06-12-2010, 04:35 PM
|
#19
|
المركز الثالث (عقد من ضياء)
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 18469
|
تاريخ التسجيل : 09 2006
|
أخر زيارة : 04-04-2024 (04:42 AM)
|
المشاركات :
2,518 [
+
] |
التقييم : 71
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Hotpink
|
|
جيوش السحر والطلاسم
زخرت الأساطير المصرية كذلك بالقصص عن الطلاسم الحافظة لمصر من الغزاة، ومقابرها من النبّاشين، فنرى قصة تقول إنه بعد غرق فرعون ورجاله، فرغت مصر من القادرين على الحكم من الرجال، فتولّته امرأة عجوز داهية اسمها "دلوكة" -الملقبة بـ"العجوزة"- وأقامت لحماية البلاد "بربا" (بناء حجري يشبه المعبد) عليه صور لمقاتلين على البغال والخيول والمراكب، وجُعِلَ عليه طلسم، فإن جاء العدو تحرّكت الصور التي تشبهه، فإن كان على الخيول تحركت صور الخيول، وإن جاء من البحر تحرّكت صور المراكب، فيقوم السحرة بإيذاء الصور، فيجري مثل ذلك للمقاتلين الحقيقيين الذين ترمز لهم تلك الصور، أي أنه شيء أشبه بـ"العروسة" التي تقوم بعض النساء في الأوساط الشعبية بعملها وخرقها، ليجري المثل لمن تمثله.
ويتحدث المؤرخ المسعودي عن الملك نقراوس الذي بنى مدينة عظيمة اسمها أمسوس، وجعل على بابها تمثالان مطلسمان لو مرّ بينهما سارق أمسكاه، ليحمي المدينة من السرقة، ثم حكم ابنه مصرام الذي روَّض الأسود، وكان يمتطي أسدا، وتحمل عرشه الشياطين عند خروجه للحروب.
أما المقريزي فيتحدث عن نموذج لحفظ المصريين كنوزهم، فيذكر أن في العصر الأموي حاول الوالي عبد العزيز بن مروان فتح مقبرة بها كنز مزعوم، وعندما تمّ فتح الباب وحاول أول رجل العبور هوى فوقه سيفان متقاطعان فمزقاه، ثم ظهر تمثال لطائر ذهبي، وصدر عنه صفير حاد أدى لموت نحو ألف رجل ممن يعملون في التنقيب بشكل مفاجئ! كما يتحدث عن الملك نقراوس سالف الذكر، فيقول إنه جعل على مدخل مدينة أمسوس تماثيل نحاسية كبيرة، في جوف كل منها مادة الكبريت، ووكّل بكل منها روحانيا، فإذا حاول جيش العدو العبور بينها أخرجت من أفواهها نحوه نارا تحرقه تماما.
ويذكر المقريزي كذلك ملك اسمه أرياق الأثيم، كان قد صنع دواء يتسلط به على الأسود والحيوانات المفترسة، فإذا غضب على أهل بلدة سلّطهم عليها، وأنه صنع شجرة بها خطاطيف، إذا مر بها ظالم اقتنصته تلك الخطاطيف ولم تتركه حتى يقرّ بظلمه. وثمة قصة مثيرة يذكرها السيوطي عن تمثال لرجل عربي يرتدي العمامة ويمتطي الجمل، كان إذا ظُلم رجل جاء بمن ظلمه عنده، وقال له: "أنصفني قبل أن يخرج هذا الرجل وينصفني منك" فينصفه من ظلمه.. وعندما جاء العرب لفتح مصر قام الروم بإخفاء التمثال كي لا يكون شاهدا عليهم!
كذلك يتحدث المؤرخون عن تدابير المصريين لرصد الأخطار، ففضلا عن نبوءات أبو الهول عن الأوبئة والغزاة، يتحدثون عن تمثالين في مدينة أمسوس الأسطورية، لطائرين كانا يصفران كل صباح صفيرا يستدلّ منه الناس على ما قد يجري للمدينة، والإمام السيوطي يذكر منارة الإسكندرية فيقول إنه كان فوقها تمثال موجّه نحو البحر، إذا ما أقبلت سفن الغزاة أحدث صوتا رهيبا مفزعا ينبّه الناس. ويقول كذلك إن ذا القرنين حين جاء مصر وضع فوق الفنار مرآة تعكس أشعة الشمس نحو السفن الغازية فتحرقها.. أما الملك سرياق فصنع بطة نحاسية على باب مدينة أمسوس، كان إذا دخل غريب صفقت بجناحيها، فيُقبَض عليه ويتم استجوابه؛ لمعرفة هويته ولماذا جاء، والملك سوريد -الذي يقال إن الطوفان جاء بعد عهده مباشرة- كانت لديه مرايا يرى فيها ما يجري في أرجاء العالم المختلفة.
بين الأسطورة والعلم
كل تلك الإنجازات الأسطورية يذكر كثير من المؤرخين أن الطوفان قد دمّرها، ولكن فليلاحظ القارئ أن ثمة روايات تذكر أن مصر من الأساس لم توجد إلا بعد الطوفان، مما يعني أمرا من اثنين: إما أن وجه الخلاف هو وقوع تلك لأحداث الأسطورية قبل الطوفان أو بعده، أو أن ثمة طوفانا آخر جاء على الأرض، الأمر الذي ورد ذكره في بعض الكتابات.
الله أعلم ماذا تعني تفسيرات تلك الأمور المبهرة للعقل، ولكن لو تأملناها بعقلية العصر الحالي لراودنا تفسير أن الأسلاف عرفوا تطوّرا تكنولوجيا مبهرا، انهار لكارثة ما، ثم جاء من بعدهم أبناؤهم ولم يستطيعوا تفسير ذلك علميا، فكانت الأسطورة ملجأهم للتفسير.
الله أعلم.. فقد ترك لنا الأجداد ميراثا يدير الرأس حقا!
.
.
وليد فكري
|
|
|