عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-2010, 04:34 AM   #1
مجد الغد
خبيرة في الرقية الشرعيه والحجامه


الصورة الرمزية مجد الغد
مجد الغد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29716
 تاريخ التسجيل :  02 2010
 أخر زيارة : 18-03-2011 (12:11 AM)
 المشاركات : 777 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
أيها المبتلى لا تحزن



أيها المبتلى لا تحزن


21_45.gif6f" SIZE=1>
اسمح لي أن أذكرك عسى أن تطيب نفسك بهذه الذكرى ، ولن أقول لك شيئاً تجهله بل هو معلوم لديك ، وليس بخافٍ عليك .
أخي مهما تعاظم معك الداء فإن مآله إلى زوال ، ومهما اشتد سواد الليل ؛ ﴿ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيْبٍ ﴾(؟26-140.gif بلى ؛ وربي إنه لقريب(26-140.gif أي أخي :

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعاً وعند الله منها المخرج


وانظر ـ رحمك الله ـ فيمن حولك من الناس ستجد فيهم من هو أعظم بلاءً مما أنت فيه ، وانظر وقلِّبْ نظرك فسترى ، وسترى ما لا يقوم له بصرك من أدواء الناس ، وبلاياهم .
فإن لم تجد في نفسك من الإيمان الباعث على الصبر والاحتساب ـ وظني بك أنك نعم المؤمن الصابر المحتسب إن شاء الله ـ ما يهوِّن عليك مصيبتك ؛ فاجعل أدواء الناس لك دواءً .
أنزل أدواء الناس ، وبلاياهم ، ومصائبهم ، وأمراضهم على بليتك ، ومصيبتك ، ومرضك ؛ يخف ويهون وقد يتلاشى ويزول ـ إن شاء الله ـ فمن نظر إلى مصيبة غيره تَهَاوَنَ مصيبته ، واقرأ في كتب الغابرين تجد مصائب الناس مسطورة ، وفي التاريخ مزبورة .
واقرأ القرآن ، اقرأ خير كتاب في ذلك ، سيحدثك عن أمراض عباد الله الصالحين ، وعن محن المقربين ، وشكاوى العابدين .
فذا أيوب ؛كم عانى من المرض(؟) ولله صبره ما أجمله(26-140.gif أي قلب عامر بالإيمان يحمل بين جنبيه(26-140.gif لا تقل لي : قلب نبي ؛ فأقول لك : نعم نبي ولكنه بشر يَأْلَمُ كما تَأْلَم ، ويحس كما تحس ، ويحزن ، ويغتم ، ويصيبه ويعرض له من الأدواء ، والأرزاء ما يعرض للآخَرين ، بل هو في ذلك أشد بلاءً ، وأعظم امتحاناً من غيره.
وهذا يونس عليه السلام ويالها من شدة ، وكربة ، وجد نفسه فيها(26-140.gif لم يجد بشر نفسه فيها قبله ، حيث حبسه الله في بطن الحوت ، فأسقمه البلاء ، قال تعالى : ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيْمٌ ﴾ ، نعم أسقمه السجن ، وأمرضه ، حتى عاد جسمه رخواً ليِّناً لا يقوى حتى على القيام .
فـ (( من الذي ما ساء قط )) ؛ وما خص الرجال بالبلاء دون النساء ؛ فللنساء من البلاء نصيبُ أيضاً.
فهذه مريم العذراء البتول رميت عن قوس الإفك بسهام الريبة ، وتهمة الزنا ؛ وهي الصبية العذراء العفيفة ، الضعيفة التي لا تملك حيلة ، ولا تستطيع سبيلاً، حتى تمنت الموت على الحياة ولم يكن هذا الذي كان ، وهي المؤمنة التي تعلم أنه اختيار الله ، وقدره ، ومشيئته ، فقالت : ﴿ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَّنْسِيّاً ﴾ والنسي المنسي هو اللبن الذي ترك حتى تغير طعمه ومذاقه ، تتمنى أن لو كانت لبناً ترك وأهمل على هذا البلاء الذي اصطفاها الله له ، ومع هذه الحسرات ، وما يظهر في كلامها وشكواها من ضعف وعجز ، إلا أنها صبرت لهذا الأمر ، وقامت به فماذا كان(؟) وما قيل لها(؟) وكيف كانت عاقبة أمرها(؟).
قال تعالى : ﴿ فَنَادَهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي﴾ ، وكم كانت بحاجة إلى أن يقال لها : ﴿ لَا تَحْزَنِي﴾ فقد كانت حقاً حزينة ، ولا شك أن البلاء يُحْزن ، فكم من مريض أحزنه المرض ؛ بحاجة أن يقال له : (( لا تحزن )) ، ودواؤه أن يقال له : (( لا تحزن )) ، وكم من حزين بسبب مصيبة أو كربة ، أو شدة ؛ ولذلك عندما اشتد الطلب من قريش لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولأبي بكر رضي الله عنه عند الهجرة ، حتى كاد أن يدركهم الطلب ، فقام بعض كفار قريش على باب الغار ، وأخذ أبو بكر ينظر أقدامهم وهم لا يرونه فحزن رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلسان الواثق بربه ، ووعده ، ونصره وتأييده : ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ ، فنزلت بعدُ السكينة.
والحزن في أمر كهذا طبيعة بشرية(26-140.gif فالنفوس السوية تحزن ، وكيف لا(؟) وهذا نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحزن لموت عمه أبي طالب ، ويحزن لموت خديجة حتى سمي ذلك العام بعام الحزن .
ويحزن أيضاً صلى الله عليه وعلى آله وسلم لموت ابنه إبراهيم فيقول : (( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون )) .
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تدمع عينه ، ويحزن قلبه وهو من هو في منزلته ؛ فكيف إذا كانت امرأة ، وشابة عذراء ، وليس هذا فقط بل وتنسب إلى بيت صلاح ودين وأرومة ، بل وكانت عاكفة ، عابدة اشتهرت بالصلاح ، والخير والدين ؛ ثم تأتي بولد ولا يعرف لها نكاح(26-140.gif.
أفلا يحزن قلبها(؟) أفلا تدمع عيناها(؟) بلى يحزن(26-140.gif بلى تدمع(26-140.gif أفلا تقول : ﴿ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَّنْسِيّاً ﴾ فهذا جِبِلَّةٌ ، وفطرة ، ولكن لا ينبغي الاستسلام للحزن ، وإذكاء الهم بهم آخر بل الواجب هو القيام ، فعلى المرء أن يستمدَّ من الله العون .
قال تعالى : ﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ ، سرياً : أي : جدولاً جارياً.
﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطَ عَلَيْكِ رُطَبَاً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُوِلِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِياً﴾.
فكم كانت مريم بحاجة إلى هذا المدد ؛ وأن تسمع مثل هذه الكلمات لتشد وتربط على قلبها ؛ وتعلم أن الله معها ، وأنه ليس بتاركها ، فتنزلت عليها السكينة ، وغشيتها الرحمة ، وكفاها الله ما أهمها.
وذاك إبراهيم عليه السلام ولا يخفى عليك ما كان من أمره وهو الفتى الصغير الضعيف الذي لا حول له ولا قوة مع قومه ، وكيف رمي في النار(؟) وكيف أنجاه الله(؟) ولو أَخَذْتُ أَقُصُّ عليك من القرآن في هذا الباب لصار اللبن الحليب كالقَار والقَطِرَان من هول البلاء ، وعِظَمِ الداء ، ولو قَلَّبْتَ صفحات القرآن فستجد في الذكر الحكيم ما يهون عليك مصيبتك ، ويكون لك بلسماً وشفاءً.
نعم أخي ؛ ودعني أقص عليك من واقع الناس الذي عايشته ما قد يكون لجراحك بَلْسَماً ، ولحزنك مُذْهِباً :
دُعِيتُ مرة لأقرأ على امرأة طريحة الفراش ظلت خمس سنوات ـ ولا زالت ـ طريحة الفراش لا تتحرك لا شيء فيها يتحرك سوى الرأس والعينين فقد عطل المرض كل عضو فيها فلا حراك اليوم .
جسد هَدَّهُ المرض ، وأفناه الداء ، تهاوى تحت شدته ، وسقط تحت سطوته فجعله حطاماً لا يرجى صلاحه ، أو ينتظر برؤه .
عندما أبصرتها ؛ أبصرت هشيم المُحْتَضَر ، ولما رأيتها رأيت الحزن أمامي ماثلاً : (( فَمَنْظَرُ الْحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا )) ، بقايا نفس كانت بشراً(26-140.gif لا تملك حتى أن تَئِنَّ ، وبعض الأنين رحمة(26-140.gif حتى اللسان أبكمه المرض ، وأخرسه البلاء ، فلا تسمع إلا همهمة كهمهمة الخرس البكم الذين لا يتكلمون .
يقول لي زوجها : (( أنا أقوم على خدمتها أغسلها ، وأنظفها ولا أسمح لأحد أن يقوم بهذا عني ، زوجتي منذ خمسة وعشرين عاماً ، ليس لدينا أولاد ، مرضت قبل خمس سنوات ، والحمد لله )) .

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس