عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-2010, 07:58 PM   #2
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


الحرز الأول
وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
· استعن بصاحب الغنم
من أراد العصمة من الشيطان فعليه اللجوء إلى خالقه ..
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس : حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه :
ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا ؟
قال: أجاهده ، قال: فإن عاد ؟ قال: أجاهده ، قال: فإن عاد ؟ قال: أجاهده !! قال : هذا يطول ،، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .. قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك . اهـ
ولله المثل الأعلى ..
وروى اللالكائي عن جعفر عن ثابت عن مطرف بن عبد الله قال : نظرت فإذا ابن آدم ملقي بين يدي الله وبين يدي إبليس ، فإن شاء الله أن يعصمه عصمه ، وإن تركه ذهب به إبليس .
[ انظر اعتقاد أهل السنة 4/682 رقم 1256 وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان 1/45 ]
فالاستعاذة بالله من الشيطان تكون باللسان واستقرار معناها في العقل والقلب .

· آيات الاستعاذة من الشيطان
الاستعاذة جاءت في الآيات الكريمات على قسمين :
الأول : على العموم .. مثل ما جاء في سورة الناس :
ومنه قوله تعالى : ) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأعراف-200
وقال تعالى : ) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت-36
وقال تعالى : ) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (غافر-56
ومنه قوله تعالى عن أم مريم : ) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (آل عمران-36

والقسم الثاني من الاستعاذة : عند قراءة القرآن في الصلاة أو خارجها .
قال تعالى : ) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (النحل-98

- وقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل : لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا استعاذ لقوله عز وجل : ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( وقال في رواية عنه : كلما قرأ يستعيذ .

· الاستعاذة قبل القراءة
والاستعاذة تكون قبل القراءة وقالت طائفة من العلماء : يتعوذ بعد القراءة واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة ..
وحكي قول ثالث : وهو الاستعاذة أولا وآخراً جمعا بين الدليلين ..
والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها ، ومعنى الآية عندهم : ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم( أي إذا أردت القراءة كقوله تعالى : ) إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ( أي إذا أردتم القيام .
والدليل على ذلك الأحاديث الواردة عن رسول الله r بذلك .

· فوائد الاستعاذة عند قراءة القرآن
قال ابن القيم :
فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن لوجوه :
منها : أن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة .
ومنها : أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب كما أن مادة الشيطان نار تحرق فكلما أحس بنبات الخير من القلب سعى في إفساده وإحراقه فأمر أن يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن .
ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح فقال عليه الصلاة والسلام : تلك الملائكة .
[ رواه البخاري 5018 ومسلم 795 باب نزول السكينة عند قراءة القرآن ] .
والشيطان ضد الملك وعدوه فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص ملائكته فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين .
ومنها : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاعه به فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله عز وجل منه .
ومنها : أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه والله تعالى أشد أذنا للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الرب قراءته .
ومنها : أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته والسلف كلهم على أن المعنى : إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته قال الشاعر في عثمان :

تمنى كتاب الله أول ليله ** وآخره لاقى حمام المقادر .
فإذا كان هذا فعله مع الرسل عليهم السلام فكيف بغيرهم !
ولهذا يغلط – الشيطان- القارئ تارة ويخلط عليه القراءة ويشوشها عليه فيخبط عليه لسانه أو يشوش عليه ذهنه وقلبه فإذا حضر عند القراءة لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا وربما جمعهما له فكان من أهم الأمور : الاستعاذة بالله تعالى منه .
ومنها : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه ..
فالشيطان بالرصد للإنسان على طريق كل خير .. كما في الحديث : إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه . فهو بالرصد ولا سيما عند قراءة القرآن ..
فأمر سبحانه العبد أن يحارب عدوه الذي يقطع عليه الطريق ويستعيذ بالله تعالى منه أولا ثم يأخذ في السير كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه ثم اندفع في سيره .
ومنها : أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتى به بعدها القرآن ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة فإذا سمع السامع الاستعاذة استعد لاستماع كلام الله تعالى ثم شرع ذلك للقارئ وإن كان وحده لما ذكرنا من الحكم وغيرها..
فهذه بعض فوائد الاستعاذة . اهـ

وقال ابن كثير : ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له وهو لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ولا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان بخلاف العدو من نوع الإنسان .. ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان . اهـ

· صيغ الاستعاذة
الصيغة الأولى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لظاهر قوله تعالى : ) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( .
وفي الصحيحين عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال :
استب رجلان عند النبي r ونحن عنده جلوس فأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي r إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده ..
لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
فقالوا للرجل ألا تسمع ما يقول رسول الله r ؟ قال : إني لست بمجنون .
[ رواه البخاري 3282 ومسلم 2610 وأبو داود 4781 ] .
الصيغة الثانية : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ..
ويدل عليه ما رواه أبو داود في قصة الإفك : أن النبي r جلس وكشف عن وجهه وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
[ رواه أبو داود 785 بإسناد ضعيف وقد وردت الصيغة في أحاديث أخر ] .
الصيغة الثالثة :
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه .
لحديث أبي سعيد الخدري الذي رواه أحمد والترمذي قال :
كان النبي r إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه .
[ رواه احمد 3/50 وأبو داود 775 والترمذي 242 وابن ماجة 808 وصححه الألباني ] .
وصيغة رابعة : قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي إذا قرأ استعاذ يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم .
لأن ظاهر قوله : ) فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (
وقوله في الآية الأخرى : ) فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم (
يقتضي أن يلحق بالاستعاذة وصفه بأنه هو السميع العليم في جملة مستقلة بنفسها مؤكدة بحرف إن لأنه سبحانه هكذا ذكر .[ راجع جمع الروايات في إرواء الغليل للألباني 2/53 ] .
فالصيغة الجائزة والأفضل ما ورود بها الدليل من السنة ومعلوم أن السنة مترجمة للكتاب ومبينة لمعانيه وأحكامه ..
أما الصيغة الأخيرة الواردة عن الإمام أحمد فليس عليها دليل إلا ما فهمه الإمام من الآيات .. وتأخير السميع العليم عن الشيطان الرجيم ليس بمشهور .
ولو قدم السميع العليم على الشيطان الرجيم لوافق الصيغة الثانية الصحيحة الواردة وفي نفس الوقت أُخذ بالآيات .


· حكم الاستعاذة
اختلف العلماء في حكم الاستعاذة وهل هي واجبة أم مستحبة ؟
قال ابن كثير : وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها ، وحكي عن عطاء ابن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة لظاهر الآية فاستعذ وهو أمر ظاهره الوجوب ، وبمواظبة النبي r عليها ، ولأنها تدرأ شر الشيطان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولأن الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب ..
[ مقدمة تفسيره وانظر شرح بلوغ المرام 2/49 والشرح الممتع 1/470 لابن عثيمين ] .
ويؤيد الوجوب الحديث الذي رواه مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي r فقال : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال له رسول الله r : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً ، قال : ففعلت فأذهبه الله عني .[ رواه مسلم 2203 وأحمد في المسند 4/216 ] .


 

رد مع اقتباس