عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2010, 10:50 PM   #2
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


التنبيه الرابع :

أنه ينبغي ـ بعد التثبت ـ من صحة ما قرأ ، أن يسأل عن سبب هذا النقد ؛ أو ذاك الذم ، فقد يكون الدافع لذلك النقد الذي وُجِّه إلى ذلك الشخص هو الحسد ، أو هو من قبيل التنافس بين الأقران ، وما أعظم أثر هذا السبب !!!

ولهذا لما أورد الحافظ الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ بعض الحكايات وكلام الأقران بعضهم في بعض في كتابه " سير أعلام النبلاء " قال ـ رحمه الله تعالى ـ : 5/275 : " كلام الأقران يطوى ولا يروى ، فإن ذُكر ، تأمله المحدّث فإن وجد له متابعا وإلا أعرض عنه " وقال مرةً (10/92) : " كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية ، لا يلتفت إليه ، بل يطوى ولا يروى ..." ا.هـ .

والإنسان بشر ، يغضب وتعتريه حِدّة نفَس ،ويغلط في بعض الأحيان ، فتصدر منه بعض الكلمات التي قد يتراجع عنها فيما بعد .

وقد يكون ذلك النقد وهماً من أحد النقاد بحيث يريد شخصا فيقع النقد على آخر ، وهذا كثير في كتب الرجال والتراجم .

ومن الأمثلة على ذلك ـ وهو محل تأمل ـ أن ابن حبان جزم في أن النسائي أنما تكلم في أحمد بن صالح الشمومي ، لا في أحمد بن صالح المصري الإمام الحافظ المشهور ـ كما في التقريب(48) ـ وهذا مبحث معروف عند أهل العلم ، وهو مبحث : الرواة الذين يقع الاشتباه في أسمائهم ، ولا يكاد يسلم من الوهم فيه إمام من الأئمة ، رحمة الله على الجميع .

التنبيه الخامس :

أن ما ذكر من التنبيهات ،ينبغي ألا يحدث ردة فعل عكسية ،بحيث يبدأ الإنسان لا يقبل ثناءً ولا مدحا قيل في فلان إلا بعد التثبت والنظر ، كلا ، فجانب المدح والثناء على الشخص الأمر فيه أسهل ، والخطب فيه أيسر ، اللهم إلا إذا ترتب على توثيقه وتعديله أثراً في الحكم على الأحاديث النبوية ، فهنا يأتي مجال الجرح والتعديل لرواة الحديث النبوي ، ولهذا الميدان رجاله وفرسانه .

أما إذا كان المدح والثناء على شخص بكثرة التعبد ، وبالزهد ،وببر الوالدين ، وصلة الأرحام ، فلا حاجة هنا للبحث والتفتيش ، إذْ الأصل في المسلم عموماً هو الخير والصلاح ، فكيف إذا نقل هذا عن أهل علم وفضل وصلاح ؟! .

وعلى كل حال : فإن الإنسان إذا اشتهر فضله ،وذاع في الخير صيته ، وعُرِف صلاحه عند صلحاء الأمة ، كان ذلك برهانا على صلاحه ،وأمر السرائر إلى الله تعالى ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ كما في الصحيحين ـ من حديث أنس – رصي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتم شهداء الله في الأرض ،أنتم شهداء الله في الأرض ،أنتم شهداء الله في الأرض " .

التنبيه السادس والأخير :

يقف بعض قراء السير على مواقف لبعض السلف – رضوان الله عليهم ـ ، سواء كان ذلك الموقف في التعامل مع الأهل ، أو مع الوالدين ، أو مع الأصحاب ، أو حتى مع السلاطين والحكام ، فيتخذ من ذلك الموقف أو تلك القصة منهجا يتعامل به ، وقد يكون ذلك الموقف غير صحيح من الناحية الشرعية ،وهو إما اجتهاد مرجوح ، أو غلط صدر منه وهو معذور فيه ، لكنه لا يتابع عليه .

ومكمن الخطأ الذي قد يقع فيه البعض هنا ، أنه يبدأ يتحاكم إلى هذا الموقف ، فيصوب ما وافقه ، ويخطّئ ما خالفه ،وأشد من ذلك أن يجعل هذا الفعل منهجاً ،فيقول : منهج السلف هكذا ، وهذه طريقة السلف ، وهو حينما يتحدث ، ربما ليس في ذهنه إلا هذا المثال ،مع أنه قد يتبين من خلال البحث أن ذلك الإمام مخالف من قِبَل آخرين من ممن شهدت لهم الأمة بالإمامة .

إن من الخطأ البين أن يختصر منهج السلف كله في منهج رجل أو رجلين ، أصاب أو أخطأ !! إن منهج السلف – رضوان الله عليهم ـ يتشكل من النظر في سيرة عشرات بل مئات من الأئمة الذين عاشوا في تلك الحقبة المباركة من عمر هذه الأمة ، فبمجموع ما ينقل عنهم ويُسْتقرأ من أحوالهم ـ إما كلُهم أو أغلبُهم على الأقل ـ يمكن أن يصف الإنسان ذلك المنهج بأنه منهج السلف أو بعبارة أدق : منهج كثير من السلف .

ومما ينبغي التنبه له أيضاً ، معرفة منازل أولئك الأئمة ،ومقدار بلائهم في الدين ، علما وعملاً ودعوة ،ولكل منهم قدره وفضله ،لكن : " ولكل درجات مما عملوا " .

هذا ما أحببت الإشارة إليه في هذه العجالة ، وفي اعتقادي أن الموضوع يحتاج إلى بسط ومزيد أمثلة ، ولعل فيما تقدم تنبيه على ما لم يذكر ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أ.د / عمر بن عبد الله المقبل .


 

رد مع اقتباس