الموضوع: شيء من حياتي 1
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-08-2010, 02:12 AM   #1
اينار
المركز الثالث (عقد من ضياء)


الصورة الرمزية اينار
اينار غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18469
 تاريخ التسجيل :  09 2006
 أخر زيارة : 04-04-2024 (04:42 AM)
 المشاركات : 2,518 [ + ]
 التقييم :  71
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Hotpink
شيء من حياتي 1



شيء من حياتي 1


يعتصر قلبي حين تمر أطياف الماضي على ذاكرتي وتبدأ بالتجسد أمام عيني ، وتضعف أنفاسي عند فشل المحاولة لإدراك هذه الأطياف والعودة إلى ذلك الماضي الجميل ، فأنا أشتاق وبشدة لبعض من الماضي .

يمني السعيد ، بيتي الكبير ، أخوتي الأعزاء ، جيراننا الطيبين ، كل شيء وكل التفاصيل أتذكرها ، أغمض عيني وأستشعر الأجواء الرمضانية هناك والاختلاف البريء الذي لايتهم الأجواء الرمضانية هنا _ في موقع عيشي الحالي _ بالسلبية المطلقة . أتذكر الراديو الذي لا يُمسح الغبار من عليه إلا في رمضان ليبدأ بالصدح في المطبخ طوال فترة التقطيع والطحن والسلق والقلي وغسيل الصحون وما إلى ذلك حتى آذان المغرب الذي يسبقة قراءة القرآن بصوت الشيخ محمد حسين عامر ( وكانت بجد أكتر لحظة مميزة في رمضان ) .

أتذكر هرولة أخواني للّحاق بصلاة الجماعة ، وعودتهم وقد توليتُ أنا وأخوتي وأمي بترصيص أصناف الطعام على السفرة وإنتظارهم حتى نبدأ بتناول الطعام ومشاهدة ما يعرض في قناة الـ ( إم بي سي ) ، فهذه القناة كانت مقدسة في كل سنة في رمضان في تلك الساعة مهما كان البرنامج الذي تعرضه .

أتذكر صلاة التراويح مع الجيران في أفضل الجوامع ( في رأيي ) بسبب من كانوا يتولون الإمامة فيها والصلاة بنا بأصوات تُعِين على الخشوع والقنوت الصادق لرب العالمين ، والذين قد علمتُ أن أحدهم قد ذاع صيته و أصبح معروفاً محليا كمنشد وقاريء ، وهو خليل الآنسي ( لمن قد سمع عنه ) ، فهو حقاً صاحب أعذب الأصوات .

وأتذكر أيضا الزيارات وامتلاء بيتنا بالجيران والأحباء مع أبنائهم الصغار . كان مجلسي دائما مع الصغار لا الكبار ، فلم أكن أهوى مجالس النساء والقات ، فكان وقتي يذهب باللعب مع أصدقائي الصغار ومشاهدة التلفاز ( كان أدمان بعيد عنكم .. وأتخلصت منه والحمدالله ) ، ولا يغيب عن بالي أبداً قضاء أجمل الأوقات عند زيارة صديقات معينات لنا أعتادوا زيارتنا الدائمة في آخر ثلاث سنوات عشناها في اليمن ، كانوا من أقرب الناس إلى قلبي ، وقد تبدلت حياتهن أيضاً في الوقت الحالي وأصبحت إحداهن أم يزن ، والأختان أصبحت أحداهن طبيبة أسنان ، والآخرى معلمة للغة الإنجليزية في المملكة العربية السعودية .

ويأتي وقت السحور ، وماأدراكم ما وقت السحور ، حين نتجمع أنا وأخوتي من دون والدتي ، فنحن إذن بلا رقيب على سفرة الأكل ، فنبدأ بسرد الحكايا التي لاتنتهي ونملأ الأجواء بالضحك المجنون واللعب ، فقد كانت لنا لعبة خاصة نلعبها حين تناول الوجبات التي لا تشاركنا أمي الطعام فيها ( ماحدّش يسألني إيه هي اللعبة لأني مش ح أعرف أشرحها كتابتاً ) ، وكانت تلك الوجبات هي السحور في رمضان و العشاء في الأيام الأخرى ، ولهذا السبب كانت تصل مدة تناول هذه الوجبات معنا لأكثر من الساعة ( كنا مجانييييييين .. بس كانت فعلا من أكتر الأوقات متعة ) ، لا أنسى أبداً أبريق الشاي الكبير مع السحور والعشاء ، كنا نملأه تماماً ونشرب منه حتى النهاية ، ولا أنسى عادتي السيئة ، عند إثارة موضوع مضحك فجأة دون إنذار ، في إطلاق ضحكة هستيرية والشاي ملء فمي فأملأ الأجواء بالضحك ورذاذ الشاي ( هههههههه .. بس والله كبرت وعقلت خلاص )


كم أشتاق لتلك الليالي وتلك اللحظات ، و كم أمقت الحنين الذي لا يرحم ويشتعل في نفسي كل فترة ويجبرني على أن أشتاق وأتعذب وأشعر بالاختناق . كل شيء الآن اختلف تماماً ، فلم نعد نعيش في يمني السعيد ، وتركنا جيراننا وأبنائهم و بيتنا الكبير ، و نقص عددنا ثلاثة بعد أن أصبح لكل منهم حياة خاصة مختلفة في مكان مختلف ، وكبرنا وتغيرت طباعنا وميولنا وأساليب حياتنا ، ولم نعد نشرب من أبريق الشاي الكبير .


أتساءل ، هل أنا حقا ذات تلك الفتاة التي كنت أتذكر حياتها من قليل قبل مضي ست سنوات .. ؟؟ هي فقط تشبهني وتحمل اسمي ، فقد كانت ست سنوات كفيلة وبجدارة لتغييري و صنع إنسان آخر في داخلي . إذن ، فهل أصبحتُ سيئة ..؟؟ لا ، بل أصبحتُ مختلفة ، بحيث أصبح هذا الاختلاف عائقاً يحيل دون إمكانيتي بمعايشة الماضي من جديد .


هذا شيء من حياتي الذي قد يشبه جزء منه شيء من حياتك ، ضع/ي يدك في يدي ولنردد " هكذا هو نحن وهكذا هي الحياة " .


.


رانيا محسن
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس