الموضوع
:
أيها المبتلى لا تحزن
عرض مشاركة واحدة
12-09-2010, 04:35 AM
#
2
مجد الغد
خبيرة في الرقية الشرعيه والحجامه
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
29716
تاريخ التسجيل :
02 2010
أخر زيارة :
18-03-2011 (12:11 AM)
المشاركات :
777 [
+
]
التقييم :
10
لوني المفضل :
Cadetblue
بالله عليك كيف ترى نفس هذه المرأة(؟) أي نفس نفسها(؟) لها عينان تبصران ، وعقل يعي ، ونفس تتمنى وترجو كيف تراها من الداخل وهي ترى الأصحاء ، المعافين في أبدانهم ،كيف يقومون(؟) وكيف يتحركون(؟) وهي طريحة الفراش ، لا تقوى أن تحرك في بدنها ذرة.
ألن يوسوس لها شيطانها بسوء حظها العاثر(؟
ألن تندب نفسها(؟) أليست هذه حياة(؟) بلى حياة ؛ ولكنها مريرة(؟
فأي حياة هذه(؟).
ألن تذمها بقول الشاعر :
((
يا موت زُرْ إن الحياة مريرة
))
... يا نفس ويحك إن حظك عاثر( 1 )
أم كيف هو الزوج الذي يحمل أعباء امرأة ليست بالطفل الصغير(
وأنا أعجب والله منه في شيئين : في صبره على خدمة زوجه(
وفي وفائه لها(
.
دخلت على طفلة صغيرة لأرقيها ، تشكو تضخم الرأس ، عندما أبصرت رأسها هالني منظره ، واستعظمت ضخامته ، وحجمه ، رأس ضخم لا كالرؤوس ، لو وضع على أضخم جثة بشرية لاستضخمه الناس ؛ فكيف وهو على جثة صغيرة لا يتجاوز عمرها السنوات.
والبنت طريحة الفراش مذ ولدت ورأسها يزداد كل يوم ضخامة إلى اليوم الذي رأيتها فيه ، ولا يجدون لها دواءً ، عجز الطبيب بطبه ، وماذا صنع الدواء(؟) لا شيء لم يستطع حتى أن يوقف تضخم الرأس(
والرأس كل يوم في زيادة.
ظنوا دائها مساً(
وليس بمس.
ظنوه سحراً(
وما هو بسحر.
ظنوه عيناً(
وليس بعين.
فماذا يكون إذن(؟).
هذا علمه إلى الله.
والصغيرة طريحة الفراش ، لا أحد يضمها ، أو يشمها ، ولا أحد يحملها أو يحركها ، ـ ونفس صغيرة كهذه تحتاج شيئاً كهذا كحاجتها إلى الطعام والشراب ـ ومن ذا سيحملها(؟
لا أحد يقوى ، فرأسها سيكسر رقبتها ويدقها إن حُرِّكتْ ، أو حملت.
بالله عليك يا أخي ؛ أيُّ نفس معذبة باكية بين جنبي هذا الصغيرة(؟) وأي قلب حزين قلب أمها(؟) تصور بالله عليك حاول وقولي :كيف ستدخل الراحة نفسها(؟) ، أم كيف تسكن الطمأنينة قلبها ، وطفلتها الصغيرة هذا حالها(؟) وأنت نعرف قلب الأم الرؤوف الرحيم ، الودود الحنون.
فإن كنت يا أخي تملك عيناً تبكي بها على ما أصابك ففي دنيا الناس من لا عين له يبكي بها ، فَكَفْكِفْ دُمُوعَكَ.
أي أخي إن بالناس من المصائب ما ليس بك ، فأنزل مصائبهم على مصيبتك تهون(
وأنزل على ما تشتكي ما يشتكون(
كم في هذه الدنيا من النفوس المعذبة(؟) كم وكم(؟؟) فمن لها(؟) من للعيون الباكية(؟).
فاصبر أي أخي ؛ صبر الكريم ؛ فإن الله أرحم بك من نفسك التي بين جنبيك ، واعلم أنك لن تزداد بالصبر عند الله إلا رفعة ، وإيماناً ، وديناً ، ومنزلة.
واعلم أيضاً أن الله يصلي على الصابرين المسترجعين من أهل البلاء ولهم رحماته ، قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ﴾.
أي أخي؛
((
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ... ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
))
فلعل بلائك نعمة وإن كان عظيماً
((
فحسبك الله في كل لك الله
))
((
دخل الإمام الجليل إبراهيمُ التَّيميُّ ـ لأنه يرى رأْي الخوارج زعموا ـ سجن الحجاج فرأى أُناساً مقرَّنين في الأصفاد ، إذا قاموا قاموا جميعاً ، وإذا قَعَدُوا قعدوا جميعاً ، يأكلون حيث يتغوطون ، ويتغوطون حيث يأكلون.
فلمَّا أَنْ رآهم قال : ( يا أهل بلاء الله في نعمته ، ويا أهل نعمة الله في بلائه ، إن الله رآكم أهلاً ليبتليكم فأروه أهلاً للصبر ).
فقالوا : ( ما وَدِدْنَا أنَّا خرجنا ).
وأنا أقول لك ـ يا أخي ـ يا ذا بلاء الله في نعمته ، ويا ذا نعمة الله في بلائه ، إن الله رآك أهلاً ليبتليك فَأَرِه أهلاً للصبر.
قال لقمان لابنه وهو يعظه : ﴿ يَا بُنَيَّ . . . وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنْ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾.
واحتسب ـ أي أخي ـ عند الله مصيبتك ، وقل : يا نفس صبراً لعل الجنة على هذا البلاء عقباك
))
( 2 ).
واسمح لي أن أنهي هذه الموعظة فقد أطلت عليك ، وأسرفت في الحديث إليك( 3 ).
ـــــــــــــ
( 1 )
عجز البيت زيادة مني تحسيناً لمعنى اشتمل على كفر ، والبيت لأبي العلاء المعري يقول فيه :
((
يا موت زر إن الحياة مريرة ... يا نفس جدي إن دهرك هازل
))
قلت : قوله زُر : أمر من الزيارة ، وقوله : جدي : أمر من الجد ضد الهزل ، والبيت اشتمل على الكفر بالله فهو ساخط قانط من رحمة الله ، يصف أفعال الله وأقداره التي يجريها على خلقه بالهزل واللعب ، فكأن الحياة عنده مسرحية ، وينسبها للدهر ظلماً ؛ فجعل مع الله فاعلاً.
قال تعالى : ﴿ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين﴾ ، فتعالى الله عما يقول أبو العلاء.
( 2 )
من مقدمة مواساة العليل.
( 3 )
أصل هذه المقالة موعظة كتبتها لأحد الإخوة قديماً ثم هذبتها واختصرتها.
الشيخ ابو عبيدالعمروني
فترة الأقامة :
5592 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
676
إحصائية مشاركات »
مجد الغد
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.14 يوميا
مجد الغد
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات مجد الغد