الرضاعة الطبيعية في الإسلام
الرضاعة الطبيعية في الإسلام
للأستاذ الدكتور احسان دوغرامجي
ملاحظة :
انتقل الى رحمة الله البروفسور إحسان دوغرامجي مؤسس جامعتي "حاجة تبه" و "بيلكنت" و "مؤسسة التعليم العالي" في تركيا يوم الخميس 25 شباط 2010 ومن المقرر أن تجري مراسم تشييع جنازته ودفنه في المسجد الذي انشأه بإسم والده علي باشا في جامعة بيلكنت بانقرة يوم الأحد القادم.
الرضاعة الطبيعية في الإسلام
تعتبر الرضاعة الطبيعية ذات أهمية بالغة بالنسبة لصحة الطفل. ولم تبرز الأبحاث العلمية الحديثة هذه الحقيقة إلا منذ عهد قريب ، بينما عرفها الإسلام وأكد على أهميتها طيلة الأربعة عشر قرنا الماضية ، وقد أغراني الموضوع بالتحدث عنه في هذا المؤتمر باعتباري واحدا ممن كرسوا حياتهم للبحث في المجالات التي تتعلق بصحة الطفل.
فحين كنت أدرس طب الأطفال في الولايات المتحدة منذ أربعين عاما، كان يساور بعض كبار أساتذة هذا الطب شك قي تفوق لبن الأم على الألبان البديلة التي يتم تحضيرها بطرائق علمية " أفضل "على حد قولهم، إذ كان يراعى في تحضيرها أن تفي بحاجات الأطفال حديثي الولادة كل حسب حالته. فهناك على سبيل المثال الأطفال الخدج الذين يقل وزنهم . عن وزن الأطفال الطبيعيين لعدم إكمال نموهم. ويحتاج هؤلاء إلى كمية من البروتين تزيد عما يحتاجه غيرهم. وكما نعرف فإن ما يحتويه لبن البقر من بروتين يبلغ ثلاثة أو أربعة أضعاف الكمية التي يحتوي عليها لبن الأم البشرية. لذا فإن الألبان البديلة التي كان يتم تحضيرها لمثل هذه الحالات من لبن البقر كانت تعتبر أفضل من لبن الأم من حيث وفائها بحاجات هذه الفئة الخاصة من الأطفال.
كان النظام المتبع في مستشفيات الولادة بالولايات المتحدة في ذلك الوقت أن يصف الطبيب للأم ما يناسب طفلها الرضيع من أنواع الألبان البديلة عند مغادرتها للمستشفى. ولم يكن الأطباء يوصون بالرضاعة الطبيعية إلا عندما تكون الأم من أسرة فقيرة ولا تملك ثلاجة لحفظ غذاء طفلها. وإلى جانب الاعتقاد السائد بأفضلية الألبان البديلة، كانت هناك ميزة إضافية تغري الأمهات بالإقبال عليها، ألا وهي الخلاص من أعباء الرضاعة الطبيعية، وكان لهذه الميزة مغزى خاص في البلاد الصناعية حيث تعمل النساء ضمن القوى العاملة فيها.
وافي الأربعينات من هذا القرن كانت تتم تغذية الغالبية العظمى من الأطفال حديثي الولادة عن طريق تلك الألبان البديلة قبل أن يغادروا أجنحة الولادة بالمستشفيات، وحتى في الحالات التي كان الأطباء يصفون فيها الرضاعة الطبيعية ، فإن مدة هذه الرضاعة لم تكن تتعدى فترة تتراوح ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، أما أولئك الأطفال الذين تمتد فترة رضاعتهم الطبيعية إلى خمسة أو ستة أشهر فلم تكن نسبتهم تزيد عن 5% من مجموع عدد السكان ، وهي بذلك لا تمثل العدد الحقيقي لهؤلاء الأطفال حيث تقل هذه النسبة كثيرا بين مجموع المثقفين.
قد امتد الاتجاه نحو التغذية الاصطناعية ليشمل أيضا عددا من الدول النامية وعلى سبيل المثال ، كانت نسبة الأطفال الذين يتلقون رضاعة طبيعية في الفلبين عام 1955 تصل إلى 90%، ثم تدنت هذه ما يحتويه لبن الأم من هذا الحامض تفوق بمقدار ثلاثين إلى أربعين ضعفا نسبة تواجده في لبن البقر.
كما أن لبن الأم من المزايا ما يجعله متفوقا على لبن البقر، وذلك من ناحية الكيمياء الحيوية. ويعدد الجدول التالي هذه المزايا:
|