20-12-2010, 09:38 PM
|
#2
|
عضو فعال
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 32540
|
تاريخ التسجيل : 12 2010
|
أخر زيارة : 12-11-2013 (02:20 PM)
|
المشاركات :
39 [
+
] |
التقييم : 20
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الوقفة الثالثة مع السلف الصالح وكراهية المدح والشهرة:
كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يكرهون الشهرة أشد الكراهة , وينكرون على المتملقين أشد الإنكار .
* كتب عمر ابن عبد العزيز رحمه الله إلى أهل الموسم كتابا يُقرأ عليهم وفيه أمر بالإحسان إليهم وإزالة المظالم التي كانت عليهم، وفي الكتاب "ولا تحمدوا على ذلك إلا الله فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري".[8]
* دخلت امرأة على عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقالت : "امرأة من أهل العراق لي خمس بنات كسل كسد فجئتك ابتغي حسن نظرك لهن ، فجعل يقول : كسل ، كسد ويبكي فأخذ الدواة والقرطاس وكتب إلى والي العراق فقال : سمي أكبرهن فسمتها ففرض لها فقالت المرأة : الحمد لله .
ثم سألها عن اسم الثانية والثالثة والرابعة والمرأة تحمد الله ففرض لها فلما فرض للأربع استفزها الفرح فدعت له فجزته فرفع يده وقال : قد كنا نفرض لهن حين كنت تولين الحمد أهله فمري هؤلاء الأربع يفضن على هذه الخامسة" .[9]
* قال رجل لابن عمر : يا خير الناس وابن خيرهم ، فقال ابن عمر : "ما أنا بخير الناس ولا ابن خيرهم ، ولكني عبد من عباد الله أرجو الله وأخافه ، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه" . [10]
* يحكي أن قوما مشوا خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : "أبعدوا عني خفق نعالكم فإنها مفسدة لقلوب نوكى الرجال " [11]
* قال الثوري عن أبي الوازع قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم .
قال فغضب ثم قال : إني لأحسبك عراقيا وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه " [12]
* قال إبراهيم ابن أدهم رحمه الله "ما صدق الله من أحب الشهرة " [13]
* وقال أيوب السختياني رحمه الله"والله ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يشعر بمكانه"
* وعن خالد بن معدان أنه كان "إذا كثرت حلقته قام مخافة الشهرة"
* وعن أبي العالية أنه كان إذا "جلس إليه أكثر من ثلاثة قام "
* ورأى طلحة قوما معه نحوا من عشرة "فقال ذباب طمع وفراش نار "
* خرج ابن مسعود يوما من منزله فاتبعه ناس فالتفت إليهم فقال : علام تتبعوني فوالله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان "
* وقال الحسن رضي الله عنه : "إن خفق النعال حول الرجال قلما تلبث عليه قلوب الحمقى "
* وخرج الحسن ذات يوم فاتبعه قوم فقال : "هل لكم من حاجة وإلا فما عسى أن يبقى هذا من قلب المؤمن "
* وخرج أيوب في سفر فشيعه ناس كثيرون فقال "لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز و جل "
* وقال بشر رحمه الله "ما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح "[14]
* وقال سهل رحمه الله : "من أراد خفق النعال خلفه فقد أراد الدنيا بحذافيرها وكان حقيقة أمره أعطوني دنياكم وخذوا ديني "[15]
* كان عمر رضي الله عنه قاعدا ومعه الدرة والناس حوله، إذ أقبل الجارود، فقال رجل: هذا سيد ربيعة، فسمعه عمر ومن حوله وسمعه الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدرة، فقال: مالي ولك يا أمير المؤمنين؛ فقال: " مالي ولك؛ أما لقد سمعتها؛ قال: سمعتها فمه؟ قال: خشيت أن يخالط قلبك منها شيء، فأحببت أن أطأطئ منك" . [16]
* عن الحسن أن رجلا أثنى على عمر، فقال: "تهلكني وتهلك نفسك".[17]
* وقد صح عن الشافعي رحمه الله أنه قال:" وددت أن الخلق تعلموا مني هذا العلمِ على أن لا ينسب إلي حرف منه"[18]
* روى عن بعض الحكماء أنه مدحه بعض العوام فبكى فقال له تلميذه أتبكي وقد مدحك فقال له: " إنه لم يمدحني حتى وافق بعض خلقي خلقه فلذلك بكيت " [19]
* قيل لبعض الحكماء إن العامة يثبتون عليك فأظهر الوحشة من ذلك وقال "لعلهم رأوا منى شيئاً أعجبهم ولا خير في شئ يعجبهم ويسوؤني"[20]
* قال مالك بن دينار رحمه الله : "مذ عرفت الناس لم أفرح بمدحهم ولم أكره مذمتهم قيل ولم ذاك ؟ قال لأن حامدهم مفرط ، وذامهم مفرط".[21]
وأخيرا قال ابن حزم رحمه الله : "ليس في الرذائل أشبه بالفضائل من محبة المدح ودليل ذلك أنه في الوجه سخف ممن يرضى به وقد جاء في الأثر في المداحين ما جاء إلا أنه قد ينتفع به في الإقصار عن الشر والتزيد من الخير وفي أن يرغب في ذلك الخلق الممدوح من سمعه . ولقد صح عندي أن بعض السائسين للدنيا لقي رجلاً من أهل الأذى للناس وقد قلد بعض الأعمال الخبيثة فقابله بالثناء عليه وبأنه قد سمع شكره مستفيضاً ووصفه بالجميل والرفق منتشراً فكان ذلك سببا إلى إقصار ذلك الفاسق عن كثير من شره... إلى أن قال رحمه الله :
فالعاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه ومن سر بقوة جسمه فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسما ومن سر بحمله الأثقال فليعلم أن الحمار أحمل منه ومن سر بسرعة عدوه فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدوا منه ومن سر بحسن صوته فليعلم أن كثيرا من الطير أحسن صوتا منه وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه "[22] انتهى كلامه رحمه الله .
وقال ابن القيم رحمه الله: "(فصل) لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فاقبل على الطمع أولا فأذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص فإن قلت وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح قلت أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله وحده كما قال ذلك الأعرابي للنبي إن مدحي زين وذمي شين فقال ذلك الله عز و جل فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشنيك ذم وارغب في مدح من كل الزين في مدحه وكل الشين في ذمه ولن تقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين " [23] انتهى كلامه رحمه الله .
أسأل الله لي ولكم خالص القول والعمل إنه سميع مجيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
يتبع الهوامش بإذن الله
|
|
|