31-01-2010, 11:42 AM
|
#9
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 19539
|
تاريخ التسجيل : 03 2007
|
أخر زيارة : 12-05-2014 (09:59 AM)
|
المشاركات :
421 [
+
] |
التقييم : 21
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
(كما يحكي عنه القرآن الكريم): {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}..( )
فأجابه المؤمنون بكل شجاعة وثبات: {لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}.( )
الفصل الثالث
مناطق الخوف في حياة الإنسان
الخوف عامل إيجابي في حياة الإنسان، إذا لم يسيء الإنسان استخدام هذا العامل، أو يفرط في ممارسته، فالخوف صفة وحاجة نفسية طبيعية، أودعها الله تعالى في الإنسان، لمصلحة حياته، فإن الإنسان إذا لم يكن يخاف فإنه لا يدفع عن نفسه الأخطار، ولا يقيها الأضرار، ولا يفكر لحماية مستقبله، ولصيانة نفسه، ولذا يقول الإمام علي : (( من خاف أمن )).( )
يعني بدافع من الخوف يسلك الإنسان طريق الأمان، ولكن المشكلة هي أن الإنسان يفرط في ممارسة الخوف، فيستعمله في غير مكانه، ويمارسه ممارسة زائدة عن الحد، (( وكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده )) ـ كما يقال ـ، والآن يهمنا الحديث عن بعض مظاهر الخوف المفرط في حياة الإنسان.
الخوف من الفشل
الإنسان لديه طاقات وكفاءات، ولديه طموح، والله تعالى وهب الإنسان القدرة على الطموح، انه يطمح إلى الرقي ويتمنى، لكن هناك دائماً مشاكل في طريق الوصول إلى ما يطمح إليه، وعلى الإنسان أن يشق طريقه، وأن يصارع ويواجه تلك المشاكل والعقبات، ويستطيع بالتالي تجاوزها والتغلب عليها ـ وتحقيق طموحاته وأمنياته، بيد أن فئة كثيرة من الناس، بمجرد أن يلحظوا أن هناك عقبات ومصاعب ومشاكل في طريق طموحاتهم وأهدافهم، فإنهم يتراجعون!! لماذا يتراجعون؟
ليس لأنهم فقدوا الطموح، وليس لأنهم فقدوا الطاقات والمؤهلات، وإنما لأن شعوراً داخلياً ينتابهم، شعور بالخوف من الفشل، يخشى أن يسير باتجاه تحقيق هذا الهدف، ثم لا يستطيع الوصول إليه، يخشى أن يتحرك من أجل تنفيذ عمل ما، ثم تحول العقبات والمشاكل بينه وبين تحقيقه.
قد يطمح الإنسان أن يصبح طبيباً، وله القدرة على الوصول إلى هذا الطموح، ولكن يواجه بعض المشاكل في الطريق، فالجامعة قد لا تقبله، وإذا قبلته فالمدرسون قد لا يحسنون التعامل معه، وقد يكون الامتحان صعباً عليه، وقد لا يستطيع أن يستوعب المواد، وقد.. وقد... وتتراكم هذه الاحتمالات في نفسه، فيخشى إن هو أقدم على دراسة الطب أن يفشل فيه، وأن لا ينجح في أن يصبح طبيباً، فيفضل أن ينسحب منذ البداية، وأن لا يسلك هذا الطريق، ولا يدرس الطب، لأنه يخاف الفشل؟ قد يكون للإنسان طموح أن يكون خطيباً جيداً، ولديه القدرة على ذلك، ولكن هناك متاعب وعقبات، وكل خطيب لم يصبح خطيباً إلا بعد أن مر بتلك المصاعب والعقبات، ولكن البعض يضخمون المصاعب والمشاكل في نفوسهم، يرددّون: أخاف أن ارتبك، أخاف أن أخطئ... أخاف أن لا يتقبل الناس خطابِتي.. أخاف أن لا أعجب الناس، وبناء على هذه المخاوف يتراجع من بداية الطريق، لأنه يخاف أن يفشل في أن يصبح خطيباً ناجحاً!!
كل إنسان لديه طموح، وكل إنسان يريد أن يكون عظيماً، أن يكون متقدماً، أن يكون متفوقاً، ولكن ليس كل إنسان يتخلص من عقدة الخوف من الفشل.
الخوف من الفشل، هو ذلك الحاجز الذي يحول بين الإنسان وبين تفجير طاقاته، وبالتالي بينه وبين الوصول إلى أهدافه وطموحاته وأمانيه.
ولكن لماذا الخوف من الفشل؟
أصل المشكل أن بعض الناس نفوسهم رهيفة لا تقبل الصدمة، نفوس متعودة على الدلال والراحة، ولذا تهرب من أي احتمال للمصاعب، وتتراجع عن أي طريق تعترضها فيه الصدمات والمشاكل. وإنما يخاف الإنسان الفشل لأن الفشل مضخم في نفسه، وحينما تكون الأمور بسيطة أمامك، فإنك لا تتهيب اقتحامها.
