قلق الانفصال و قلق فقدان الموضوع في ظل نظريات التحليل النفسي
يمر الطفل خلال حياته بمراحل متعددة يتعرض فيها لعدة أزمات تعرقل نمو الطبيعي، ولعل أبرز خبرة نفسية مؤلمة يعيشها هي الانفصال ابتداء من الصدمة الميلاد، مرورا بالفطام ثم الانفصال ، وصولا إلى الوضعيات الأخرى كالابتعاد المؤقت عن الأم في الحالات الإستشفائية وكذا الدخول المبكر للروضة والمدرسة.
وإذا أخذنا العامل المسبب للقلق فنرى أنه يرمز إلى الانفصال عن الأم بمعنى بيولوجي في أول الأمر، ثم بمعنى فقدان مباشر للموضوع،
و نظرا لأهمية هذا العنصر خصصنا له هذا المقال لنعرض في أهم وجهات نظر المحللين له.
1-1 القلق:
للقلق تأثير كبير في نشوء الأمراض العصابية، بل أنه في الحقيقة العامل الأساسي في نشوئها لذلك تعتبر دراسة القلق من أهم الدراسات الرئيسية في مشكلة الأمراض العصابية، وقد كان فرويد أول من سبق إلى الإشارة إلى ذلك، ولهذا سنحاول أن نشرح التطور الذي حدث في مفهوم القلق عبر أهم النظريات المفسرة للقلق.
1-1-1 تعريف القلق:
القلق حالة من الخوف الغامض الشديد الذي يتملك الإنسان ويسبب له كثيرا من الكدر والضيق والألم. .إذن حسب فرويد القلق هو استجابة انفعالية أو خبرة إنفعالية مؤلمة يمر بها الفرد وتصاحب باستشارة العديد من الأجهزة.
كما تتفق " كارل هورني" مع فرويد في تعريف كل من القلق والخوف حيث تعرفه على أنه استجابة انفعالية لخطر يكون موجها على المكونات الأساسية للشخصية.
ويعلق هاري شاك سوليفان أهمية كبيرة على العلاقات الاجتماعية بين الطفل وبين الأفراد المهمين في بيئته خاصة الأم، حيث يعرف سوليفان القلق على أنه حالة مؤلمة للغاية تنشا من معاناة عدم الاستحسان في العلاقات الاجتماعية.
كما يعرفه سيلامي Norbert Sillamy على أنه إحساس حاد بالألم العميق. المحدود بالشعور الغامض للخطر، مما يجعل الفرد الضعيف غير قادر على الدفاع على نفسه
القلق حالة من الخوف الغامض الشديد الذي يتملك الإنسان ويسبب له كثيرا من الكدر والضيق والألم. .إذن حسب فرويد القلق هو استجابة انفعالية أو خبرة إنفعالية مؤلمة يمر بها الفرد وتصاحب باستشارة العديد من الأجهزة.
كما تتفق " كارل هورني" مع فرويد في تعريف كل من القلق والخوف حيث تعرفه على أنه استجابة انفعالية لخطر يكون موجها على المكونات الأساسية للشخصية.
ويعلق هاري شاك سوليفان أهمية كبيرة على العلاقات الاجتماعية بين الطفل وبين الأفراد المهمين في بيئته خاصة الأم، حيث يعرف سوليفان القلق على أنه حالة مؤلمة للغاية تنشا من معاناة عدم الاستحسان في العلاقات الاجتماعية.
كما يعرفه سيلامي Norbert Sillamy على أنه إحساس حاد بالألم العميق. المحدود بالشعور الغامض للخطر، مما يجعل الفرد الضعيف غير قادر على الدفاع على نفسه.
1-1-2 أنواع القلق :
لقد ميز فرويد بين نوعين من القلق: القلق الموضوعي والقلق العصابي :
1-1-2-1 القلق الموضوعي:
القلق الموضوعي هو الخوف من خطر خارجي معروف كالخوف من حيوان مفترس أو من الحريق أو من الفريق، هو أمر معقول بما أن الإنسان يخاف عادة من الأخطار الخارجية التي تهدد حياته.
1-1-2-2 القلق العصابي :
القلق العصابي هو خوف غامض غير مفهوم، ولا يستطيع الشخص الذي يشعر به أن يعرف سببه، ويأخذ هذا القلق يتربص الفرص لكي يتعلق بأية فكرة أو بأي شيء خارجي، أي أن هذا القلق يميل عادة إلى الإسقاط على أشياء خارجية.
1-1-3 أهم النظريات المفسرة للقلق:
اختلفت آراء العلماء حول تفسير القلق كل من زاويته الخاصة، بحيث سعى كل واحد منهم إلى تأكيد موقفه وإعطاء براهين على ذلك. انطلاقا من آراء فرويد الأولى ثم آراءه الثانية، بعد تعديل الآراء الأولى دخولا بعدد كبير من النظريات نحاول أن نذكر البعض منها.
1-1-3-1 نظرية فرويد الأولى في القلق:
لم تظهر الصياغة النهائية لهذا النظرية إلا في سنة 1926 وبالتحديد في كتاب "inhbistion, symptome et angoisse" الكف، العرض والقلق" أين أرجع فرويد القلق إلى الخوف من الفراق وفقدان الموضوع حيث استطاع أن يصل إلى مفهوم مؤقت وهو أن الكبت يولد القلق، فعندما لا تشبع الرغبة الجنسية، تكبت وبالتالي تولد ابتدءا من لحظة عدم إشباع النزوة".
وباعتبار حالة الطفل لاحظ أن القلق في الأصل شعور ناتج عن غياب الشخص الحبوب، فالطفل ينفعل عند فقدانه لأمه الشيء الذي ينتج القلق المصاحب للولادة، والذي هو قلق الانفصال عن الأم، ويفسر فرويد هذا بأن الطفل في هذه الحالة يشعر بشوق شديد نحو أمه، وعدم إشباع هذا الشوق يتحول إلى قلق.
وأخيرا ينتهي فرويد إلى أن القلق ينتج عن كبت رغبة جنسية أو إحباطها ومنعها من الإشباع، وحينما تمنع الرغبة الجنسية من الإشباع تتحول على قلق، ويتم هذا التحول بطريقة فيزيولوجية بحتة، وهذا ما أدى إلى إبعاد موضوع القلق عن نطاق التحليل النفسي لمدة من الزمن.
1-1-3-2 نظرية فرويد الثانية في القلق:
عاد فرويد مرة أخرى إلى دراسة القلق دراسة تفصيلية دقيقة وبحث عن العلاقة الموجودة بين القلق ونشوء الأعراض العصابية. حيث توصل فرويد إلى تقديم صيغة جديدة أكثر إقناعا في نظرية القلق، أين أبرز القلق كوظيفة من وظائف الأنا، وهو الذي ينتج الكتب، أي أن القلق هنا يستعد لمجابهتها. وشعور القلق الذي يحس به الفرد حينما يتوقع الخطر هو عبارة عن تكرار لشعور القلق الذي هو من جهة توقع حدوث خطر أو صدمة في المستقبل، ومن جهة أخرى تكرار الحالة خطر أو حالة صدمة سابقة في صورة محققة.
لقد اهتم فرويد بالبحث في حالة الخطر الأولى التي يمر بها والتي يمكن أن تثير القلق لأول مرة، فتوصل إلى أن قلق الطفل الصغير كرد فعل عن غياب الأم وفقدان الموضوع، يمكن مقارنته أيضا بقلق المصاحب للولادة والذي سببه هو الانفصال عن الأم، وكذا بقلق الخطأ الذي مصدره الخوف من فقدان موضوع مهم وهو القضيب.
وعملية الميلاد هي الخطر الأول الذي يتعرض له الفرد، والقلق الأول الذي يصاحب هذا الخطر هو النموذج الأصلي لكل حالات القلق التالية ولهذا يقول فرويد " ... نحن ميالون على افتراض وجود عامل تاريخي يجمع بين إحساسات القلق وبين تنبيهاته العصبية بدقة، أي وجود عامل تاريخي يجمع بين إحساسات القلق وبين تنبيهاته العصبية بدقة، أي أننا نفترض أن حالة القلق تنشأ عن خبرة ما تتضمن الشروط الضرورية يمثل هذه الزيادة في التنبيه ويمثل هذا التفريغ في مسالك معينة، وأن كدر القلق يستمد سمته الخاصة في هذه الظروف. والميلاد بالنسبة إلى الإنسان خبرة نموذجية من هذا النوع، ولذلك يمثل إلى اعتبار حالات القلق كأنها ناشئة من صدمة الميلاد".
