|
الصورة الطفولية والراشدة للسعادة:
إن من أكبر أخطاء البحث
عن السعادة والحياة النفسية المطمئنة الهادئة المستقرة،
نقول ، من أكبر الأخطاء عن البحث عن تلك الأمور هي
عندما نبحث عن تحقيقها بالصورة أو بالمفهوم الطفولي والذي
قد نتوقع أو نظن بأنه هو المفهوم السليم.
فالطفل ينمو من طفل يحمل شخصية وأفكار طفوليتان
إلى إنسان راشد ذو شخصية ترفض الأفكار الطفولية
وترفض الحياة النفسية الطفولية التي تصدق كل شيء
وتلجأ للتخيلات الطفولية السخيفة كمصدر للسعادة،
والتي تبحث عن التلقائية والعفوية
كمصدران للحياة النفسية البسيطة.
فالراشد قد يلجأ وقد يحن للشخصية الطفولية
ظاناً بأنها هي الانبساطية الخالية من العقد ومن العوائق التربوية،
وأنها هي الحقيقة، وأنه ينبغي أن لا يقال عنها بأنها سخيفة
أو أنها خيالات طفولية ، وإنما هي ذات قيمة وتحمل الدلالة
على السعادة والبساطةوالبعد عن التعاسة والكآبة والتعقيدات.
وبالتالي فنحن أحياناً ننكص إلى خيالات الطفولية
لنستنبط منها ما يجعلنا نضحك ونبتهج.
ثم قد نظن بأنه ينبغي علينا أن نفكر (ونطبق تلك) الطريقة الطفولية
إن أردنا أن يرانا الآخرين بأننا سعداء وخالين من العقد،
أو إن أردنا أن نشعر بالسعادة والانبساطية.
والحقيقة التي ينبغي أن ندركها في هذا الصدد هي
حقيقة أن الشخصية تنمو بهدف ترك مفاهيم الطفولة،
وبهدف الرقي بها إلى مفاهيم راشدة بحيث يصبح للسعادة والنفس السليمة
لدى الراشد معاني ومفاهيم مختلفة أخرى غير المفاهيم الطفولية
التي قد يشعر الراشد بأن تخلِّيه عنها خطأ وأن عدم قدرته
على العودة لها يعتبر مرض وتعقيد
منه لحياته الانفعالية.
فنفسية الطفل السليمة هي النفسية المليئة
بالتلقائية والعفوية والخيالات والمرح واللامسؤولية
والخالية من الأقنعة التي تلبسها الشخصية لسلوكياتها وأفكارها،
بينما نفسية الراشد السليمة هي لابد أن تختلف عن ذاك المفهوم الطفولي
والذي ربما قد نَحِنُّ له ونظن بأنه هو المفهوم الوحيد
للسعادة وللنفسية الغير معقدة ( وذلك بسبب خبرتنا الطفولية
لسلامة ذاك المفهوم ويقيننا بأنه قد حقق لنا السعادة والاطمئنان
عندما جربناه ونحن أطفال).
|