تَسألني
مِن أين أنت ؟! من أين بدأت ؟؟ و أين نشأت ؟؟ و في أي بعدٍ مُنتهاك ؟؟ و من أي صلصال ٍ جُبلت نفسك سيدي ؟؟ و من أيِّ نور حِيكتْ رُوحك يا ملاك ؟!
سيّدتي .. في رحلةِ عمري سقطت مني البوصلة .. و تمزّق نصف الخريطة .. و كان جرابُ الماء مثقوب .. انقطع شراك النعل .. و كان حاديّ اللهاث .. و سرابٌ في أبعد نقطةٍ بالبيداءِ يبدو ..
كنت في فيافي النفس تائهــًا .. بالوجودِ ضائعــًا .. أقاوم بصعوبة لأنجو و أستمر .. زمن لا أدري كم أعوامه .. عشته و كأني لا أعيش .. أتفحّص جسدي و الجروح .. لأطمئن أني ما زلت أتنفس .. و إن كنت أفعل ذلكَ بصعوبة ..
مرت حياتي رتيبة ً حتى أشرقَ يوم المنى .. كان اِشراقــًا غيرَ كلّ إشراق .. و كانت الشمس غير الشمس ..
تملأ ُ الأفق خيوطٌ من ضياءٍ تتسابق نحو سمرة وجنتيّ .. تجرّ خلفها موكبــًا من أطيافٍ تحمل عرشــًا ذو رهبةٍ و جلال ..
في لمح البصر أتى .. أستقرّ أمامي .. و فوقهُ بلقيس .. لم يرها نبيّ ..
نزلت و تحدّرت من عليّ ..
بلقيس ..
كانت في كامل أناقتها ..
و جمالٌ يلفها من أغمص قدميها حتى خصلات شعر حالكٍ يتلاعب بها نسيم الفضاء ..
رونقٌ ساحر .. زاد طهرًا و قدسيّةً بهالةٍ تحفّها و تحرسها ..
كُلي ! أضحى إنجذابــًا لها و لهفة ً و إشتياقْ ..
اقتربت روحي .. أكثر و أكثر .. و لم تكن يومــًا بعيده
تغشتني !
أغمضتُ عيني ..
يااه و غفوت في كنفها
و توحّدتْ .
كان يومــًا غيّر تاريخي ..
سيّدتي .. أنتِ تعرفين البقيّة ..
دعكِ مني و لنخض فيكِ الحديث !
بلقيس تلك !
روحٌ أنتِ بمقدمكِ جَلبتها !
حياة ٌ لمن لم يكن يرجو الحياة !
و أنفاس لمن لم يشتم الورد قبلكِ !
و نبضٌ صارخٌ يترنّم بالحب و أغاني الهيام !
لا أدري .. لِمَ كل ما حاولت أن أبتعد عن الحديث عني و عنكِ أجدني أتحدث عن روحنا !
ما بلقيس يا حبيبتي .. إلا ما أدركناه في كنف لحظتنا !
يا أحاسيسي التي استشرت في النفس .. و نشرت أريـجيها .. حتى أني من جهلي صرت أظنني أنتِ !
سمو الغامض
20 / 10 / 2010