ولو نمعن النظر في مقولة فرويد لوجدنا أنه هناك تقارب من وجهة نظر اقتصادية بين عملية الميلاد وغياب الأم، ففي الحالتين هناك تصاعد في التوتر تحت تأثير فيزيولوجي خارجي عند الميلاد، وبالرجوع عند الانفصال عن الأم فيما بعد، وهذا الانفصال يولد القلق حتى وإن لم يكن هناك إحساس بالجوع وهذا ما يسمح بالمرور من قلق إلى لا إرادي مرتبط بحالة الخطر، إلى قلق إرادي كنتيجة للإشارة بالخطر. ولهذا يكون القلق عنصر من وظائف الأنا.
إذن فقدان الموضوع أو مجرد احتمال الفقدان يحدد القلق. وبهذا يمكن أيضا تفسير قلق الخطأ بما أن امتلاك القضيب يضمن إمكانية الارتباط بالأم وفدانه يعني فقدان الام
1-1-3-3 نظرية أتورانك:
يذهب رانك إلى الإنسان يشعر في جميع مراحل نمو شخصيته بخبرات متتالية من الانفصال، وهو يعتبر الميلاد كأول وأهم خبرة للانفصال تمر بالإنسان وتسبب له صدمة مؤلمة، وتثير فيه قلق شديد. وقد سمي رانك هذا القلق بالقلق الأولى، ويستمر مع الإنسان فيما بعد حلول حياته، ابتداء من لحظة الانفصال فيما بعد من أي نوع كان مسببا للقلق، فالفطام يثير القلق لأنه يتضمن الانفصال عن الأم، والذهاب إلى المدرسة يثير القلق لأنه يتضمن الانفصال عن الأم، والزواج يثير القلق لأنه يتضمن الانفصال عن حياة الوحدة، إذن القلق في رأي اتورانك هو الخوف الذي تتضمنه هذه الانفصالات المختلفة.
والقلق الأولى يتخذ صورتين تستمر مع الفرد في جميع مراحل حياته وهما خوف الحياة وخوف الموت، فخوف الحياة هو قلق من التقدم والاستقلال الفردي ويظهر هذا القلق عند احتمال حدوث أي نشاط ذاتي للفرد، أو عند ما يريد الفرد أن يكون علاقات جديدة مع الناس....إلخ، والقلق هنا يظهر لأن هذه الإمكانات تهدد الفرد بالانفصال عن علاقاته وأوضاعه السابقة.
أما خوف الموت فهو عكس خوف الحياة، فهو قلق من التأخر وفقدان كل فرد يشعر بهذين القلقين وهو دائم التردد بينهما. والعصابي هو الذي لا يستطيع أن يحفظ التوازن بين هذين القلقين.
1-1-3-4 نظرية كارن هورني:
تتفق كارن هورني مع فرويد في تعريف كل من القلق والخوف بأنه رد فعل انفعالي للخطر .
لقد اهتمت هورني بالدوافع العدوانية ورأت في شدة هذه الدوافع أهم مصدر للخطر والذي بدوره يثير القلق يتمثل في خوف الفرد من توجيه هذا العدوان إلى الأشخاص الذين لهم مكانة عنده.
لن توجيه العدوان إليهم سيؤدي إلى فقدان جبهم وعطفهم وإلى قطع علاقته بهم، وهو أمر لا يستطيع الفرد احتماله ولذلك يكتب الطفل عادة دوافعه العدوانية، بما أن الشعور العدواني خاصة نحو الأم يولد القلق.
وسمى هورني القلق الذي يسبب العصاب بالقلق الأساسي، وذلك من ناحيتين : فأولا لأنه أساس العصاب ، وثانيا لأنه ينشا في المرحلة الأولى من الحياة نتيجة اضطراب العلاقة بين الطفل ووالديه وهذا الاضطراب هو الذي يسبب للطفل الحرمان من الحب والعطف الحقيقيين، والطفل الذي لا يشعر بالحب والاحترام في سنواته الأولى يميل إلى إظهار الكره والعداء نحو والديه ونحو الأشخاص الآخرين. وبما أن الطفل يعتمد على والديه في كل شيء فهو لا يستطيع إظهار هذا العدوان وهذا ما يؤدي إلى كذبت الشعور العدواني، ثم إلى القلق، إذن هناك تفاعل متبادل بين العدوان والقلق فكل منهما يقوي ويساعد الآخر
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــع............... ....
|