عرض مشاركة واحدة
قديم 13-06-2010, 05:33 PM   #2
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


حذارِ من استغلال الكلام في تصفية الحسابات، أو الطعون في الذوات والكفاءات، أو الانسياق وراء الأكاذيب والشائعات.

سخِّروا البيان لخدمة الدين، ولنصرة قضايا المسلمين، وجمع شمل الأمة ووحدة صفها، وتوحيد كلمتها وخدمة مصالح البلاد والعباد؛ إذ الكلمة الهادفة الصادقة؛ ترجمان العقول الوادقة، والنفوس الوامقة:

وجُرحُ السَّيفِ يَأْسُوهُ المداوِي *** وجرْحُ القوْلِ طولَ الدَّهرِ دَامِي

كما يُهاب بالصحف السيارة؛ عدم الانصراف عن الرأي الجزل الأثير إلى القول المسطح المثير، وعن الفكرة الرصينة الظاهرة إلى الصورة المستهجنة أو السافرة التي تطال الثوابت المحكمات، وتنال من المسلَّمات، وتهز القيم، وتخدش المبادئ والسلوكيات.

فما برهنت المجتمعات على رفعتها وحصافتها، بمثل إبداع صحافتها، ومن إبداعها ألا تسود الصفحات إلا بكرائم الألفاظ المؤتنقة ذات المعاني المؤتلقة، كيف ومن موجبات الجنة -كما في آي الكتاب وصحيح السنة- الكلمة الطيبة اللينة الصادقة الهينة: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه:44]

"والكلمةُ الطيبةُ صَدَقَة" كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر؛ فيما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وليكن منكم بحسبان أنه:

ومَا من كاتبٍ إلا سيفْنَـى *** ويبَْقِى الدَّهرُ مَا كتَبَتْ يدَاهُ
فَلا تَكْتُبْ بكفِّكَ غيرَ خطٍّ *** يسرُّك في القيامةِ أنْ تَـرَاهُ

وبعد -إخوة الإسلام-: فالتحقق بمسئولية الكلمة المأمونة الصادقة الموزونة؛ ملاك العالم لتحقيق السواء في السلام، والإنصاف والأمر والائتلاف، ونبذ الصراع والإرجاف، وإنها للعروة الوثقى لأمتنا أمة الكلم السليم والقرآن المبين؛ كي تستأنف شأوها المرموق في العالمين، بما يملأ الصدور مهابةً وتقديراً، ويبهر العيون رفعةً وعزة وتوقيراً، وما ذلك على الله بعزيز، ولا غرو فمنهج المسلمين دوماً: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [الحج:24].

بارك الله لي ولكم في الوحيين، ونفعني وإياكم بهدي سيد الثقلين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الرحيم لي ولكم من كل إثم في الفعل والقيل؛ فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو المولى الكريم الجليل.


الخطبة الثانية:
الحمد لله نبوء له بنعمه شكراً واعترافاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نرجو بها عنده ازدلافاً، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أفضل من نطق بدُرِّ الكلِم أصدافا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه الذين تأرَّجُوا بالقول الصالح أعرافا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجو جنات ألفافا.
أما بعد:

فيا أيها المؤمنون: اتقوا الله ربكم في السر والإعلان، واعلموا أنكم معروضون غداً على أدق ميزان؛ فاحذروا فرطات القول، وحصائد اللسان.

أمة الإسلام: وكما ندبت الشريعة الغراء إلى انتقاء الكلمة الطيبة الصالحة لما لها من الآثار العظيمة، والمنافع الكريمة؛ نهت عن الكلمة الخبيثة الكالحة؛ لأنها ميسم الخطر والرعونة، والبهت والزور والخشونة.

وذِي خطرٍ في القولِ يَحْسبُ أنه *** مُصِيبٌ فمَا يُلمم به فهو قاتِلُه

كيف ومن هتك حرمة الكلمة، وأفلت أرسانها في الأعراض كالمقراض إلا وكانت معول هدم لا يستفيد منه إلا الشامتون بأمتنا، وتقحَّم صاحبها الغيبة التي تفسد القلوب بالشحناء، وأختها النميمة الهوجاء، والبهيتة الرعناء.

يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ليسَ المؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا الَّلعانِ ولا الفاحِشِ ولا البذِيء" أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح.

وإنك لواجد عبر كثير من الحوارات والمنتديات والفضائيات والتقانات من ذلك عجباً لا ينتهي.

تَجنَّبِ الفحشاءَ لا تنْطِقْ بها ****ما دُمتَ في جِدِّ الكلامِ وهزْلِهِ
واحْبِسْ لسانكَ عن ردِيءِ مَقالةٍ*** وتَوقَّ من عَثْرِ اللسانِ وزَلِّهِ


ومن سوائر الحكم والأمثال: "مقتلُ الرجلِ بين فكيه".

وكما استعاذ الصالحون من العيِّ والحصر؛ استعاذوا من البذاءة والهذر؛ فعلى المسلم الأريب وزن الكلام؛ حتى لا يقع في مغبة الكِلام، ورُبَّ قائلٍ ما شاء لقي ما ساء، ووقع اللسان أشد من وقع السنان:

إنَّ القليلَ من الكلامِ بأهلِـهِ *** حسنٌ وإنَّ كثيرَهُ مَمْقُوتُ
إنْ كانَ ينطقُ ناطقٌ من فضلِهِ *** فالصمتُ درٌّ زانهُ ياقُوتُ

أمة الكلم الطيب: وللحفاظ على شرف الكلمة، معنى ومبنى دون السمسرة والاستهزاء والابتذال، والقرصنة والإثارة والاستغلال؛ لزم تمكين مسالات الأقلام، ومخاطم الكلام الأكفياء الأمناء ذوي الأصالة والصدق، والابتكار والنبل والحكمة والاستبصار.

أولئك -ويا بشرى لأولئك- الذين يُصعدون بكلمة الأمة، وأمة الكلمة ثقافياً وإعلامياً، فكرياً واجتماعياً شطر علياء الكمال، ومطاوي المجد والجلال، ذلك الرجاء والأمل، وبالمولى -سبحانه- نستعين على سديد القول وصالح العمل؛ إنه جواد كريم.

ألا وصلُّوا وسلموا -رحمكم الله- على أصدق من نطق، وتكلم وأرشد وبين وعلم؛ كما أمركم بذلك المولى القوي المتين في كتابه المبين؛ فقال -عز اسمه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]

أزكى صلاةٍ بتسليمٍ يؤازِرُهَا*** على نبيٍّ كرِيمِ الأصلِ مختارِ
محمدٍ خيرِ مبعوثٍ وعتْرَتِه *** وصحبِهِ خيرِ أصحَابٍ وأنْصَارِ


اللهم أعز الإسلام والمسلمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين ياذا الجلال والإكرام.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وهيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم وفقه وولي عهده ونائبه الثاني وإخوانه وأعوانه، إلى ما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين، وإلى ما فيه الخير للبلاد والعباد.

اللهم وفق جميع ولاة المسلمين؛ لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين؛ برحمتك ياأرحم الراحمين.

اللهم احفظ مقدسات المسلمين. اللهم احفظ مقدسات المسلمين. اللهم احفظ مقدسات المسلمين، اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين. اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، اللهم احفظ المسجد الأقصى من الصهاينة الغاصبين المحتلين، اللهم اجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين ياذا الجلال والإكرام.

ياحي ياقيوم برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله ياذا الجلال والإكرام.

اللهم أغثنا.اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة. اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك ياأرحم الراحمين.

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين).



د / عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس .
إمام وخطيب المسجد الحرام .


 

رد مع اقتباس