06-03-2010, 10:15 PM
|
#1
|
عضو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 27460
|
تاريخ التسجيل : 04 2009
|
أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
|
المشاركات :
950 [
+
] |
التقييم : 50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
زواج الإنس والجن بين فكر العلماء وخيال الأدباء
زواج الإنس والجن بين فكر العلماء وخيال الأدباء
(إبراهيم كامل)
عناق المستحيل
زواج الإنس والجن بين فكر العلماء وخيال الأدباء
غرام الإنس والجن
الإعتقاد في الجن موغل في القدم بين العرب ، وقد حفلت أشعار العرب وأخبارهم بذكر الجن ، بل أكثر من هذا ، وردت أخبار عن غرام الإنس والجن، وتخطي الغرام حدود العفة فصار زنا. فقد ذكر صاحب كتاب " خير البشر بخير البشر" أن فاطمة بنت النعمان التجارية قالت : قد كان لي تابع من الجن ، فكان إذا جاء اقتحم البيت الذي أنا فيه اقتحاماً . فجاءني يوماً فوقف على الجدار ، ولم يصنع كما كان يصنع. فقلت له : ما بالك لم تصنع ما كنت تصنع صنيعك قبل؟ فقال : إنه قد بعث اليوم نبي يحرم الزنا.
ويحدثنا الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه " الهواتف " عن ابنة عمرو بن مالك التي طلب منها أن تأتي بالماء من الغدير، فوافاها عليه جان فاختطفها, فذهب بها . اختطفها في الجاهلية ، وعادت لأبيها في زمن عمر بن الخطاب رض. وينقل الدميري في كتابه " حياة الحيوان الكبرى " عن امرأة قولها : " إن جنياً يأتيني كما يأتي الرجل المرأة ".
لعل السبب في أن الحكايات تقتصر على تعرض نساء الإنس لاختطاف الجن لهن أو الزنا بهن ، أن الجن مخلوقات خفية, ترىالإنس وهم لا يرونهم . فالله تعالى يقول عن إبليس قطب الجن : " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ". ويرجع الإمام جلال الدين السيوطي عدم رؤية الإنس للجن للطاقة أجسادهم أوعدم ألوانهم, ولا يعني ما سبق أن الجنيات لا يعشقن رجال الإنس ، فالجاحظ يقول : إن الجنيات إنما تتعرض لصرع رجال الإنس على جهة العشق في طلب السفاد.
عفريت أذله العشق
العفريت هو القوي المارد من الشياطين . ويروي لنا القزويني في كتابه " عجائب المخلوقات " قصة عفريت اختطف جارية من فزارة . ولكنه وقع في حبها فأبلي الحب جسده وعذبه الوجد وأذله العشق ، فعرض علي الرجل الإنسي الذي تصدي لتخليصها أن يجز ناصيته رغم ما في هذا من الهوان أو أن يأخذ ما يشاء من الإبل أو أن يخدمه أيام حياته في سبيل أن يترك له محبوبته. ولما يئس من الرجاء عبر عن ما يقاسى من الوجد بقوله :
بلي جسدي والحب يبلي جديده ولم يبل مني إذ بلي جسدي وجدي
مسكين ذلك العفريت العاشق يثير الشفقة ويستدر العطف ويستحق الرثاء.
غرام الإنس والجن في الليالي
لعب الجن ( ذكوراً وإناثاً ) أدواراً لا يستهان بها في حكايات ألف ليلة وليلة. وقد أضفى وجود الجن في الحكايات لمسة من السحر الآسر عليها، وأضاف إليها التشويق المثير من الخيال الشعبي الخصب . فمن الحكايات التي يشارك فيها الجن نتعرف على المعتقدات الشعبية في الجن والتي بلورها القاص الشعبي في تلك الحكايات.
في الصفحة الثانية لكتاب الليالي, وفي حكاية الملك شهريار وأخيه الملك شاه زمان – وهي الحكاية الأم التي ستتولد منها باقي حكايات الليالي – نلتقي بغرام الجن بالإنس . والذي يدفع الجن إلي اختطاف فتاة الإنس ليلة عرسها. وربما كان الجني معذوراً فهي صبية غراء بهية كأنها الشمس المضيئة. وعلى الرغم من أن الجني العفريت وضع الصبية في علبة وجعل العلبة داخل صندوق ورمي على الصندوق سبعة أقفال ، وجعله في قاع البحر العجاج المتلاطم الأمواج إلا أن القاص الشعبي – ولكي يكسب جولة لبني آدم في الصراع مع إبليس وقبيله – يجعل الصبية تخونه وتستغفله مع كل من تلقاه. حتى أنها صنعت عقداً فيه خمسمائة وسبعون خاتماً ، أصحاب هذه الخواتم كلهم كانوا يفعلون بها على غفلة قرن هذا العفريت. وقد أضافت إلي العقد خاتمي الملك شهريار وأخيه شاه زمان.
