عرض مشاركة واحدة
قديم 27-02-2003, 07:42 AM   #1
ابتسامة متفائل
عضـو شرف


الصورة الرمزية ابتسامة متفائل
ابتسامة متفائل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3417
 تاريخ التسجيل :  01 2003
 أخر زيارة : 10-05-2010 (08:14 AM)
 المشاركات : 888 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الإعجـــــاب بالنفــس



أولا : معنى الإعجاب بالنفس :

لـغــــة:

أ - السرور والاستحسان، ومنه قوله تعــالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم} (البقرة: 221)، {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} (المائدة: 100)، {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا} (الحديد: 120).

ب - الزهو أو الإعظام والإكبار، ومنه قوله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا} (التوبة: 125).

اصطلاحا :

"السرور أو الفرح بالنفس، وبما يصدر عنها من أقوال أو أعمال من غير تعدّ أو تجاوز إلى الآخرين من الناس، سواء أكانت هذه الأقوال، وتلك الأعمال خيرا أم شرا، محمودة أم غير محمودة. فإن كان هناك تعدّ أو تجاوز إلى الآخرين من الناس، باحتقار واستصغار ما يصدر عنهم، فهو الغرور أو شدة الإعجاب، وإن كان هناك تعدّ أو تجاوز إلى الآخرين من الناس، باحتقارهم في أشخاصهم، وذواتهم، والترفع عليهم، فهو التكبر، أو شدّة الإعجاب"

ثانيا : أسباب الإعجاب بالنفس :

وللإعجاب بالنفس أسباب تؤدى إليه، وبواعث توقع فيه نذكر منها:

1 - النشأة الأولى:

ذلك أن الإنسان قد ينشأ بين أبوين يلمس منهما أو من أحدهما: حبّ المحمدة، ودوام تزكية النفس، إن بالحق وإن بالباطل، والاستعصاء على النصح والإرشاد، ونحو ذلك من مظاهر الإعجاب بالنفس. فيحاكيهما، وبمرور الزمن يتأثر بهما، ويصبح الإعجاب بالنفس جزءا من شخصيته، إلا من رحم الله.



2 - الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك:

ذلك أن هناك فريقا من الناس، إذا أطرى أو مدح في وجهه دون تقيد بالآداب الشرعية في هذا الإطراء، اعتراه أو ساوره - لجهله بمكائد الشيطان - خاطر: أنه، ما مدح وما أطرى إلا لأنه يملك من المواهب ما ليس لغيره، وما يزال هذا الخاطر يلاحقه، ويلح عليه حتى يصاب - والعياذ بالله بالإعجاب بالنفس.
ولعل ذلك هو السر في ذمه صلى الله عليه وسلم للثناء، والمدح في الوجه، بل وتأكيده على ضرورة مراعاة الآداب الشرعية إن كان ولابد من ذلك .
جاء عن عبد الرحمن بن أبى بكرة، عن أبيه، قال: مدح رجل رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ويحك، قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك" مرارا، "إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكّي على الله أحدا، أحسبه - إن كان يعلم ذلك - كذا وكذا"

3 - صحبة نفر من ذوى الإعجاب بأنفسهم:

ذلك أن الإنسان شديد المحاكاة والتأثر بصاحبه، لا سيما إذا كان هذا الصاحب قوي الشخصية، ذا خبرة ودراية بالحياة، وكان المصحوب غافلا على سجيته، يتأثر بكل ما يلقى عليه، وعليه فإذا كان الصاحب مصابا بداء الإعجاب، فإن عدواه تصل إلى قرينه فيصير مثله.
ولعل هذا هو السر في تأكيد الإسلام على ضرورة انتقاء واختيار الصاحب لتكون الثمرة طيبة، والعواقب حميدة .

4 - الوقوف عند النعمة ونسيان المنعم:

ذلك أن هناك صنفا إذا حباه الله نعمة من مال أو علم أو قوة أو جاه أو نحوه، وقف عند النعمة، ونسي المنعم، وتحت تأثير بريق النعمة وسلطانها، تحدثه نفسه أنّه ما أصابته هذه النعمة إلا لما لديه من مواهب وإمكانات، على حدّ قول قارون: {إنما أوتيته على علم عندي} (القصص: 178)، ولا يزال هذا الحديث يلحّ عليه حتى يرى أنه بلغ الغاية أو المنتهى، ويسر، ويفرح بنفسه وبما يصدر عنها، ولو كان باطلا، وذلك هو الإعجاب بالنفس.
ولعل هذا هو السر في تأكيد الإسلام، على أن مصدر النعمة - أي نعمة - إنما هو الله عز وجل: {وما بكم من نعمة فمن الله} (النحل) ، {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (النحل: 78)، بل وعلى أن يناجى المسلم ربّه كل صباح ومساء قائلا ثلاث مرات: "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد، ولك الشكر" .

