الموضوع
:
حمل كتاب كيف نقهر الخوف
عرض مشاركة واحدة
31-01-2010, 11:44 AM
#
11
انور محمود
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
19539
تاريخ التسجيل :
03 2007
أخر زيارة :
12-05-2014 (09:59 AM)
المشاركات :
421 [
+
]
التقييم :
21
لوني المفضل :
Cadetblue
فيحمل الناس تلك الجثة الهامدة، ليودعوها حفرة عميقة في باطن الأرض، ثم يغطونها بالتراب، حتى تتساوى تلك الحفرة مع الأرض، أو ترتفع عليها قليلاً وبعد ذلك تنقطع كل معلوماتنا وارتباطاتنا ومعرفتنا بما يحدث لذلك الميت في أعماق الأرض...
رحماك يا رب..
كم هو معبر عن هذا المصير الغامض الذي ينتظر كل واحد منا ما أنشده الإمام علي الهادي حيث قال:
باتوا على قُلل الجبال تحرسهم
غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم
واسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم
أين الأساور والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة
من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين سآءلهم
تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وقد شربوا
فأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا
وطالما عمّروا دوراً لتسكنهم
ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادخروا
ففرقوها على الأعداء وارتحلوا
أضحت منازلهم قفراً معطلة
وساكنوها إلى الأجداث قد نقلوا
نعم إن ما بعد الموت أشد وأدهى من الموت، هناك الحساب والعقاب والجزاء... هناك الوقوف بين يدي الله يوم القيامة..
أفضل طريقة للتعامل مع الموت..
خطر الموت الحتمي يختلف عن سائر الأخطار التي يخافها الإنسان في أننا لا نستطيع أن نقدم أي مساعدة للإنسان من أجل مواجهة أو مقاومة الموت.. كما أننا لا نستطيع نزع هيبة الموت من نفس الإنسان وتشجيعه على عدم التخوف منه..
نعم يمكننا تقديم النصيحتين التاليتين من أجل تعامل أفضل مع هذا الخطر الذي لابد منه:
النصيحة الأولى: الاستعداد للموت
نحن كمسلمين نعتقد بلطف الله ورحمته، ونؤمن بالآخرة والحساب وبكل شؤون الغيب. لذلك يمكننا أن نستقبل الموت بنفوس واثقة مطمئنة حينما نلتزم بحدود الله ونطبق تعاليمه في هذه الحياة.. فأولياء الله لا يزعجهم الموت كثيراً بل يعتبرونه بطاقة دعوة لدخول جنة الله كما يقول تعالى:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}( ).
والنصوص الدينية تؤكد سهولة الموت ويسره على الإنسان المؤمن الملتزم، بينما تتحدث عن بشاعته وصعوبته بالنسبة للكافرين والظالمين.
بالنسبة لحال المؤمنين عند الموت يقول تعالى:
{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}( ).
أما الكفار والمنحرفون فلهم وضع آخر عند الموت، يقول عنه تعالى:
{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}( ).
(( فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ))( ).
1ـ وسأل رجال الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب :
ما بالنا نكره الموت ولا نحبه؟ فأجابه الإمام: إنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب..( )
2ـ وسُئل أمير المؤمنين : ما الاستعداد للموت؟
فقال: أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه! والله لا يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه!
)
3ـ قيل للإمام الصادق : صف لنا الموت.
(( قال: للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه، وينقطع التعب والألم كله عنه. وللكافر الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد )) ( ).
4ـ وعن رسول الله : (( لو أن مؤمناً أقسم على ربه عز وجل أن لا يميته ما أماته أبداً، ولكن إذا حضر أجله بعث الله عز وجل إليه ريحين: ريحاً يقال له المنسية. وريحاً يقال له المسخية، فأما المنسية فإنها تنسيه أهله وماله. وأما المسخية فإنها تسخي نفسه عن الدنيا، حتى يختار ما عند الله تبارك وتعالى )) ( ).
النصيحة الثانية: توظيف الموت
مادام الموت مصيراً حتمياً، ومستقبلاً طبيعياً لكل إنسان، فلماذا يترك الإنسان المبادرة بيد الموت ليفاجئه في أي لحظة، فيأخذ الإنسان دور الاستسلام والضعف، أمام هجوم الموت المتوقع؟!
أليس من الأفضل أن يستلم الإنسان المبادرة، ويأخذ دور الهجوم على الموت؟ وذلك حينما يحمل أهدافاً سامية، ويرفع لواء مقدساً، ويتبنى مسؤولية عظيمة، فيقذف بنفسه في الأخطار، ويخوض المغامرات، نصرة للحق، وتضحية في سبيل الله..
إنك ستموت حتماً، فلماذا ترضى لنفسك بأن تموت مجاناً ومن موقع ضعف؟ بينما بإمكانك أن توظف موتك من أجل قضية مقدسة، فيكون لموتك ثمن رفيع جداً. وحينئذ لن تموت بل ستبدأ حياة خالدة لا نهاية لها، يقول سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}( ).. ويقول عز من قائل: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ}( ).
ويطلق الإمام علي على عملية توظيف الموت لصالح قضية مقدسة صفة (أكرم الموت) يقول : في إحدى كلماته الذهبية:
(( إن الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، إن أكرم الموت القتل! والذي نفس ابن أبي طالب يده، لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش في غير طاعة الله )).( )
ويقول الأستاذ المدرسي:
الموت: موتان.
موت يأتي إليك، وموت تذهب إليه.
فإذا جاءك الموت فهو موت الجبن والضعف والاستسلام.
أما الموت الذي تذهب إليه، وتفتش عنه وتعانقه فهو موت البطولة.( )
وبمقدار ما ينعكس موت الجبن على نفسية الفرد والأمة ضعفاً وتكاسلاً وخوفاً، فإن موت البطولة ينعكس شجاعة وتحد وقوة.
ومن هذا المنطلق كان أولياء الله يتسابقون إلى الشهادة ويتنافسون عليها.. ويصبح القتل في سبيل الله أمنية يلح المؤمنون على طلبها من الله تعالى حيث يرددون في دعائهم: (( وقتلاً في سبيلك فوفق لنا )).
ص54
فترة الأقامة :
6672 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
348
إحصائية مشاركات »
انور محمود
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.06 يوميا
انور محمود
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات انور محمود