكانه التغلب على هذه الحالة وإن عايشها فترة من عمره..
رابعاً: ضعف الإيمان
الإنسان الذي يؤمن بأن هناك قوة مسيطرة على الكون، وأنه مرتبط بتلك القوة الغالبة، فإن الأخطار والمخاوف مهما كانت كبيرة وعظيمة، ستتضاءل في نفسه وأمام عينيه..
يؤكد القرآن الحكيم هذه الحقيقة، باستعراضه لموقف المؤمنين الشجاع، أمام أشد المخاوف والأخطار.. يقول تعالى:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
يقول الإمام الصادق في تفسير هذه الآية: عجبت لمن يخاف شيئاً كيف لا يرجع إلى هذه الآية.( )
إن من يشعر ويعتقد بأن وراءه تلك القوة العظمى في الكون، لابد وأن يستهين بكل ما أمامه من قوى، فهي زائفة وضعيفة، أمام قوة الخالق الجبار.. وجميل جداً ذلك الحديث الشريف الذي يقول: (( من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء )).( )
ويقول أمير المؤمنين في صفة المتقين: (( عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم )).( )
وهذه الحقيقة وراء كل تلك المواقف الشجاعة، والملاحم البطولية، التي سطرها المؤمنون في صراعهم مع الباطل، عبر مسيرة التاريخ.
خامساً: الانشداد للدنيا والشهوات
إنما يخاف الإنسان على ما يهتم به ويحرص عليه.. وكلما كان اهتمامه وحرصه على شيء ما أكثر بنفس المقدار يكون خوفه من فوت ذلك الشيء أو تضرره. وبالنسبة للدنيا ومصالحها فإن خوف الإنسان المؤمن وحرصه عليها بمقدار حجمها في نفسه، بالإضافة إلى تطلعه إلى ما في الآخرة من خلود، وراحة دائمة، وشهوات باقية، ورضوان من الله أكبر..
ولذا فخوفه وحرصه على لذات الدنيا ومصالحها يكون محدوداً.. أما غير المؤمن فإن الدنيا هي رأسماله الوحيد، وليس لديه أي تطلع فيما وراء الدنيا، فشهوات الدنيا والراحة فيها، ومصالحها، تعني بالنسبة له كل شيء، إذ لا يمتلك بعدها شيئاً..
ومادامت الدنيا وشهواتها تمتلك هذا الموقع في قلبه، فإن أي تهديد يتوجه إلى دنياه وراحته فيها، يسبب له إزعاجاً، وخوفاً مرعباً..
وما أروع كلمة أمير المؤمنين حين يقول: (( من زهد في الدنيا استهان بالمصيبات )).( )
ومن هذا المنطلق كان علي نفسه يهزأ بالمخاوف، ويستهين بالمخاطر ويقول: (( والله لو اجتمعت العرب والعجم على قتالي لما وليت منها فراراً.. والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بمحالب أمه )).( )
لماذا؟ ومن أين حظي بهذه البطولة والشجاعة الفائقة؟
لنتأمل النص التالي حتى نكتشف مصدر بطولة (علي) وتغلبه على حاجز الخوف..
يروي (ضرار بن حمزة الضبائي) موقفاً شهده للإمام علي فيقول:
فاشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: (( يا دنيا.. يا دنيا.. إليك عني، أبي تعرضت؟ أم إليَّ تشوقت؟ لا حان حينك! غرّي غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها! فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر وعظيم المورد
)( )
إن غاية ما تصل إليه الأخطار، وأقصى ما تحمله المخاوف، هو إنهاء حياة الإنسان في هذه الدنيا.. وعند المؤمن لا يعتبر هذا الخطر مهماً، أو شديداً، مادام يسير في طريق الله ويتطلع لأجره وثوابه ورضوانه..
ولذا تبخرت وتلاشت كل تهديدات فرعون لسحرته الذين اهتدوا للإيمان، فحينما هددهم قائلاً:
فترة الأقامة :
6673 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
348
إحصائية مشاركات »
انور محمود
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.06 يوميا
انور محمود
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات انور محمود