عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2010, 10:20 PM   #2
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


تعرض رجال الإنس لنساء الجن


كما تناولت الأخبار والحكايات تعرض الجن لنساء الإنس واختطافهن واغتصابهن فقد أمدتنا أيضاً بخبر عن اختطاف رجل من الإنس لجنية واغتصابها وإنجابه ولداً منها. وقد حاول راوي الخبر أن يضفي عليه الصدق فنقله عن أكثر من شخص عن كعب بن مالك الأنصاري (ت55هـ/675م) وهو صحابي من أكابر الشعراء، اشتهر في الجاهلية، وكان في الإسلام من شعراء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وشهد الوقائع وقد روي عبد الرحمن الهروي في كتابه " العجائب " الخبر على لسان بطل الحادثة الذي كان معه ابنه من الجنية، فقال إنه ركب البحر فكسر به المركب وسلم على لوح فأقام بجزيرة حيناً، يأكل من ثمرها ويأوي إلي شجرة من أشجارها، فبينما هو ذات ليلة إذ خرج من البحر جوار مع كل واحدة درة، ترمي بها ثم تعدو في أثرها وضوئها حتى تأخذها، ولهن غنغنة كأمثال الخطاطيف ( الخطاف هو الطائر المعروف بعصفور الجنة ) ، قال : فتحرك منه ما يتحرك من الرجال وهش إليهن، فتعرف أمورهن وأخرهن ليلة وثانية، ثم نزل فقعد في أصل شجرة، حيث لا يرونه، فلما خرجن غدا في أثرهن ، فتعلق بشعر واحدة منهن، وكان شعرها يجللها (يغطيها)، فجاء بها يقودها حتى شدها بأصل الشجرة، ثم وطئها فحملت منه بهذا الغلام، فلم يزل يعذبها حتى أرضعته سنة، ثم هم بحلها فكره ذلك ، وقال حتى يبلغ الفطام ويأكل، وهي في خلال ذلك تحمل الغلام فرحة به إلا أنها لا تتكلم، فظن أنها قد ألفته وأنها لا تبرح فحلها، فاستغفلته وخرجت تعدو حتى ألقت نفسها في البحر، وبقي الصبي في يديه، فلم يكن أسرع من أن مر به مركب فلوح له فركبه وخرج إلي بلاده.
"الليالي" تستعير الحكاية.

لقد استعار القاص الشعبي هذه الحكاية العجيبة ، وأدخلها في نسيج حكاية " حاسب كريم الدين " وهي حكاية تبتدئ من نهاية الليلة (460) وتمتد حتى أواخر الليلة (524). ويجعل القاص الشعبي " بلوقيا " وهو من بني إسرائيل يخرج هائماً في حب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وفي طلبه وفي جزيرة رأي جبلين وعليهما أشجار كثيرة، وأثمار تلك الأشجار كرؤوس الآدميين ، وهي معلقة من شعورها، ورأي فيها أشجار أخري أثمارها طيور خضر معلقة من أرجلها، وفيها أشجار تتوقد مثل النار، ولها فواكه مثل الصبر ، وكل من سقطت عليه نقطة من تلك الفواكه احترق بها، ورأي بها فواكه تبكي وفواكه تضحك، ورأي بلوقيا في تلك الجزيرة عجائباً، ثم إنه تمشي إلي شاطئ البحر، فرأي شجرة عظيمة فجلس تحتها إلي وقت العشاء فلما أظلم الظلام طلع فوق تلك الشجرة، وصار يتفكر في صنع الله تعالى، فبينما هو كذلك ، وإذا بالبحر قد اختبط، وطلع منه بنات تحت تلك الشجرة وجلسن ولعبن ورقصن وطربن ، فصار بلوقيا يتفرج عليهن وهن في هذه الحالة، ولم يزلن في لعب إلي الصباح فلما أصبحن نزلن إلي البحر. لقد جعل القاص الشعبي بنات البحر بدلاً من الجنيات، ولعل هذا يفسر لنا نشأة حكاية الجنية أم الشعور التي تختطف الشبان في الريف المصري والتي تسكن الماء.

ويعود القاص الشعبي إلي استخدام الخبر نفسه مع تلوينه في الحكاية نفسها عندما يسرد ما جري لجانشاه من عشق الجنية شمسة التي تأتي مع أختيها في صورة ثلاثة طيور من الحمام، وعندما ينزعن ما عليهن من الريش يصرن ثلاث بنات كأنهن الأقمار ليس لهن في الدنيا شبيه. ولما وقع جانشاه في حب شمسة، نصحه الشيخ نصر ملك الطيور أن يأخذ ثوبها الريش ليستبقيها حتى يوفق الشيخ نصر بينه وبينها. وينجح الشيخ نصر في التوفيق بينهما وتحلف له شمسة يميناً عظيماً أنها لا تخون جانشاه أبداً ولابد أن تتزوج به، وحين ذهب جانشاه إلي أبي شمسة الملك شهلان في مدينة " جوهر تكني " ركب هو وجميع الأعوان والعفاريت والمردة إلي ملاقاته، وأمر لجانشاه بخلعه عظيمة من الحرير مختلفة الألوان مطرزة بالذهب مرصعة بالجوهر، ثم ألبسه التاج الذي ما رأي مثله أحد من ملوك الإنس ثم أمر له بفرس عظيمة من خيل ملوك الجان. وبعد ذلك عملوا عرساً عظيماً للسيدة شمسة حتى صار فرحاً عظيماً لم يكن مثله، ثم أدخلوا جانشاه على السيدة شمسة، واستمر معها مدة سنتين في ألذ عيش وأهدأه.


 

رد مع اقتباس