عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-2003, 12:45 PM   #2
تابط شرا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية تابط شرا
تابط شرا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2650
 تاريخ التسجيل :  09 2002
 أخر زيارة : 05-08-2003 (05:32 PM)
 المشاركات : 701 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يتبع/

االلمسة التاسعة : أصول الحوار

الأصل الأول :

سلوك الطرق العلمية والتزامها من تقديم الأدلة المُثبِتة لصحة الرأي وأن
تكون هذه الأدلة صحيحة .

وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة : ( إن كنت ناقلاً فالصحة

، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل ) .

وفي التنزيل جاء قوله سبحانه : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وفي أكثر

من سورة :البقرة :111 ، والنمل 64 . { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ

مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي } (الانبياء:24) . { قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (آل عمران:93) .

الأصل الثاني :

سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض ؛ فالمتناقض ساقط بداهة .

ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من :

- نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر ، كما

في قوله تعالى : { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً

يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } (القمر:2) .

وهو تناقض ؛ فالسحر لا يكون مستمراً ، والمستمر لا يكون سحراً .

الأصل الثالث :

ان تكون الأدلة واضحة محددة وليست تكرارا لصورة رأي الأنسان التي

يدافع عنهالأصل الرابع :

الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة . وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون

مرجعها ؛ أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين ؛ كحُسْنِ

الصدق ، وقُبحِ الكذب ، وشُكر المُحسن ، ومعاقبة المُذنب .

أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك .

وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات ، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن

لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة .

ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله وعبوديَّته ، واتَّصافه بصفات الكمال ،

وتنزيهه عن صفات النقص ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم

كلام الله ، والحكم بما أنزل الله ، وحجاب المرأة ، وتعدد الزوجات ، وحرمة

الربا ، والخمر ، والزنا ؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين ، وإثباتها

شرعاً أمر مفروغ منه .

إذا كان الأمر كذلك ؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل حوار أو نقاش مع مؤمن

بالإسلام لأنها محسومة .

فقضية الحكم بما أنزل الله منصوص عليها بمثل : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... } (النساء:65) . { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ

هُمُ الظَّالِمُونَ } (المائدة:45) .

وحجاب المرأة محسوم بجملة نصوص :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } (الأحزاب:59) .

وقد يسوغ النقاش في فرعيات من الحجاب ؛ كمسألة كشف الوجه ، فهي محل

اجتهاد ؛ أما أصل الحجاب فليس كذلك .

وأخيراً لا يجوزى إنكار المُسلَّمات والثوابت لان هذا مكابرة قبيحة

الأصل الخامس :

التجرُّد ، وقصد الحق ، والبعد عن التعصب ، والالتزام بآداب الحوار :

إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام ؛ وهو الذي يقود

الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ، أو هوى الجمهور ، أو

الأتْباع .. والعاقل – فضلاً عن المسلم – الصادق طالبٌ حقٍّ ، باحثٌ عن الحقيقة ، ينشد

الصواب ويتجنب الخطأ .

يقول الغزاليّ أبو حامد : ( التعاون على طلب الحق من الدّين ، ولكن له شروط

وعلامات ؛ منها أن يكون في طلب الحق كناشد ضالّة ، لا يفرق بين أن تظهر الضالّة

على يده أو على يد معاونه . ويرى رفيقه معيناً لا خصماً . ويشكره إذا عرَّفه الخطأ

وأظهره له ) .. الإحياء ج1 .

ومن مقولات الإمام الشافعي المحفوظة : ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق

ويُسدّد ويُعان ، وتكون عليه رعاية الله وحفظه .

وما ناظرني فبالَيْتُ ! أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني ) .

وفي ذمّ التعصب ولو كان للحق ، يقول الغزالي :

( إن التعصّب من آفات علماء السوء ، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ ، وينظرون

إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار ، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة

والمعاملة ، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل ، ويقوى غرضهم في التمسك

بما نُسبوا إليه . ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة ، لا في

معرض التعصب والتحقير لأنجحوا فيه ، ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلا

بالاستتباع ، ولا يستميل الأتْباع مثلُ التعصّب واللعن والتّهم للخصوم ، اتخذوا التعصب

عادتهم وآلتهم ) ( 7 ) .

والمقصود من كل ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصّب خالصاً لطلب الحق ، خالياً

من العنف والانفعال ، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة ، مما

يفسد القلوب ، ويهيج النفوس ، ويُولد النَّفرة ، ويُوغر الصدور ، وينتهي إلى القطيعة .

وهذا الموضوع سوف يزداد بسطاً حين الحديث عن آداب الحوار إن شاء الله .

الأصل السادس :

أهلية المحاور :

من الحكمة والعقل والأدب في الانسان ألا يعترض على ما ليس له أهلاً ، ولا يدخل

فيما ليس هو فيه كفؤاً .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق .
من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل .
إذن ، فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً يانعة ونتائج طيبة .

وكثير من الحوارات غير المنتجة مردُّها إلى عدم التكافؤ بين المتحاورين ، ولقد قال

الشافعي رحمه الله : ( ما جادلت عالماً إلا وغلبته ، وما جادلني جاهل إلا غلبني ! ) .

وهذا التهكم من الشافعي رحمه الله يشير إلى الجدال العقيم ؛ الذي يجري بين غير المتكافئين .

يتبع/


 

رد مع اقتباس