الناس يكرهون من يركز على السلبيات دون الحسنات:
الناس يكرهون الإنسان الذي ينظر إلى عيوبهم ويترك الحسنات، بل وأحياناً ينساها.
خذ مثلاً علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم، والتي يمكن أن يعمم مغزاها في كل قضايا التعامل. يقول _صلى الله عليه وسلم_: "لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"(5)، فما أحد يسلم من العيوب فلا توجد زوجة بلا عيوب، ولا صديق بلا عيوب، ولا رئيس ولا مرؤوس بلا عيوب، يقول سعيد بن المسيب: "ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه"، فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم. يقول الشاعر:
لا يُزْهِدنَّك في أخٍ لكَ | | أنْ تــراهُ زَلَّ زلــــَّـهْ |
ما مِنْ أخٍ لك لا يُعابُ | | ولو حَرِصتَ الحِرْصَ كُلَّهْ
|
وقد نكره أشياء في بعض الناس، ولكن عندما نفتقدهم ونخالط من هم أسوأ منهم ندرك الخير الذي كان فيهم ولم نعبأ به. يقول الشاعر:
بكيت من عمرٍو فلما تركته | | وجربت أقواماً بكيت على عمرِو |
وفي كتاب (لمحات في فن القيادة) لكورتو وهو عسكري، وقد ضمَّن كتابه خبرات يمكن الاستفادة منها. يقول في كتابه: "هنا طريقتان للحياة: طريقة سلبية قائمة على رؤية مساوئ الرجال والأعمال، تُرى الأخطاء ليس لإصلاحها بل لاستغلالها بشكل هدام والعودة إليها بمناسبة وبدون مناسبة، وطريقة أخرى تنظر إلى الأمور بعين الرضا وتبحث عن محاسن الرجال لتنميتها وتحسينها، وترحم ضعفهم وأخطاءهم، وتعمل على إصلاحها".
والرسول _صلى الله عليه وسلم_ يعطينا المثل فيُذَكِّر بفضل الأنصار؛ لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات، فقد أخرج البخاري قوله _عليه الصلاة والسلام_: "أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي (يعني: بطانتي وخاصتي) فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة) وبقي الذي لهم؛ فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم"(6) إن هذا قمة الإنسانية والعدل.
هناك أناس إذا قدم لهم مسؤول أو موظف معروفاً فسرعان ما ينسون المعروف وصاحبه بعد تقاعده، ولكن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ يؤكد أن الذي أدى المعروف وهو من أهل الفضل يُذكر فضله ويُغض الطرف عن مساوئه.