22-12-2002, 09:32 AM
|
#1
|
عضو
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 342
|
تاريخ التسجيل : 07 2001
|
أخر زيارة : 08-06-2010 (09:24 AM)
|
المشاركات :
14 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ظاهرة الحسد وشخصية الحاسد .... دراسة وتحليل
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على موضوع الأخت " النور الساطع " بعنوان " العين والحسد والحديث عنهما ذو آهات وشجون "
وشدني هذا الموضوع لأهميته ، إلا أنه كان لي اعتراض على مزج الموضوعين " العين والحسد معاً " فهما موضوعان مستقلان تماماً عن بعضهما من الوجهة العلمية ... وسأتناول في موضوعي بالتحليل ظاهرة الحسد وشخصية الحاسد لما لانتشار هذه الظاهرة في عصرنا من كبير أثر على حياتنا الاجتماعية ، و سأجعل هذه الدراسة على حلقات – بإذن الله – لطول الموضوع وتشعبه .....
وقد قرأت المشاركات حول هذا الموضوع ، ومع احترامي لجميع المشاركات إلا أنني سأتبنى هنا التحليل العلمي للموضوع من وجهة نظر علم النفس ؛ ولا يعني ذلك أنني أتجاوز ما قاله فقهاؤنا ، وعلماؤنا حول الموضوع - ما ذكر في مقالة الأخت نور والمداخلات - ، إلا أننا كمسلمين معاصرين علينا أن نحلق في سماء الخلافة في الأرض بجناحين ، أولهما : الأصالة المستمدة من الكتاب والسنة وتراثنا الضخم . وثانيهما : مزاوجة ما لدينا مع ما يتناسب معنا من العلوم الحديثة بمختلف فروعها ....... فلننطلق على بركة الله ...
مقدمة نظرية لا بد منها :
عندما نريد فهم ظاهرةٍ ما وفهم السلوك المرتبط بهذه الظاهرة علينا أن ندرس آلية ، وكيفية ، والظروف التي شكلت هذه الظاهرة وأطلقت هذا السلوك . لأن فهمنا لهذه المعطيات يعيننا على التعمق ، ويعطينا القدرة على التحليل الموضوعي للظاهرة ؛ وذلك يوصلنا إلى فهم أدق للظاهرة موضع الدراسة .. وبالتالي نستطيع معرفة وتحديد المتغيرات المختلفة التي تؤثر وتوجه وتطلق وتوقف الظاهرة مما يعيننا لا حقاً على امتلاك آلية التحكم بهذه الظاهرة .
كما أن التحليل الدقيق لظاهرةٍ ما يعطينا القدرة على تحديد ما هو طبيعي في هذه الظاهرة وما هو شاذ . أي نمتلك بالتحليل محكاً معيارياً - نرجع إليه - للسلوك السوي والشاذ المنطلق من هذه الظاهرة .
والسؤال الآن : ما هي الآليات التي تمكننا من تحليل ظاهرة أو سلوك ما تحليلاً دقيقا ًو موضوعياً ؟؟
هناك مدارس كثيرة في هذا الأمر ، كلٌ يتبع ويتبنى نظريةً معينة ، و سأعتمد هنا في تحليلي لظاهرة الحسد على دراسة الحاجات والدوافع المرتبطة بظاهرة الحسد وسلوك الحسد وشخصية الحاسد ..
إن أي ظاهرةٍ أو سلوكٍ يرتبط من حيث المنشأ بعنصرين أساسيين لا غنى له عنهما :-
1.) حاجةٌ تولد ضرورته .
2.) دافعٌ يدفعه إلى الظهور . - يكون الظهور بطرقٍ مباشرة أو غير مباشرة - .
" إن فهم الحاجة والدافع الكامن وراء سلوكٍ ما يفسر هذا السلوك ويبرر ظهوره على الشكل الذي ظهر عليه "
* فالمعالج النفسي يسعى جاهداً لفهم الحاجات النفسية والدوافع الكامنة وراء السلوك المضطرب ، ليستطيع تحليل هذا السلوك وفهمه ، وبالتالي ليمتلك القدرة والآلية لاحقاً على تعديله .
* ومعلم الصف يسعى جاهداً لفهم الحاجات غير المشبعة ، والدوافع الكامنة وراء التقصير المدرسي لطالبٍ ما ليستطيع معالجة هذا التقصير . – ذلك في حال انتفاء الأسباب الأخرى للتقصير كوجود مشاكل في التحصيل والذكاء - .
* والقاضي في المحكمة عليه أن يفهم الحاجات والدوافع الحقيقية وراء ارتكاب المجرم لجرمٍ ما ليستطيع أن يصدر حكماً موضوعياً وعادلاً . - وأذكر هنا تعطيل الخليفة عمر رضي الله عنه حد قطع اليد للسارق في عام الرمادة لأن الدافع وراء السرقة كان لحفظ النفس من الموت - .
بعد هذه الأمثلة سننطلق لتحليل ظاهرة الحسد وسلوك الحسد ، وسأرجع إلى الوراء قليلاً لأبدأ القصة من البداية و من الجذور ، وإن استلزم ذلك منا وقتاً أطول وجهداً أكبر في القراءة والتركيز ، ولكنني وجدت ذلك ضرورياً لتظهرالصورة أمامنا بشكلٍ جلي وواضح ... فتحملوا إطالتي عليكم وسامحوني .....
