تقنيات سلوكية مفيذة جداً لكل من يعاني من الأمراض النفسية
العلاج المعرفي السلوكي
هو أحد الأساليب الحديثة في العملية العلاجية، وأفكاره مستقاة من أحد تخصصات علم النفس وهو علم النفس المعرفي، وكلمة معرفي هي نسبة إلى كلمة معرفة أو إدراك، والمقصود بكلمة معرفة أو إدراك في هذا السياق إنما تعني عددا من العمليات الذهنية التي يتمكن بها المرء من معرفة أو إدراك العالم الخارجي، وأيضا الداخلي له .فهذا النوع من العلاج يعتبر الخلل في جزء من العملية المعرفية – وهي الأفكار والتصورات عن النفس والآخرين والحياة – ويجعله مسئولاً في المقام الأول عن نشأة الأعراض النفسية.
ويعرف العلاج المعرفي بأنه "علاج مباشر تستخدم فيه آليات وأدوات معينة وفنيات معرفية لمساعدة المريض في تصحيح أفكاره السلبية ومعتقداته اللاعقلانية التي تصاحبها خلل انفعالي وسلوكي وتحويلها إلى معتقدات يصحبها ضبط انفعالي وسلوكي". من أهم المصطلحات التي يعتمد عليها العلاج المعرف مصطلح "الأفكار الأوتوماتيكية"
الأفكار الأوتوماتيكية:
تعرف الأفكار الأوتوماتيكية أو الآلية بأنها تيار من الأفكار والمعتقدات التي توجد لدى الأفراد من لحظة لأخرى وتظهر في مواقف محددة، مثال:"لقد تأخرت زوجتي ثانية، أنها لا تهتم بمشاعري" وتشير كلمة أوتوماتيكي إلى الطبيعة التلقائية لهذه الأفكار، وقد لاحظ المعالجون المعرفيون أنه من الشائع أن يتقبلها الأفراد كأمر مسلم به بدلاً من التساؤل عن مدى صحتها.
وتتميز هذه الأفكار عن المجرى العادي للأفكار ببعض الخصائص ويغلب أن تكون هذه الأفكار سريعة وعند حافة الوعي، وتسبق غالباً بعض الوجدان مثل الغضب أو الحزن أو القلق، ويتسق مضمونها مع هذا الوجدان. وهي أفكار معقولة تماماً بالنسبة للمريض ويسلم بأنها دقيقة ولها صفة الحتمية، وقد يحاول الشخص حبسها ولكنها تلح في الظهور.
التحريف المعرفي للأفكار الأوتوماتيكية:
قد تحرف الأفكار الأوتوماتيكية نتيجة للتفسير غير العقلاني للخبرات التي يمر بها الفرد، وهناك ثمان تحريفات معرفية شائعة وهي:
1- الاستنتاج التعسفي :
بمعنى استنباط نتيجة من حدث ما في ظل غياب دليل لذلك. فعلى سبيل المثال قد يقول المريض: هذا العلاج لا يناسبني عندما يجد صعوبة في جانب واحد من الواجب المنزلي الذي يطلبه منه المعالج النفسي.
2- التجريد الانتقائي:
وفيه يتم إدراك المعلومة خارج سياقها فيلاحظ الفرد تفاصيل معينة ويتجاهل معلومات أخرى مهمة، فمثلاً: حينما رفض الزوج أن يغير سيارته لأحد أولاده وصفته زوجته بأنه أناني وليس لديه استعداد أن يتحمل أي تعب من أجل أسرته. ولكنها أدركت عدم صحة أفكارها حينما طلب منها المعالج أن تسجل اللحظات التي أظهر فيها زوجها اهتمامه دونت"سألني عن كيفية قضاء اليوم في العمل، وأخذ الأولاد إلى المدرسة حينما لم يلحقوا بحافلة المدرسة".
3- التعميم الزائد
يعتبر حدوث مصادفة أو اثنتين ممثلاً لمواقف مشابهة سواء كانت ترتبط بها حقيقة أم لا، فعلى سبيل المثال فشل الزوج في إكمال أحد الأعمال المنزلية جعل الزوجة تستنتج" أنه لا يعتمد عليه".
4- التهويل والتصغير
بمعنى تهويل أو تكبير تأثير السلوك السلبي للزوج مثلاً وتصغير أو التقليل من تأثير سلوكه الإيجابي.
5- أخذ الأمور على محمل شخصي
شكل من الاستنتاج التعسفي حيث يرجع الفرد الأحداث الخارجية لنفسه عندما يظهر دليل غير كافٍ لتحديد السبب فعلى سبيل المثال: وجدت الزوجة أن زوجها يعيد ترتيب الفراش بعد أن قضت وقتاً قبله في ترتيبه بنفسها فتستنتج" لا يرضيه طريقة ترتيبي".
6- التفكير الثنائي:
تصنيف الخبرات على أنها نجاح كامل أو فشل تام، وهذا ما يعرف بـ "الكل أو لا شيء أو "التفكير الاستقطابي" فعلى سبيل المثال تقول الأم لابنها الذي ينظف غرفته "لا تزال هناك أتربة على مكتبك: ويرى ابنها "أنها لا ترضى أبداً عما فعله".
7- وضع اللافتات
إذا عمل أحد الزوجين شيئاً سالباً يفسره الآخر على أنه يفعل ذلك دائماً بعكس الأفراد في الزواج السعيد حيث يرجعون التصرفات الخاطئة على أنها موقفية "لأنه في حالة مزاجية سيئة أو أنه تحت ضغوط ويحتاج للنوم"، ومن ناحية أخرى إذا ما قام بتصرف إيجابي يفسرونه على أنه شيء ثابت وداخلي للطرف الآخر "إنه شخص مهتم ومحب لذلك تصرف بهذه الطريقة"، ولكن في الزواج غير السعيد نفس السلوك الإيجابي يرونه موقفياً عابراً "لقد تصرف كذلك لأنه نجح في عمله هذا الأسبوع".
8- قراءة الأفكار
شكل آخر من الاستنتاج التعسفي – حيث يعتقد الفرد أنه قادر على معرفة ما يفكر به عضو آخر في الأسرة أو ما الذي سيفعله في المستقبل القريب – دون تواصل لفظي مباشر بين الطرفين. فعادة ما يكون لدى المتزوجين غير المتوافقين توقع سلبي لتصرفات الطرف الآخر، فمثلاً تقول الزوجة " أعرف ما الذي سيفعله توم عندما يعرف أنني سأتأخر غداً في العمل"، وبرغم أن هذه التنبؤات قد تكون دقيقة بناء على الخبرة السابقة بالطرف الآخر، إلا أن قراءة الأفكار يتضمن المخاطرة باستنتاجات خاطئة لا تعتمد على المعلومات المتاحة فقط.
العملية العلاجية:
يتطلب العلاج مجموعة إجراءات تهدف إلى تحديد ومواجهة الأفكار السلبية بصورة تسمح بتطوير بدائل إيجابية مناسبة، وأفكار توافقية تتعامل مع الواقع من جديد.
|