شهيد العيد قصة (مأساوية).!
كلفتني محطة الشرق الأدنى أن أكتب قصة لتذاع عني في أول يوم من العيد
، وهذا هو العيد قد حل حلت عليكم فيه البركات والخيرات ، ولكن القصة لم تكتب .......أن لها قصة يا سادة فاقرأو قصتها ....
أنا رجل من طبعه التأجيل والتسويف ، أؤخر الأمر ما دام في الأجل فسحة أرجئه الى آخر لحظة منه ، ثم أقوم كالمجنون أنط قافزا مثل الأرنب الذي زعم (آخانا..) لا فونتين انه نائم حتى سبقته السلحفاة ، وان لم أكن قد رأيت في عمري سلحفاة تسبق أرنبا ...
فلما ورد علي كتاب المحطة نظرت فإذا بيني وبين موعد الإذاعة أمد طويل فاطمأننت ونمت ، حتى إذا كانت ليلة العيد ، ولم يبقى أمامي إلا ساعات معدودة أكتب فيها القصة وألحق بها البريد الجوي ، أخذت قلمي وصحيفتي لأكتب سدت علي أبواب القول ومنافذه وكواه ....
وعدت مرتجا علي محبوسا لساني كأني ما مارست الكتابة قط ، وكذلك نفس الأديب يا سادة تتفتح تفتح الينبوع الدفاق ، ثم تشح شح الصخرة الصماء ما تبض بقطرة ماء ، ولكن الناس لا يصدقون ذلك :إنهم يحسبون الكاتب يخرج المقال من نفسه كما يخرج التاجر البضاعة من دكانه ، ولا يدرون أن هذا الكلام يجيء أحيانا حتى لا يقدر الأديب على رده ، ويعزب حينا حتى لا يلقاه ، وانه يعلو ويصفو وينزل ويتعكر وما عجزت الليلة عيا ولا فهاهة ، فأنا أكتب في الصحف من عشرين سنة ، ولكن الكتابة بالاجرة بيع وشراء ، ولكل مبيع ثمن ، وأنا أحب أن انتصف وانصف الناس من نفسي لذلك رأيتني كلما سقطت على موضوع وزنته فوجدته لا يساوي الثمن الذي تدفعه لي المحطة فتركته وفتشت عن أغلى ، وكلما خطرت لي فكرة طمحت إلى أعلى ، حتى كاد يمضي الوقت ولم أصنع شيئا ، ونزل بي ما نزل بالأستاذ توفيق الحكيم لما كلفوه أن يضع حوارا للفلم وجعلوا له جعلا ضخما ، فحصر فيه فكره ، وحشد له قواه وفر لأجله من داره . ثم انتهى به الأمر أن ألف كتاب (الحمار) ولم يضع الحوار .
عند ذلك أيست ولبست ثيابي ، وهربت إلى الأسواق....
يتبع
|