إن المتفكر في خلق الله يجد أن الكون كله قد ركب الله عناصره ، وأحداثه ، وأزمنته ، وأمكنته ، وجميع مخلوقاته على درجاتٍ متفاوتةٍ من الأفضلية
* هذه الأفضلية منها ما ينبني على مقاييس ربانية ، كمثل اختيار أشخاصٍ وأمكنةٍ وأزمنةٍ وأعمالٍ ، أفضل من سواها ( كأفضلية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على سائر البشر ، وأفضلية الحرم المكي على سائر الحرم ، وأفضلية شهر رمضان على سائر الأشهر ، وأفضلية نقاء القلب والسريرة على نقاء الشكل والمظهر ...)
* ومنها ما ينبني على مقاييس بشرية ( كتفضيل الجمال على القبح ، والغنى على الفقر ...إلخ ) ، وهذا التفضيل منه ما يتفق عليه البشر ومنه ما يختلفون فيه ( البعض يفضل المال على العلم ، بينما البعض يفضل العلم على المال )
المقاييس الربانية ، والمقاييس البشرية في التفضيل قد تتفق وقد تختلف ، - ولذلك تفصيل سأذكره في حينه - .
ما يهمنا مما سبق ذكره القاعدة التالية :
" إن وجود الأفضليات بين الأشياء في حياة البشر حتم عليهم إجراء المقارنات بين هذه الأشياء ، وذلك لتحديد الأفضل "
لاحظوا معي أن البشر يفرقون بين الأفضليات عن طريق إجراء المقارنات :-
أمثلة : - تقول الأم : " إبني أذكـــى من ابن الجيران "
يقول الطفل : " أنا أطـــول من ابن عمي "
يقول الشخص لنفسه : " أنا أغنـــى من فلان "
تقول الفتاة لنفسها : " صديقتي فلانة أجمــــل مني "
....... إذاً :
" الكون مبنيٌ على التفاضل ... والبشر يقومون بإجراء المقارنات لتحديد الأفضل ..."
إذا كنا متفقين لننتقل إلى الخطوة التالية :-
*** لنتفكر بأنفسنا ***
إن أحد أهم مفاتيح فهم الآخرين هو أن نفهم أنفسنا .... فلنحاول ...
حاول معي أيها القارئ الكريم أن تبدأ بقراءة حواراتك الذاتية ... تلك الحوارات التي تجري داخل أعماقك أثناء تفاعلاتك الحياتية المختلفة ..... هل ستجد أثراً لوجود هذه المقارنات المستمرة ؟؟؟؟ وهل تجد نفسك أنك مضطرٌ دائماً لتحديد الأفضل ؟؟؟؟ جرِّب ذلك وتأكد بنفسك ...
إن وجدت ذلك ، دعتا ننتقل إلى الخطوة التالية ...
بعد أن يحدد كلٌ منا – نحن البشر – الأفضل بالنسبة إليه ، كلٌ حسب منطقه واعتقاده ووجهة نظره ، تبدأ تتولد في داخله حاجةٌ للحصول وللتميز بهذا الأفضل ( الحاجة إلى التميز بالأفضل ) ، وتبدأ هذه الحاجة بتشكيل الدافع الذي سيدفع السلوك إلى التوجه لإشباع هذه الحاجة ، هذا السلوك الذي يمكن أن يأخذ أشكالا وآليات متعددة ، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر - غير المباشر أحياناً قد لا يفهمها ويعيها الفرد ذاته - . ( سأتكلم عن ذلك في حينه إن شاء الله )
وتصبح السلسلة عندنا على النحو التالي
وجود أفضليات >>>>> إجراء مقارنات >>>>> اتخاذ قرار حول الأفضل >>>>> ولادة الحاجة للحصول على الأفضل >>>>> تشكل الدافع للسلوك نحو إشباع الحاجة >>>>> السلوك المعتمد للتميُّز بهذا الأفضل .
هذه السلسلة تنطبق على كل البشر ، ولا أظن أن أحداً يشكك فيها ( وسأورد الأدلة عليها لاحقا إن شاء الله )
ووصولاً إلى هذه النقطة ليس هناك مشكلة ، فهذه فطرة إنسانية لا نُلام عليه كبشر ... فأين المشكلة ؟؟؟؟
إن المشكلة تكمن في حدوث تشوهات في أحد المستويات التالية :
- تشكل آليات التفضيل .
- تشكل آليات المقارنة .
- حدة الحاجة والدافع للتميز بالأفضل .
- تشوه آليات سلوك الإشباع .
وأترك الحديث عن ذلك للمرة القادمة إن شاء الله ، وسامحوني للإطالة عليكم ، كما أستميحكم عذراً لعدم استطاعتي متابعة تعليقاتكم والرد عليها حتى بداية الأسبوع القادم ، لأني مسافر للخضوع لدورة تدريبية .... والسلام عليكم ..
|
|
التعديل الأخير تم بواسطة عبادة ; 22-12-2002 الساعة 09:36 AM
|