11-07-2010, 12:55 PM
|
#4
|
اخصائية نفسية اكلينيكية
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 28535
|
تاريخ التسجيل : 08 2009
|
أخر زيارة : 01-06-2016 (11:34 PM)
|
المشاركات :
1,344 [
+
] |
التقييم : 79
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
2-2 قلق الانفصال و فقدان الموضوع حسب النظريات النفس دينامية:
2-2-1 مكانة قلق الانفصال و فقدان الموضوع في النظرية الفرويدية:
إن الإسهامات النظرية الكبرى لفرويد في هذا الموضوع محتواة في منشورين إثنين: "الحداد و الميلانخوليا " deuil et méloncolie و " الكف، العرض والقلق inhibition, symptôme et angoisse". و قد اعتمد فرويد في هذا الموضوع خصوصا على علم النفس المرضي العام و الملاحظة في الحياة اليومية، دون الرجوع إلى خبراته التحليلية مع عامليه. ففي 1905 لاحظ مثلا أن الطفل يخاف من الظلام كلنا ترك وحيدا، و في 1920 أعطى تحليلات عامة حول الطفل الذي يلعب بالبكرة la bobine بهدف إعادة تمثيل غياب و ظهور أمه الغائبة...إلخ.
ففي مقاله الحداد و الميلانخوليا، التي ظهرت سنة 1917، أشار فرويد إلى التشابه الغريب الموجود بين حالة الحداد و أعراض الاكتئاب الميلانخولي. فالحداد عادة هو رد فعل تجاه فقدان شخص محبوب، و الميلانخوليا تتميز باكتئاب عميق و مؤلم تؤدي إلى توقيف الاهتمام بالعالم الخارجي و فقدان القدرة على المحبة، و الاختلاف الموجود بينهما هو أن فقدان الموضوع في الميلانخوليا يظهر كهوام لا شعوري عكس ما هو موجود في الحداد، و الاختلاف الآخر هو فقدان تقدير الذات الذي نلاحظه في الميلانخوليا و لا نلاحظه في الحداد.
كما أن فرويد وصف في هذه المقالة، ميكانيزم دفاعي أساسي ضد فقدان الموضوع، و باعتبارنا أن استدخال الموضوع المفقود هو جزء منشطر من الأنا أمر بديهي؛ فهو السبب الأصلي لحدوث الاكتئاب، و هذا ما ذهبت إليه ميلاني كلاين عندما تكلمت عن الوضعية الاكتئابية و فكرة فقدان الموضوع.
و في سنة 1926 في كتابه"الكف، العرض و القلق" أرجع فرويد مصدر القلق إلى الخوف من الفراق و فقدان الموضوع، و فيها اقترح نموذج نظري يسمح بتعريف القلق و تبيان أصله. فالقلق إذا يظهر كرد فعل للأنا في حالة الخطر. لكن يبقى المشكل المطروح هو تحديد هذا الخطر. و حسب فرويد، لا يمكن أن يتعلق بخطر على الحياة، و الذي سيعطي مكان لقلق الموت؛ لأنه لا يوجد في معاش الفرد تجربة الموت، لكن في اللاشعور ليس هناك أي شيء يعطي مضمون لتصورنا بتدمير الحياة. و قلق الموت هنا يجب أن يكون مدرك مقارنة بقلق الخصاء؛ إذا القلق يعاش كرد فعل تجاه خطر الإخصاء، و الذي يظهر كرد فعل للفقدان و الانفصال.
2-2-1-1 نوع المخاطر في الحياة:
إن المخاطر قابلة أن تطلق حالة صدمات في مختلف أطوار الحياة وحسب فرويد فهي عادة راجعة إلى الخوف من الفراق وفقدان الموضوع المحبوب،أو إلى فقدان الحب من طرف الموضوع، وهذا الفقدان يمكن أن يؤدي إلى اتجاهات مختلفة كتراكم الرغبات الغير مشبعة وكذا حالة من الإكتئاب، وهذه الأخطار متتالية حسب فرويد وهي الولادة، فقدان الموضوع، فقدان القضيب ، فقدان حب الموضوع ، فقدان حب الأنا الأعلى.
2-2-1-1-1 خطر الولادة :
بالنسبة لفرويد مسار الولادة هي الحالة الخطيرة الأولى، والتقلبات الإقتصادية الناتجة تصبح نمط أولى لحالة القلق. والحالة يعيشها المولود الجديد و الرضيع على شكل آلية من حالة الإشباع ، ولتحديد هذا الخطر استعاد فرويد نظرية Otto Rank حول صدمة الميلاد وإعتمد خصوصا على كتابه « le Trauma de la nissance et sa significativité pour la psychanalyse »
الذي يؤكد فيه على أن عملية الميلاد هي بالضبط أولى إنفصال عن الأم . وهذه الأخيرة لم تدرك كموضوع بسبب نرجسية الجنين. فالولادة يمكن أن نعتبرها إخصاء من الأم وفق معادلة طفل= قضيب
2-2-1-1-2 فقدان الأم كموضوع:
يستمر فقدان الأم كموضوع إلى مرحلة متأخرة جدا، وحسب فرويد فإن حالات الإشباع المتكررة هي التي خلقت هذا الموضوع. فالرضيع عندما يدرك الأم كموضوع لا يستطيع أن يفرق بين الغياب المؤقت والفقدان المستمر لأمه.
