عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-2010, 02:17 PM   #7
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


الأصدقاء ـ الأعداء:



يتضح مما سبق، أن هذه الكائنات المجهرية التي كنا نجهل عنها كل شيء تقريبا إلى حدود القرن العشرين، وكانت كلها تنتمي إلى عالم الغيب، تؤثر - وبغض النظر عن مسمياتها التي يوحد بينها اللفظ العربي "جن" - على عوالمنا بطريقة مزدوجة مثيرة للتعجب والاستفهام، ففي حين نجد منها طائفة من الأصدقاء الحميمين، نجد في الوقت نفسه طائفة مقابلة من الأعداء اللدودين، والفارق بين الطائفتين هو الظرف والنوع لا غير.
فعن النوع الأول يمكن استحضار نموذج "المكروكوك" الذي يعتبر أخا وصديقا لنا، أو بالأحرى من "حلفائنا المؤقتين"، أما عن النموذج الثاني، الموبوء المميت، أو "العدو"، فنستحضر مثال "الأنتروكوك"، لكن ما ينبغي التنبيه إليه أن قائمة هذا النوع، من البكتيريا الشرسة التي تسفك دماءنا، طويلة جدا . ففي نسيج العين وحده نجد ملايين البكتيريا التي ليست بحاجة إلى الهواء كالستريبتوكوك مثلا، وفي الأنف والفم ملايين أخرى تؤدي إلى التهاب السحايا... أما الأمعاء فتعتبر بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا التي يفترض أن البعض منها خطير جدا، (وإن كان البعض الآخر يشكل دعامة أساسية لعملية الهضم). وفي حين تفضل مجتمعات من البكتيريا الجهاز التناسلي للعيش والاستجمام، تحبذ مجتمعات أخرى طبقة الجلد الميتة التي توفر لها غذاء شهيا وسكنا مريحا، وهي لذلك تستقر عليها كما تستقر الفئران في قطعة جبن...
هذه الكائنات الدقيقة المتطفلة على الإنسان، هي أمة من الكائنات الحية التي لا ترى أعيننا معظمها، وهي توجد، كما ألمحنا لذلك آنفا، في كل مكان، ويعتبر الجسم البشري أرضا خصبة لأنواع كثيرة وقطاعات واسعة منها، وخصوصا في الأنف، والحلق، والجزء السفلي من القناة الهضمية، والجلد... وهي كائنات متخصصة في كل عضو ونسيج، وتتعايش مع الإنسان في دينامية وتوازن . والجسم البشري في حالة اشتباك دائم معها، فهي تهاجمه وتلحق به الضرر، وهو يقاومها بكل الأسلحة التي يمتلكها، والتي سخرها الله تعالى له لمدافعتها ورد عدوانها، غير أن هذه الأوابد المجهرية قد تفلت من كل الوسائل الدفاعية وتتغلب عليها، لتلحق أبلغ الأضرار بالإنسان، لذلك كانت الوقاية منها، بمعرفة خصائصها (الدينية والعلمية) عن قرب، خير وسيلة للنجاة من شرورها والحد من أخطارها التي تورث الضلالة والشقاء: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)(طه/123)


(انتهى)
مقتطف من كتاب "الجن: دراسة مجهرية" يحي غوردو وعبد العزيز غوردو


 

رد مع اقتباس