الناس يكرهون من يعاملهم باستعلاء:
الناس يكرهون من يعاملهم باحتقار واستعلاء مهما كان هذا الإنسان، حتى لو كان من كان، داعية، عالماً، معلماً؛ لأنهم لا يحبون مَنْ ينظر إليهم نظرة استعلاء، ولذلك كان هناك حث على أن يكون الإنسان متواضعاً، وإن كان في مقام التعليم أو الرئاسة.
روى هارون بن عبد الله الجمال، فقال:"جاءني أحمد بن حنبل بالليل – انظروا كيف يكون التصرف – يريد أن يصحح خطأ، فدقَّ عليِّ الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أنا أحمد، لم يقل الشيخ أحمد، فبادرت وخرجت إليه فمسَّاني ومسَّيته.
فقلت: حاجة أبي عبد الله؟ (أي: ما حاجتك؟)
قال: شغلتَ اليوم قلبي.
فقلت: بماذا يا أبا عبد الله؟
قال: جُزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس".
انظر كيف كانت النصيحة – والذي روى الحادثة ليس الإمام أحمد، وإنما ذلك الشخص الذي تأثر بالنصيحة – انظروا إلى هذا السلوك الطيب يزوره بالليل، ثم يبدي مشاعره وحرصه عليه – شَغَلْتَ قلبي – لم يقل: أسأت للناس، وهذه وسيلة من الوسائل أن تتحدث عن مشاعرك أنت، فتقول: أنا أشعر أن الموضوع ليس كذا. عندئذ يشعر الشخص بالخطأ ويكون أدعى لقبول النصيحة، وهكذا فإن النظرة إلى الناس يجب أن تكون نظرة إشفاق ورحمة، نظرة الطبيب إلى مريضه، فقد أكون مشفقاً على شخص كنت أنا مثله، أو أن غيري مثله ولا تكون نظرة احتقار وازدراء.