ولهذا نجده يتصرف في اللحظة التي يفقد فيها رؤية أمه كما لو أنه لا يراها ثانية، وهنا يصف فرويد القلق المتعاقب الذي يظهر كخطر فقدان الموضوع الأمومي والطفل تدريجيا ينتقل من مرحلة الخوف من فقدان الموضوع إلى الخوف من فقدان حب الموضوع.
2-2-1-1-3 قلق الخصاء كخطر فقدان الموضوع:
الخطر الأتي يتمثل في الخوف من الخصاء الذي يعود إلى المرحلة القضيبية. فهو يعاش كخطر فقدان الموضوع والموضوع هنا يكون القضيب. ولقد وضح فرويد أن قلق الخصاء هو أيضا قلق إنفصال حيث يخضع لنفس الشروط المحددة لفقدان الموضوع.
2-2-1-1-4 خطر فقدان حب الأنا الأعلى:
مع نمو وتدم الطفل يصبح قلق الخصائص من تهديد أبوي مستدخل بإلحاح ذاتي شخصي، والخطر يصبح أيضا غير محدد أكثر. وهنا يتطور قلق الخصائص إلى قلق أخلاقي ويسبب خوف فقدان الأنا الأعلى ويعطي بدلك الأنا أهمية وقيمة للخطر، ويستجيب عندها بإثارة القلق.
2-2-2 مكانة قلق والإنفصال في النظرية الكلاينية:
إن إرتباط الظواهر بقلق الانفصال أخذ مكانة هامة في النظرية الكلاينية. سواء كان ذلك في الجانب النظري أو التطبيقي،وبفضل تجاربها في التحليل مع الأطفال الصغار، وكذا التحليل الذاتي لحدادها الخاص. حيث اكتشفت ميلاني كلاين الجذور الواضحة للإكتئاب في مرحلة الطفولة، ومنحت للحداد الدور المركزي ليس في علم النفس المرضي بل حتى في النمو العادي.
ولعرض مكانة قلق الانفصال وفقدان الموضوع عند ميلاني كلاي لابد من العودة إلى أفكارها الأساسية التي تحملها، إنطلاقا من عقدة الأوديب المبكرة، الوضعية شبه العظامية و الإكتئابية.حسب رأيها فإن قلق الانفصال وفقدان الموضوع يسجل ضمن الإطار التطوري من العلاقات الموضوعية ، ولا يوجد هناك ما يعرف باللاتمايز أنا-موضوع L’indifférenciation Moi -objet ،عكس ما جاء به فرويد في فكرة النرجسية الأولية.لأن الأنا والموضوع يدركان منذ الولادة *. والقلق هو رد فعل مباشر للعمل الداخلي لنزوات الموت وهو يأخذ شكلين إثنين حسب ميلاني كلاي وهما:
قلق الاضطهاد الذي ينتمي للوضعية الشبه عظامية.
-القلق الإكتئابي الذي ينتمي إلى الوضعية الإكتئابية.
إن العلاقات الموضوعية توجد منذ بداية الحياة. والموضوع الأول هو ثدي الأم، والذي ينشطر بالنسبة للطفل إلى ثدي جيد مشبع وثدي سيء محبط، وهذا الانشطار يصل إلى حد الانفصال الحب والكره ، فالكره وقلق الاضطهاد مرتبطان بالثدي المحبط السيئ، أما الحب والأمن مرتبطان المشبع الجيد. وفي الواقع الموضوع الجيد هو ثدي الأم المغذي والذي يشبع حاجات الرضيع ويكون بالطبع محبوبا، والثدي السيئ غائب ومكروه لأنه يمثل خطر الموت بالنسبة للطفل.
إن المحتوى الأولي للقلق هو إحساس الطفل بالخطر لعدم إشباع حاجاته بسبب غياب الأم، وهو ينشأ من الخطر الذي يهدد العضوية نزوات الموت.
إذن القلق في الأصل هو الخوف من الموت * .فحسب ميلاني كلاين يوجد في اللاشعور خوف من فناء الحياة؛ بما أن نزوة الموت موجودة حقا، فهذا دليل قاطع على أنه هناك خوف من فناء الحياة.وهي تنشط على مدى الزمني للفرد، وهذا ما يظهر في الوضعية الشبه فصامية.
أما في الوضعية الإكتئابية القلق يظهر على شكل تجاذب وجداني، فالرضيع يخاف من نزواته التدميرية أن تدمر الموضوع الذي يحبه والذي يخضع له داخليا كما أنه يكتشف تبعيته الكاملة له،ورغبته الشديدة في امتلاكه والحفاظ عليه وحمايته من كل شيء يدمره. فإذا كان الرضيع مندمج جيدا معه يستطيع أن يتذكر حبه للموضوع الجيد وحفظه عندما يكرهه. وإلاماهات المحبوبة، حيث يستطيع الرضيع أن يتقمصها.أما فقدانها فيؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض والأحاسيس ، كالإحساس بالفقدان ، بالحزن،بالحنين للفقدان الجيد، بالذنب الذي يأتي للخطر الذي يهدد الموضوع الداخلي بإعتباره يعود إلى نزواته وهواما ته الشخصية. وحسب ميلاني كلاين فإن هذا يعتبر إشارة واضحة لبداية القلق الإكتئابي، حيث يوجد هناك تذبذب مستمر بين قلق الاضطهاد لأن الكره هو الأقوى والقلق الإكتئابي لأن الحب أقوى من الكره.
|
|
|