عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2010, 02:10 PM   #2
أ.ليلى الحمدان
اخصائية نفسية اكلينيكية


الصورة الرمزية أ.ليلى الحمدان
أ.ليلى الحمدان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28535
 تاريخ التسجيل :  08 2009
 أخر زيارة : 01-06-2016 (11:34 PM)
 المشاركات : 1,344 [ + ]
 التقييم :  79
لوني المفضل : Cadetblue


-2 قلق الانفصال
1-2-1 تعريف الانفصال
لغويا: الانفصال من الفعل انفصل وهو ضد اتصل.
اصطلاحا: الانفصال هو نزع جزء من الكل المكون له، أو انفصاله عنه مما يغير في بنية كل منها.
ويعرفه Norbert Sillamy في قاموسه على انه إبعاد الأفراد عن الكائنات أو الأشياء.
1-2-2 تعريف قلق بالانفصال
قلق الانفصال يتمثل في حالة عدم الارتياح والاضطراب والهم الذي يظهر نتيجة للخوف المستمر من فقدان الأشخاص المحبوبين والمرغوبين حيث يقول:" القلق عند الأطفال ليبس أصل شيء آخر غير عاطفة فقدان الشخص المحبوب".
أما المراجعة الرابعة للدليل التشخيصي الإحصائي للأمراض العقلية DSM4 فقد عرفت قلق الانفصال على النحو التالي:" قلق الانفصال هو قلق شديد بسبب الانفصال عن الأفراد الذين يتعلق بهم الطفل أو بسبب الانفصال عن البيت" (DSM4, 2004, p523 ) وهذا يعني أن قلق الانفصال حسب هذا الدليل –DSM4- هو الخوف من الوحدة بأسلوب متزايد أو الخوف من الابتعاد عن الشخص الذي يتعلق به تعلقا شديدا في البيت أو في مكان آخر.
1-2-3 التعريف الإجرائي لقلق الانفصال :

يمكن تعريف قلق الانفصال إجرائيا على النحو التالي:
قلق الانفصال هو القلق الذي يصاب به المرء لدى انفصاله عن شخص يعتقد بضرورة وجوده في حياته، أو هو القلق الشديد المرتبط بحالة عدم الارتياح بسبب الانفصال عن الأفراد الضروريين في حياة الطفل.

1-2-4 أعراض قلق الانفصال:
تظهر عدة أعراض يمكن تشخيصها من قلق الانفصال حيث أورد DSM IV المعاير التشخيصية للاضطراب قلق الانفصال على النحو التالي:
* النمو الغير المناسب، وقلق متزايد متصل بالانفصال عن البيت أو عن من يتعلق بهم الطفل تعلقا شديدا.
* الألم المتكرر الشديد عند توقع الانفصال عن البيت أو من يتعلق بهم تعلقا شديدا.
* قلق دائم و متكرر لفقدان شخص عزيز أو توقع حدوث له ضرر أو كارثة.
* قلق دائم و متزايد جراء حدث مكروه سيؤدي إلى الانفصال عن شخص عزيز.
* الإصرار على الرفض و المقاومة و الكراهية للذهاب للمدرسة أو إلى أي مكان آخر بسبب الخوف من الانفصال عن الأم.
* الإحجام المستمر، أو رفض الذهاب إلى النوم دون أن يكون بجوار من يتعلق بهم تعلقا شديدا، و هذا ما يظهر في رفض النوم بعيدا عن البيت.
*الكوابيس المزعجة المتكررة و التي تأخذ طابع الصداع، ألم في المعدة، الغثيان، القيء و هذا عند حدوث أو توقع الانفصال من الأشخاص الذين يتعلق بهم أو الذين تكون لديهم منزلة كبيرة في نفسية الطفل.


