28-12-2010, 11:00 PM
|
#1
|
نائب المشرف العام سابقا
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 23323
|
تاريخ التسجيل : 03 2008
|
أخر زيارة : 21-11-2016 (11:29 PM)
|
المشاركات :
5,253 [
+
] |
التقييم : 217
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Burlywood
|
|
أبناؤنابين ميول الصِّغار وتعنت الكبار
أبناؤنا
بين ميول الصِّغار وتعنت الكبار
الدكتورة موزة المالكي
فلنفتح الطريقللميول والرغبات سعياً لمستقبل مشرق
والذين يصادرون ميول الآخرين يسقطونهمفي مستنقع الخيبة
"مال إليها قلبه"...
عبارة تترددعلى الشفاه حين نسمع أو نقرأ عن وقوع أحدهم في أسر جاذبية فتاة تعلّق بها،فانجذب ومال إليها، وهناك معانٍ عديدة للميل أو الميلان في لغتنا العربية. مال الغصن - مثلاً - معناه أن النسيم حرَّكه، مال القوام.. أي رقَّواعتدل، مالت الشمس.. أي أوشكت أن تغرب "وعلى العكس" مال إلى الحق، بمعنىاتبعه، ونجد "مال عن الحق" أي ابتعد عنه وتغافل. وفي لهجتنا الخليجية تترددعبارة "مالت عليك" أي أُثقلت عليك الدنيا بهمومها وحوادثها.
الميولالتي أقصدها هنا في هذه السطور، تتعلق باهتمامات الجيل الناشئ ورغباتأبنائه، وكما أن أصابع اليد الواحدة ليست متساوية في الطول، فكذلك ميولالأفراد، فإنها تبدو متنوعة ومتعددة، وهذا أمر جميل له حكمة، لأنه يثريالحياة ويعمق أبعادها ويوسِّع آفاقها، ويجعل لكل مَيل من الميُول طعماًمختلفاً، ووظيفة مختلفة، وهدفاً في الحياة يهدف إليه مختلفاً عن غيره.
منهذا المنطلق أقول إنَّ على الكبار واجباً تجاه الصغار، وهو ألاَّ يقوموابمصادرة ميولهم ووأد اهتماماتهم والقضاء على رغباتهم، طالما أن كل هذهالميول والاهتمامات والرغبات لا تفضي إلى طريق مسدود، ولا تتسبب في إلحاقالضرر والأذى بأصحابها أو بغيرهم ممن يحتكُون بهم ويتعاملون معهم.
قديتساءل بعضنا ما معنى مصادرة الكبار لميول الصغار واهتماماتهم ورغباتهم؟
هذايتطلب منا أن نتذكر أنَّ ما يسمى بصراع الأجيال أمر موجود في ثنايا كلمجتمع وبغض النظر عن مدى ارتقاء هذا المجتمع أو تخلفه، ولكن المجتمعالمتقدم يحاول دائماً أن يحل هذا الصراع بين الأجيال عن طريق المفاضلة بينالأمور المختلفة وتحليل ما يفيد وما يضر، ويقدم بذلك الحلول المُرْضِيةوالتي تفرز وتقدم بعد دراسات وتحليل وتقصٍ لنتائج تلك الحلول على المجتمعوعلى أفراده. أما المجتمع الذي يتسم بالجمود، فإنه يحاول حل الصراع من خلالما يفرضه الكبار على الصغار فرضاً قسريا، قد يصل لدرجة الإكراه.
وفيصراع الأجيال قد تتصادم ميول مع ميول أخرى وتتنافر اهتمامات مع اهتماماتغيرها، وتتعارض رغبات مع غيرها من الرغبات، ولكي تنطلق الحياة إلى الأماملابد أن يراعي الكبار مسألة احترام ميول واهتمامات ورغبات الصغار لأن هؤلاءالصغار هم الذين سيقدَّر لهم أن يديروا شؤون المجتمع في المستقبل، حينيتبوؤون مراكز قيادية في مختلف مناحي الحياة، والحق أنه إذا لم يحترمالكبار ميول الصغار فإنَّ هؤلاء سينشؤون عاجزين وفاقدي العزائم، ولن يقدرلهم أن يبتكروا أو يطوروا الحياة مستقبلاً بسبب الخوف من الكبار الذي يكونقد استبدَّ بأعماقهم وحرمهم من متعة أن يوظفوا قدراتهم على النحو الأمثلالمنشود.
ولكي يكون كلامي محدداً، فإني أقول إنَّ القضية التيأود التحدث عنها تتعلق بالتعليم، وهل يتعين على الكبار منّا أن يفرضواوجهات نظرهم على الصغار، أم أنه ينبغي على هؤلاء الكبار أن يتعرفوا علىميول الصغار واهتماماتهم ورغباتهم في مجال اكتساب العلم والمعرفة حتىيستطيع الصغار أن يتفوقوا ويتألقوا طالما أنهم يجدون أنَّ ميولهم محلاهتمام، واهتماماتهم تلقى استجابة ورغباتهم يمكن أن تتحقق؟
إنَّلكل عصر طبيعة .في العصور السابقة كان مقياس المتعلم أن يلم بأطراف العلومالمختلفة إلماماً شاملاً، لأنَّ العلوم والمعارف لم تكن قد اتسعت وتشعبتفي عصرنا الذي نحيا في إطاره ونتيجة ثورة المعلومات وثورة التكنولوجياونتيجة الاتساع الشديد في آفاق المعرفة، أصبح على المتعلم أن يركز جهده فيجزئية صغيرة، لدرجة أنه قد ينفق عمره كله وهو يتتبعها ويرصدها ويحاولالتغلغل في أسرارها، ومن هنا فإن طبيعة عصرنا فرضت علينا أن نتخصص على نحودقيق إذا أردنا ألاَّ نكون سطحيين وإذا كنا نريد بالفعل أن نبتكر وأن نبدعفعصرنا الحالي نستطيع بحق أن نطلق عليه - عصر التخصص - وعلى هذا الأساسفإنَّ الإنسان منّا أصبح الآن - كما يقولون - أشبه بترس صغير في آلةعملاقة، الآلة العملاقة قد تحتاج لحركة محددة ولطبيعة أبعادها وحدودها،والترس الصغير لابد أن يؤدي ما هو مرسوم له بدقة وإلا فقد مبرر وجوده.
تناولت في الأسبوع الماضي قضية تصادم ميول الصغار ورغباتهم في اختيار والديهم أحياناً، فإذا لم يحترم هؤلاء ميول الصغار فإنهم سيشبون عاجزين وفاقدي العزائم، ولن يقدر لهم كما قلت أن يبتكروا أو يطوروا الحياة مستقبلاً بسبب الخوف من الكبار وعدم القدرة على الاختيار من الصغر.. كذلك فإن التخصص الشديد الذي يتسم به العصر في مختلف الميادين والمجالات يتطلب بحثا دقيقاً في طبيعة كل عمل وكل مهنة حتى يتسنى لمن تتوافق ميوله ورغباته مع طبيعة هذا العمل أو المهنة أن يكون في مكانه الملائم.
يتبع ,,,,
|
|
|