الإكتئــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاب.. .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمَّـا بعـــد :
أشد على يد كل حزين في هذه الدنيا، وأرسل رسالة أمل لكل متشائم، وأبعث إلى المكتئبين بالرغبة في مساعدتهم للخروج من حظيرة الاكتئاب، إلى كل من يقولون: ماذا نفعل في هذه الدنيا؟ إلى هؤلاء الذين يتمنون الموت، إلى من يعانون من أزمات نفسية خانقة، وإلى من يرزحون تحت مصائب الدنيا، إلى كل هؤلاء، لكل واحد فيهم أسأل: هل فكرت يوماً في أن تطرق باب من لا يخيّب طارقا؟ هل لجأت إلى من لا ملجأ منه إلا إليه؟ هل خطر لك أن تدخل باب واسع الرحمة، الذي لا يرد من بابه طالب رحمة؟ هل راجعت ما قاله رسول الله لصاحبه إذ أحاطت بهما خيل قريش وفرسانها على باب الغار، ولو أن واحداً منهم نظر تحت قدميه لأبصرهما، “إِذْ أَخْرَجَهُ الذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِن اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيدَهُ بِجُنُودٍ لمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الذِينَ كَفَرُواْ السفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (التوبة: 40).
اخوتي
الـحُزْنَ والاكتئاب : لفظان بمعنى واحد، ويختلفان في الشدة والمدة الزمنية .
فالحزن في الوضع العربي :حزن الرجل حُزْناً،وحزَنَاً ، بمعنى اغتمَّ .
وأما الاكتئاب : فيقال: كَئِبَ الرجل؛ أي: تغيرت نفسه،وانكسرت من شدة الهم والحزن .
فالكآبة والاكتئاب :هو الحزن الشديد .
والحزن : وجوده في الإنسان ضروة فطرية،وضده الفرح والسرور.
والحزن لمَّا كـان فطرياً فهو ينتاب كل إنسان عندما يصيبه شيء من متاعب الحياة وآلامها ، ولا يسثنى من ذلك أحد من البشر .
والأمثلة على ذلك كثيرة ،منها :
حزن أمِّ موسى،وحزن الأنبياء،وحزن يعقوب على يوسف عليهما السلام،وحزن نبينا صلى الله عليه وسلم على قومه عندمالم يستجيبوا له،فقال سبحانه : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)سورة آل عمران،الآية:176.
وقال سبحانه: ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)سورة الشعراء ، الآية:3 .
ومن الصحابة:حزن أبي بكر-رضي الله عنه-في حادثة الهجرة،يقول سبحانه: ( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)سورة التوبة،الآية:40 .
ويقول عكرمة-رحمه الله- : (ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ،ولكن اجعلوا الفرح شكراً ، والحزن صبراً ) .
فالحزن يحصل لكلِّ الناس ،لكنه قضية وقتية،وإذا ما استمر وطال وقته صار اكتئاباً .
أعراض مرض الاكتئاب :
تتمثل أعراض الاكتئاب بالشعور بالحزن والضيق ، ويسميه بعض الناس ( كتمة ) أو (ضيق في الصدر) ويصاحبه بكاء ، وعدم شهية للطعام، وقلة الرغبة في فعل أي شيء، والمصاب بالاكتئاب تقل إنتاجيته ، ويقل تركيزه ، ويبدأ بالشعور بالنسيان، وقد يفكر في أن هذه الحياة لا تساوي شيئاً ، وأنه هو نفسه حقير لا يساوي شيئاً ، وأن هذه الدنيا لا تستحق أن يعيش فيها الإنسان ، وقد يتمنى الموت ويفكر في الانتحار .
ويصحب ذلك اضطرابات في النوم، وانخفاض في الوزن ، وقد يتوهم المريض بوجود أمراض معينة لديه .
وفي مقال للدكتور سعد الأمارة،يقول فيه: ( أجمع معظم الأطباء على أنَّ أعراض مرض الاكتئاب تتمثل في :
- الانقباض واليأس والقنوط وهبوط الروح المعنوية، والحزن العميق والبكاء دونما سبب، مع التشاؤم والتبرم بأوضاع الحياة .