1-2-5 الأسباب المؤدية لقلق الانفصال:
1-2-5-1 صدمة الميلاد:

تعتبر عملية الميلاد كأول صدمة نفسية عنيفة، وأول حالة خطر يعيشها الطفل .إذ أن ما تحدثه من تصدع اقتصادي يصبح النموذج الأصلي للاستجابة القلق. حيث أنها ترمز إلى الانفصال عن الأم بمعنى بيولوجي في أول الأمر، ثم إلى فقدان الموضوع فيما بعد و بطريقة غير مباشرة.
يعتبر أوتورانك أول من تكلم عن صدمة الميلاد حيث يعتبرها كأول و أهم خبرة للانفصال يمر بها الإنسان و تسبب له صدمة مؤلمة، و تثير فيه قلقا شديدا. و قد سمى رانك القلق الذي تثيره صدمة الميلاد بالقلق الأولي.
وصدمة الميلاد بمعناها الرمزي تعني الانفصال عن الأم، و بالتالي يصبح كل انفصال فيما بعد مسببا لقلق، فالفطام يثير القلق بما أنه يتضمن الانفصال عن ثدي الأم، و المدرسة تثير القلق بما أنها تتضمن أيضا الانفصال عن الأم... إلخ. و كل هذه المعاناة تترك دلالات هامة على النمو النفسي للطفل مستقبلا.
1-2-5-2 الفطام:

هو منع الثدي عن الطفل. و من الناحية النفسية الانفعالية يعني الانفصال عن ثدي الأم، و بالتالي الانفصال عن الأم، بما أن ثدي الأم تحقق إشباعات بيولوجية هامة. بحيث تصبح الأم مصدر ارتياح الطفل باعتبارها العنصر الوحيد الذي يلب حاجاته الغذائية و العاطفية في نفس الوقت.
إن حرمان الطفل من ثدي الأم مبكرا يؤدي إلى اضطرابات نفسية الأمر الذي يؤثر سلبا على نموه الجسمي و العاطفي، إضافة إلى إثارات القلق الأولي –الموصوف من طرف أوتورانك – و بالتالي الشعور بالإكتئاب، عدم الانسجام و بروز ملامح الكره والحقد و العنف لديه لاحقا و لهذا حدد الله عز و جل الفطام في حوالي عاميين حيث يقول في سورة البقرة: » و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة «. ( سورة البقرة آية 232).
1-2-5-3 غياب الولدين:

إن للولدين أهمية كبيرة في تكوين العلاقات الأسرية. فعلاقة الولدين بالأبناء تؤثر و بشكل كبير في سلوكاتهم و جوانب عديدة في شخصيتهم، و الأسرة تتكون من عدة أفراد و فيها فردين يكونان أكثر تمييزا و هما الأب و الأم و لكل منهما دور خاص في تنشئة الطفل و يكون لغيابهما أثر كبير على نفسيتهم.


1-2-5-3-1 أثر غياب الوالدين:
للأم الدور الكبير في عملة تنشئة الطفل و قد أكد جون بولبي Bowlby هذا حيث يقول: »إن علاقة الأم بالطفل هي بدون شك العلاقة الأكثر أهمية خلال سنوات الطفل الأولى، و أي حالة تمنع الطفل من هذه العلاقة تسمى بالحرمان الأمومي « . فالأم بوجودها تشبع كل حاجات الطفل بيولوجية كانت أم نفسية عاطفية، و غيابها المؤقت أو الدائم يعني عدم وجودها و بالتالي عدم إشباع الحاجات و هذا ما يدفع بالطفل إلى الإحساس بقلق حاد سببه انفصاله عن أمه.
و الكثير من الدراسات أكدت أن تأثير انفصال الطفل عن أمه يختلف باختلاف سن الطفل. فغياب الأم في الأيام الأولى من حياة الطفل – خاصة إذا وجد الطفل بديل أمومي يعطيه العناية و الرعاية – يكون اخف مقارنة بغيابها في السن الثانية و ما بعدها، فالطفل هنا يشعر بأن شيئ من كيانه قد فقد و لا يمكن تعوضه، وهذا ما يجعله يعيش في حالة توتر دائمة.
1-2-5-3-2 أثر غياب الأب :

عندما نتكلم عن الأم و دورها في حياة الطفل لا يعني أننا قد أهملنا دور الأب في تكون شخصية الطفل خاصة إذا كان الاتصال بينهما منظم و متكرر منذ الولادة. فالأب يمثل بالنسبة للطفل السلطة الضابطة أو المثل الأعلى يجب الإقتداء به، و كلما كانت العلاقة أب/طفل أمينة يملؤها الحب والحنان والعطف كلما نشأ الطفل في صحة جيدة و بنية جسمية قوية. أما في حالة ما تدهورت هذه العلاقة فإنها تدفع بالطفل إلى الشعور بالكراهية لأبيه و الغيرة من أخوانه و كرههم حيث تسوء بذلك حالة الطفل النفسية، مما يجعله يعيش في تجاذب وجداني يسبب له قلق حاد .
1-2-5-4 المدرسة:

