31-01-2010, 11:49 AM
|
#13
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 19539
|
تاريخ التسجيل : 03 2007
|
أخر زيارة : 12-05-2014 (09:59 AM)
|
المشاركات :
421 [
+
] |
التقييم : 21
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الإيحاء الذاتي
في جميع الأمراض النفسية، يتحدث علماء النفس، عن دور عملية الإيحاء الذاتي في معالجتها، ذلك لأن الإيحاء الذاتي عملية نفسية من نفس جنس تلك الأمراض، فهي أقدر على مواجهتها.. بل حتى بعض الأمراض الجسمية، يستعين الأطباء بالإيحاء الذاتي لمساعدة المريض على تحمل وتجاوز مرضه..
ويقصدون بالإيحاء الذاتي أن يتحدث الإنسان في داخل نفسه، أو بصوت مسموع، عن قدرته على الشفاء، وتجاوزه فعلاً للمرض..
فإذا كان يعاني من مرض الخوف... فليكرر في نفسه، أو بصوت مسموع، أنه قادر على تجاوز الخوف، وأنه بالفعل شجاع وبطل.. تكرار هذه العملية يوجد عند الإنسان تصميماً ذاتياً على تجاوز الخوف. وشعوراً بتحقق ذلك، يدفعه إلى التصرف وكأنه لم يعد يعاني من الخوف فعلاً.. وتصديق الإنسان بانتصاره على المشكلة، إذا ما دفعه لاقتحامها فعلاً، فإن ذلك سيكون بمثابة خطوة جريئة وعملية للانتصار والنجاح الحقيقي في الواقع الخارجي..
فمثلاً: إذا كنت أعاني الخوف من عملية تسلق الجبال، ولكن أوحيت لنفسي مراراً وتكراراً بقدرتي وتمكني من القيام بعملية التسلق بنجاح.. فإن شكي في قدرتي على ذلك، وبالتالي تخوفي، سينقلب إلى رغبة في ممارسة القناعة الجديدة التي توفرت في نفسي، وهي القدرة على التسلق.. وإذا ما مارست عملية التسلق بالفعل، فإن هيبتها ستنتزع من نفسي، ولن يبق فيها شيء اسمه الخوف من تسلق الجبال...
هكذا يكون الإيحاء الذاتي مؤثراً وفعالاً في تحدي المشاكل والأمراض النفسية. وينصح علماء النفس: بممارسة عملية الإيحاء الذاتي قبيل النوم، وعند الاستيقاظ منه، بعد أن يتنفس الإنسان تنفساً عميقاً، ليخرج كل ما في رئتيه من الهواء، ويستنشق هواءً جديداً، ويكرر الإنسان في نفسه أو بصوت مسموع، أنه قادر على تجاوز تلك المشكلة، وأنه تجاوزها بالفعل (أنا قادر على تجاوز الخوف، أنا شجاع بطل....) في فترة تتراوح ما بين عشر دقائق إلى ساعة كاملة..
ولعل النصائح الإسلامية بتكرار بعض الأدعية والأذكار والأوراد، تهدف إلى إحداث مثل هذا التأثير في نفس الإنسان، فهي نوع من أنواع الإيحاء الذاتي.. فمثلاً في صلاة الليل يُستحب أن يكرر الإنسان هذه العبارة مرات: (( هذا مقام العائذ بك من النار )) وأن يردد سبعين مرة هذه العبارة: (( أستغفر الله ربي وأتوب إليه )).
إن تكرار هذه الأذكار نوع من الإيحاء الذاتي، الذي يدفع الإنسان إلى التصميم على تحويل ذلك الذكر إلى ممارسة وسلوك خارجي..
قراءة سير الأبطال
عادة سيئة متخلفة، تلك التي يمارسها بعض الذين يعانون من الثغرات والنواقص، حيث يبحثون عن أشباههم، ويضعون أمام أعينهم قائمة بأسماء وقصص الأشخاص الذين يعانون نواقصهم وأمراضهم.. وذلك بهدف تسلية النفس، ومواجهة توبيخ الضمير، وللتبرير أمام الآخرين..
فالطالب الذي يرسب في الامتحان مثلاً، يبحث عن أكبر عدد ممكن من الراسبين مثله، ويحتفظ بأسمائهم في ذاكرته.. وكلما وخزه ضميره: لماذا رسبت؟ أسكت ضميره بأنه ليس الراسب الوحيد، فهناك فلان وفلان وفلان!! وإذا ما عاتبه أهله على عدم اهتمامه، والذي سبّب له الفشل، يجيبهم لست أنا الوحيد ففلان فشل أيضاً، وفلان وفلان..
هذه الطريقة السيئة تضر الإنسان جداً، وتمنع تقدمه وتغلبه على نواقصه ونقاط ضعفه..
والمفروض هو البحث عن الأشخاص الأقوياء المتفوقين، لكي يجعلهم نصب عينيه، ويسعى لتقمص شخصياتهم، والإقتداء بالجوانب الإيجابية في سلوكهم وحياتهم..
من هذا المنطلق، ننصح الذين يعانون من مرض الخوف الفتاك، بأن يكثروا من قراءة حياة وسير الأبطال الشجعان، والمواقف التي تجاوزوا فيها حاجز الخوف..
والملاحظ أن القرآن الحكيم، يهتم كثيراً بإبراز المواقف البطولية في حياة الأنبياء والأولياء، ليجعلهم قدوات حسنة سامية، لعباد الله المؤمنين..
إن حياة الأنبياء والأئمة والأولياء مليئة بمواقف البطولة والشجاعة، وقراءتها تزرع في النفس حب البطولة، وتجعل الإنسان راغباً في ممارستها..
وكذلك حياة الأبطال والمغامرين والثوار، يجب أن تصبح نماذج حية في نفس الإنسان، يتذكرها كلما ألمت به الأخطار والمخاوف، فترتفع معنوياته، ويستلهم منها الشجاعة والصمود..
يقول أحد المجاهدين بعد خروجه من سجن مرير، ذاق فيه مختلف ألوان العذاب: كلما تسارعت وتوالت على جسدي سياط التعذيب، ونهشت أطراف جسمي اللسعات الكهربائية المزعجة.. واقترب مني شبح الموت لما أعاني، كنت ألجأ إلى ذاكرتي واستحضر صورة بلال الحبشي وهو يتلوى تحت السياط، على رمال مكة الحارقة، وهو يصرخ: أحد، أحد.. وأتذكر آل ياسر، الذين أحاط بهم بلاء قريش، حتى استشهد ياسر وسمية تحت التعذيب. أمام أعين ولدهما عمار، وكيف أن الرسول الأعظم لم يكن يستطيع تقديم أي مساعدة لهم سوى كلمته الصادقة: (( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة )).. وهكذا استحضر في مخيلتي مواقف كل الأبطال، وصمود كل المناضلين.. حينها يبطل مفعول السياط، وتزداد عندي إرادة التحدي والصمود، وأحس بارتفاع هائل في روحيتي ومعنوياتي..
|
|
|