5 - الصدارة للعمل قبل النضج، وكمال التربية:

ذلك أن ظروف العمل مثل العمل الإسلامي (الدعوه) قد تفرض أن يتصدر بعض العاملين للعمل قبل أن يستوي عودهم، وقبل أن تكتمل شخصيتهم، وحينئذ يأتي الشيطان فيلقي في روعهم أنهم ما تصدروا للعمل، وما وضعوا في الموقع الذي هم فيه الآن إلا لما يحملون من مؤهلات، وما لديهم من مواهب وإمكانات، وقد ينطلي عليهم - لجهلهم بمكائد الشيطان وحيله - مثل هذا الإلقاء، فيتصورونه حقيقة، ويرفعون من قدر نفوسهم فوق ما تستحق حتى يكون الإعجاب بها - والعياذ بالله...
ولعل هذا هو سر حرص الإسلام على الفقه، وعلى أن يكون هذا الفقه قبل الصدارة أو القيادة، إذ يقول الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}، (التوبة: 122).
وإذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" .

وإذ يقول عمر رضي الله عنه: "تفقهوا قبل، أن تسودوا" . يعني: تعلموا العلم قبل أن تصيروا سادة، أو أصحاب مسؤولية، لتدركوا ما في السيادة أو ما في المسؤولية من آفات فتتقوها.

6 - الغفلة أو الجهل بحقيقة النفس :

ذلك أن الإنسان إذا غفل أو جهل حقيقة نفسه، وأنها من ماء مهين ، وأن النقص دائما طبيعتها وسمتها، وأن مردها أن تلقى في التراب، فتصير جيفة منتنة، تنفر من رائحتها جميع الكائنات إذا غفل الإنسان أو جهل ذلك كله، ربّما خطر بباله أنه شيء، ويقوي الشيطان فيه هذا الخاطر حتى يصير معجبا بنفسه.
ولعل ذلك هو السر في حديث القرآن والسنة المتكرر عن حقيقة النفس الإنسانية بدءا ونهاية، إذ يقول الحق سبحانه: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} (السجدة: 7،8) .

7 - عراقة النسب أو شرف الأصل:

ذلك أن الإنسان قد يكون سليل بيت عريق النسب، أو شريف الأصل، وربما حمله ذلك على استحسان نفسه، وما يصدر عنها، ناسيا أو متناسيا، أن النّسب أو الأصل لا يقدّم ولا يؤخر، بل المعوّل عليه إنما هو العمل المقرون بالجهد والعرق، وهكذا تنتهي به عراقة نسبه، أو شرف أصله إلى الإعجاب بنفسه.
ولعل ذلك هو سر تأكيد الإسلام على العمل، والعمل وحده: إذ يقول الحق سبحانه: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} (المؤمنون:101)، وإذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشعراء: 214): "يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، لا أغنى عنكم من الله شيئا، يا بني عبد المطلب، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت رسول الله، سليني بما شئت لا أغني عنك من الله شيئا" .



8 - الإفراط أو المبالغة في التوقير والاحترام:

ذلك أن البعض قد يحظى من الآخرين بتوقير واحترام فيهما مبالغة أو إفراط يتعارض مع هدي الإسلام، ويأباها شرع الله الحنيف، كدوام الوقوف طالما أنه قائم أو قاعد، ، والسير خلفه... إلخ.
وإزاء هذا السلوك قد تحدثه نفسه أنه ما حظي بهذا التوقير والاحترام إلا لأن لديه من المواهب، والخصائص ما ليس لغيره، ويظل هذا الحديث يقوى ويشتد إلى أن يكون الإعجاب بالنفس - والعياذ بالله.
ولعل هذا هو سر نهيه صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقوموا له، وأن يعظموه كما يعظم الأعاجم ملوكهم، فيقول: "من أحبّ أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار" ويخرج صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه يوما، متوكئا على عصا، فيقومون له، فيقول: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضها بعضا" .

9 - الغفلة عن الآثار المترتبة على الإعجاب بالنفس:

ذلك أن سلوك الإنسان في الحياة غالبا ما يكون نابعا من إدراكه أو عدم إدراكه لعواقب وآثار هذا السلوك.
ولعل ذلك السر في حرص هذا الدين على عرض مبادئه، ومقاصده مقرونة بآثارها، وعواقبها.

المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة ابتسامة متفائل ; 27-02-2003 الساعة 07:47 AM

رد مع اقتباس