تعتبر المدرسة كأهم مرحلة يدخل إليها الطفل حيث أن الطفل ينفصل و لأول مرة عن محيطه العائلي و يلتحق بمحيط جديد مملوء بالمخاطر و المخاوف في نظر الطفل، و هذا ما يدفع بالطفل إلى رفض المدرسة و إبداء قلق شديد عندما يجبرون على الذهاب إليها.

و يلاحظ أن الأطفال الصغار الذين ينفرون من الذهاب إلى المدرسة عادة هم أطفال ينالون رعاية زائدة من أمهاتهم، و هذا دليل على أن الطفل لم يخف من المدرسة في حد ذاتها بل يخاف من فقدان أمه و لم يقوى بعد على الانفصال عليها. هذا ما ذهبت إليه الدراسات الحديثة التي حاولت أن تدرس موضوع خواف المدرسة La phobie scolaire حيث أكددت أن الطفل في المراحل الأولى من حياته يخاف من المدرسة كونه يخاف من فقدان أمه. لأنه يخاف أن تحدث له و لأمه أشياء مزعجة في وقت انفصاله عنها.
1-2-5-5 أسباب أخرى:

عدم النضج الانفعالي، فالأطفال الصغار الذين لم يبلغوا درجة عالية من النضج الانفعالي، و يتعلقون تعلقا كبيرا بصورة الأمومة يتعرضون بصفة خاصة لقلق شديد بسبب الانفصال عن الأم.
*درجة الارتباط بالأم. كلما كانت درجة ارتباط الطفل بأمه عالية تكون درجة الإصابة بقلق الانفصال أقوى.
مرور الطفل بخبرات انفصال عابرة مرتبطة بأنواع عديدة من الأسباب كولادة أخ صغير، الحالان الإستشفائية* ، النزاعات التي تحدث بين الأبوين


1-2-6 التشخيص الفار قي لقلق الانفصال:
عند تشخيص قلق الانفصال، ينبغي تمييزه عن الاضطرابات الأخرى و التي قد تكون بينها و بين قلق الانفصال علاقة أو أعراض متشابهة و من ذلك:
* القلق العادي أو المعمم: في بعض الأحيان يحس الطفل بقلق قد يكون ظاهرة عادية ، لأن القلق المعمم لا يكون مركزا على مواقف الانفصال فقط، بل على أحداث أخرى أيضا: كالخوف من الحيوانات.
* الاكتئاب: إن تشابه أعراض قلق الانفصال و الاكتئاب، يجعل تشخيصهما صعب. لذا يجب إجراء تشخيص خاص لمعايير و محكات قلق الانفصال، بما أن الأعراض تتفق في كلا الاضطرابين.
* الهلع و الخوف المرضي من الأماكن الفسيحة: خاصة إذا علمنا أن هذا الاضطراب لا يحدث قبل سن 18 سنة، و ليس بسبب حدوث الانفصال. إلا أنه في بعض الحالات تتفق أعراض هذا الاضطراب بأعراض قلق الانفصال.
* بعض الاضطرابات السلوكية: و التي تكون أسبابها أمراض أخرى غير قلق الانفصال.
* رفض الذهاب إلى المدرسة: على أنه من الأعراض الشائعة لقلق الانفصال، لكن في بعض الأحيان يبقى بعيدا كل البعد عنه. فالأطفال الذين يعانون من اضطرابات أخرى كالمخاوف المرضية، و الاضطرابات السلوكية يبدون رفضا تاما للذهاب إلى المدرسة.
* المخاوف الحقيقية: قد يتعرض الطفل لعدوان خارج البيت أو في المدرسة، مما يجعله يرفض الخروج من البيت، وهذا ليس بسبب الخوف من الانفصال، بل يجب تقصي هذه المخاوف وصولا إلى تحديدها.



يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع........... ..............



 

رد مع اقتباس