فمثلاً لو طلب منك أن تمشي مشواراً محدوداً (نصف كيلومتر)، فإنك لا تخشى ذلك لأن القضية بسيطة في نفسك. ولكن لو طُلب منك أن تمشي (عشرة كيلومترات) فإنك مبدئياً في داخل نفسك تتهيب هذا الأمر، لأنك ترى الموضوع صعباً.
لا تتهيب الفشل
إن أفضل علاج للفشل أن لا يتهيبه الإنسان، فليس مشكلاً كبيراً، أن يفشل الإنسان، وأساساً لماذا لا تريد أن تفشل في حياتك؟ لماذا لا تريد أن تصطدم في حياتك؟ إن طبيعة الحياة وسنتها: أن الإنسان لا يصل إلى النجاح إلا بعد أن يجتاز وديان الفشل.
هل يمشي الإنسان سوياً على قدميه من أول يوم يخرج فيه من بطن أمه؟ كلا... فهو يعيش فترة لا يستطيع المشي فيها، ثم يحبو ثم حينما يحبو، ويحاول المشي لفترة شهور يقوم ويقع، يحاول المشي فلا يستطيع، يحتاج إلى من يمسكه حتى يستطيع المشي.
ألا تلاحظون حياة الطفل حينما يريد المشي؟ ولو أن طفلاً من الأطفال قال أنا غير مستعد أن أحاول المشي وأقع، فأنا لا أحاول المشي إلا إذا توفرت لي الضمانات الكافية لكي أمشي سوياً من أول مرة، فهل يستطيع ذلك الطفل أن يمارس المشي على قدميه؟ كلا...
بل عليه أن يتحمل لفترة من الزمن التعثر في المشي والوقوع.
وأنت لماذا تخاف الفشل؟
وماذا يحصل لو فشلت؟
لماذا يكون الفشل بُعبعاً في نفسك؟
إذا نظر الإنسان إلى الفشل كأمر طبيعي، ولم يضخمه في نفسه، فإن عقدة خوف الفشل تتلاشى من قلبه، ولكنه إذا تضخم الفشل، وصارت هذه العقدة عند الإنسان، حُرم الكثير من المكاسب، وأصيب بالخيبة في حياته. كما يقول الإمام علي (( قُرنت الهيبة بالخيبة )).( )
الذي يخاف الفشل يصبح خائباً في حياته، لا يتقدم، ولا يتفوق، ولا تتفجر طاقاته، فعلى الإنسان أن لا يضخم قضية الفشل في نفسه، وأن لا يجعل نفسه ناعمة، تخاف من الصدمة والصعوبة، فالإمام علي يقول: (( إذا هبت أمراً فقع فيه )) ( )، انظر إلى الأشياء التي تخاف منها، ومارسها، حتى تكسر هيبة الفشل في نفسك، وقد دلت التجارب على أن أكثر الأشياء التي يتهيب الإنسان منها أو يخاف الفشل فيها يستطيع النجاح فيها إذا أقدم عليها.
إذن الخوف من الفشل سببه تضخيم قضية الفشل في نفس الإنسان وعندما يبدأ الإنسان يتخيل ويجتر صور الفشل، هنا تصبح لدى الإنسان عقدة الخوف في النفس. فيصبح الخوف لديه مرضياً.
البُعد الإيجابي للفشل
في بعض الأحيان يكون الفشل عنصر خير في حياة الإنسان، فهو الذي يكشف للإنسان نقاط ضعفه، وينبهه إلى الثغرات الموجودة في عمله... بينما استمرار الإنسان في تحقيق المكاسب والانتصارات، قد يخلق في نفسه الغرور، ويضعف من اهتمامه بالتقدم، ورفع مستوى العمل، وقد أشار القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة عند حديثه عن النكسة التي أصابت المسلمين في واقعة (أُحد) يقول تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا...}( ).
إنه تعالى يوبخ المسلمين على تعاملهم السلبي مع الهزيمة، ويوجههم إلى الاستفادة الايجابية منها، بالعودة إلى أنفسهم {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}( ) واكتشاف النواقص والسلبيات التي اكتسبتها بعد تحقيق الانتصارات السابقة...
ثم تتحدث الآيات عن البُعد الإيجابي للهزيمة في معرفة الثغرات المخبوءة داخل المجتمع الإسلامي، وفرز العناصر المنافقة غير المخلصة، وتجلي صمود المؤمنين وثباتهم في مواقف المحنة والشدة { وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ}. ولعل كلمة الإمام أمير المؤمنين علي : (( سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك )) ( )، تشير أيضاً إلى هذه الحقيقة
|
|
|