- بطء التفكير والاستجابة والحركة،ثم الانطواء والوحـدة والانعزال والصمت، والشرود والذهول .
- عدم الاهتمام واللامبالاة بالمحيط ومن حوله،وقصور الدوافع والميول .
- الشعور بعدم القيمة واحتقار الذات،والشعور بالخطايا والذنوب ، وطلب العقاب ، ومحاولة الانتحار .
- الشعور بالضيق وانقباض النفس،وفقدان الشهية للطعام والإمساك .
- الصداع والتعب وضعف النشاط العام .
- الأرق وقلة النوم ، وإذا نام فانه يستيقظ مبكراً .
- توهم المرض والانشـغال على الصحة والاعتقاد بأنَّ مرضه عضال وميؤوس منه ) .
ويرى الدكتور علي كمال،كما في كتابه : النفس(1/255) بأن أعراض الاكتئاب تنحصر في :
( الاحتقار 84 % - الضجر 72% - الشكوى الجسمية 60% - عدم التركيز الذهني 44% - البكاء 36% - الخوف 36% -القلق 52% - الأرق 52% - اضطراب الشهية 52% -الانفعال 52% - التعب 52% - عدم الاستقرار 44% - التشاؤم 38% وتمثل هذه النسب مدى شدة الأعراض لدى مريض
الاكتئاب،وتتباين الحالة المرضية من خلال أعراضها، فعندما تزداد حالات القلق المصاحب للاكتئاب، يسمى بالقلق الاكتئابي، وعند ما تزداد حالات النحول والخمول، يسمى المرض بالاكتئاب النحولي ) .
ما الذي يمكنني عمله لمساعدة نفسي؟
له صفة واحدة رئيسية وهي أنك يجب أن تكون على حذر عندما تفكر فيما يكمن عمله لهزيمته فالاكتئاب بإمكانه أن يغذي نفسه. بكلمات أخرى، قد تصاب بالاكتئاب ثم تكتئب أكثر لكونك مصابا بالاكتئاب. الأفكار السلبية تصبح أمرا يحدث من تلقاء نفسه ومن العسير عليك أن تقاومها. كونك في حالة من الاكتئاب قد يكون عندها في حد ذاته مشكلة أكبر من الصعوبات التي تسببت في حدوثه في البداية. من المهم جدا أن تتذكر أنه ليس هناك في الحياة حلول فورية للمشاكل. حل المشاكل يستغرق وقتا وطاقة وجهدا. عندما تشعر بالاكتئاب فإنك قد لا تشعر بالنشاط أو الرغبة في العمل، لكنك إذا كان بإمكانك أن تأخذ دورا فعالا في علاجك على سبيل المثال عن طريق المشاركة في العلاج بالحوار فقد يساعدك هذا على التغلب على موقفك. إنه من الضروري أن تحاول أن تتخلص من سيطرة الاكتئاب عليك. تحتاج إلى أن تكسر طوق الأفكار السلبية. حاول أن تتنبه إلى تلك الأفكار عندما تفكر فيها واستبدلها بنشاط أكثر فائدة. ابحث عن أشياء تفعلها لتشغل دماغك. مع أن قد لا تحب هذا فإن تشجيع نفسك على الانخراط في أنشطة جسدية أمر له دور كبير في العلاج. ممارسة الرياضة والجري وركوب الدراجة وحتى المشي السريع قد يطلق مواد كيميائية في الدماغ يطلق عليها الإندورفينات، مما يساعدك على الشعور شعورا أفضل. أنت تحتاج إلى القيام بالأمور التي ستحسن الطريقة التي تشعر بها نحو نفسك. حاول أن تعامل نفسك معاملة حسنة. أنت تحتاج أن تعتني بنفسك جسديا: تغذى جيدا وتمرن ولا تؤذِ جسدك بالتبغ أو الكحول أو غيره من المخدرات. أولِ عناية لمظهرك الخارجي، وامنح نفسك بعض العطايا المبهجة
|