وفي حكاية التاجر مع العفريت تحب جنية إنسياً وتتزوجه في صورة إنسية – فالجن قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، ولها عقول وأفهام وقدرة على الأعمال الشاقة – وعندما يحسده أخواه على ماله وكثرة بضاعته فيلقياه من على ظهر السفينة إلي البحر، تنتفض زوجته وتصير عفريتة وتحمله وتطلعه على جزيرة. ثم تكشف له عن سرها : اعلم أني جنية رأيتك فحبك قلبي ، وأنا مؤمنة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فجئتك بالحال الذي رأيتني فيه, علي خلق مقطع فتزوجت بي . فالقاص الشعبي يجعل الجنية تعشق الإنسي ليس لجمال صورته ولكن لكريم أخلاقه فهي تتصور له بصورة فتاة عليها خلق مقطع تقبل يده وتسأله : يا سيدي هل عندك إحسان ومعروف أجازيك عليهما ؟ فيجيبها الإنسي : نعم إن عندي الإحسان والمعروف ولو لم تجازيني – لقد حرص القاص الشعبي على الرد على ادعاء إبليس " أنا خير منه ، خلقتني من نار وخلقته من طين ". أما قول الجنية أنا مؤمنة بالله ورسوله فيستند إلي القرآن الكريم وآراء علماء المسلمين؛ فالله تعالى يقول لرسوله الكريم : " وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن ، فلما حضروه قالوا أنصتوا" فلما قضى ولوا إلي قومهم منذرين". ويصدر الدميري – وهو من علماء المسلمين المعتبرين – حكماً نصه : " أجمع المسلمون قاطبة على أن نبينا محمداً صلي الله عليه وسلم مبعوث إلي الجن كما هو مبعوث إلي الإنس. قال الله تعالى : " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " والجن بلغهم القرآن. وقال ( صلى الله عليه وسلم) : " إن بالمدينة جناً قد أسلموا " وكان الجن المسلمون يسعون إلي التفقه في دينهم، فقد أخبر القاضي الفقيه على الخلعى (لات492هـ/198م ) أن الجن كانوا يأتون إليه ، ويقرءون عليه ، لذا كان يقال له قاضى الجن، وهو من أصحاب الشافعي وقد جمع أحمد بن الحسين الشيرازي أحاديثه في عشرين جزءاً ، وسماها : الخلعيات...".
في حكاية الملك قمرالزمان بن الملك شهرمان يقدم لنا القاص الشعبي – المغرم بالعجائب – العفريتة المؤمنة ميمونة بنت الدمرياط التي يبهرها حسن الملك قمر الزمان، وحين رأته سبحت الله وقالت تبارك الله أحسن الخالقين. وميمونة لها أجنحة فتحتها وطارت ناحية السماء فقابلت العفريت دهنش وله أيضاً أجنحة، وكان قادماً من الزيارة التي يقوم بها كل ليلة للملكة بدور الإنسية التي عشقها فصار في كل ليلة يتوجه إليها ينظرها ويتملي بوجهها يقبلها وهي نائمة بين عينيها ومن محبته لها لا يضرها. ويحتدم النقاش بين ميمونة ودهنش حول حسن من يحبان ؛ فدهنش يقول لميمونة محبوبتي بدور أحسن من محبوبك، وهي تقول له : بل معشوقي أحسن من معشوقتك، وتكاد أن تبطش به فيطلب منها أن يحتكما إلي من يفصل الحكم بينهما بالإنصاف؛ فتستدعي ميمونة العفريت قشقش وهو أعور أجرب وعيناه مشقوقتان في وجهه بالطول وفي رأسه سبعة قرون وله أربع ذوائب من الشعر مترسلة إلي الأرض ويداه مثل يدي القطرب (الذكر من السعالي) له أظفار كأظفار الأسد ورجلان كرجلي الفيل وحوافر كحوافر الحمار. ويفسر لنا وصف العفريت قشقش لماذا يعشق الجن الإنس؛ فالله تعالى خلق الإنسان فأحسن خلقه وأبدع صورته فجاء في أحسن تصوير ؛ حيث خلقه مستوي القامة متناسب الأعضاء متصفاً بالعلم والفهم. وقال تعالي عنه : " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "، وكان من بين البشر نماذج خالدة في الحسن والجمال كيوسف عليه السلام.
وقد استمد القاص الشعبي هذا الوصف مما ورد في الكتب فحوافر الحمار مستمدة من زعم العرب أن الجن والشياطين والغيلان يتحولون في أية صورة شاءوا إلا الغول فإنها تتحول في جميع صور المرأة ولباسها إلا رجليها فلا بد أن يكونا رجلي حمار. وفي خبر يروي عن أبي بن كعب أنه شاهد جنياً وقال له ناولني يدك فلما تناولها إذا هي يد كلب وشعر كلب. وقد روي وهب بن منيه (20-110هـ/641-728م) – وهو عالم بأساطير الأولين ولا سيما الإسرائيليات – أنه كان يلقي جنياً في الموسم كل عام فيسأله ويخبره. وقد لقيه عاماً في الطواف فلما قضيا طوافهما قعدا في ناحية المسجد . وطلب وهب من الجني أن يناوله يده فإذا هي مثل برثن ( إصبع ) الهرة وإذا عليها وبر ثم مد يده حتى بلغت منكب الجني فإذا مرجع (أسفل الكتف) جناح . وأما وصف العفريت بأن عينيه مشقوقتان في وجهه بالطول فقد أخذه القاص من حديث للقاضي جلال الدين بن القاضي حسام الدين الرازي الحنفي عن زواجه من جنية لها عين واحدة مشقوقة بالطول بعد أن طلبت أمها منه أن يتزوجها. وقد روي خبر عن بلقيس ملكة سبأ، والتي كانت أمها امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن، أن مؤخر قدميها كان مثل حافر الدابة, وفي حديث لجرير بن عبد الله أن هربذ من أهالي تستر وصف له شيطاناً حمله على ظهره، وكان له معرفة ( الشعر النابت في محدب الرقبة ) كمعرفة الخنزير. وهكذا، أمد العلماء القاص الشعبي بالعناصر التي صهرها في بوتقة خياله ليخرج لنا وصف الجن والعفاريت . ومن الجدير بالذكر أن الشبلى (ت 769هـ) صاحب كتاب ( آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان ) قد أفرد الباب الحادي والثلاثين من كتابه لبيان تعرض الجن لنساء الإنس.
|
|
|