27-02-2003, 09:30 PM
|
#10
|
إدارة الموقع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 330
|
تاريخ التسجيل : 07 2001
|
أخر زيارة : 09-10-2005 (12:30 PM)
|
المشاركات :
480 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
اختي السائلة طالبة العلم . المح من أسئلتك ذكاءا وفطنة ورغبة جادة لفهم عمق النفس البشرية . أهنئك على هذا واشيد بمحاولاتك التي ان دلت على شيء فانها تدل على رغبة في العلم والمعرفة .
بداية اعتذر عن عدم فهم ما تقصدينه بتحقيق الذات , هل هو الوصول الى تلك الشخصية المثالية التي نحلم بالوصول اليها أو ان سؤالك فقط يدور حول تكوين الشخصية بكل ما فيها من خصال وتأثير البيئة المحيطة عليها. ان كنت تقصدين تحقيق الذات بمعنى الوصول الى ما نصبو اليه فان هذا يأتي متأخرا بعد ان يتلقى الانسان من المحيطين به رؤية لتلك الشخصية المثالية. وان كنت تقصدين الشخصية وتكوينها فانها بالفعل تتكون من استعدادات وراثية بالتعاون مع الاتصال مع البيئة علما بأن اكبر عوامل البيئة هو التعامل مع الناس . ويكون التأثير سلبا على النفس البشرية حين يحتوي على مواقف محرجة واشياء غير محببة للنفس والعكس صحيح حين يكون التعامل ايجابيا .
وللاجابة على الشق الثاني من السؤال فانني اعتقد انك تقصدين ان فشل الانسان في تحقيق ذاته يعني عدم الرضى عن النفس او الاحساس بالنقص بحيث يجعل من التجربة الاجتماعية كابوسا يمتلىء بالخوف من الفشل او الانتقاد . ان احساس الانسان بالنقص او بعدم الوصول الى الصورة التي يصبو اليها يجعل من التجربة مجهدة عاطفيا ويدفع الانسان شيئا فشيئا الى تجنبها . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اختى طالبة العلم هو ما سبب هذا الشعور . المح من سؤالك محاولة للتأكد من تأثير الاخرين في تكوين شخصيتك . انت محقة , كثرة النقد للطفل وتوبيخه امام الناس سواء كان هذا النقد لشيء يستطيع السيطرة عليه او لشيء لا يستطيع ا لسيطرة عليه يؤثر سلبا على شخصه ويخيفه من التعامل مع ا لناس و يخلق في نفسه الخوف الدائم من الخطأ. لذلك يجب على الوالدين محاولة عدم الاكثار من النقد وتبسيط الاخطاء ومحاولة التعليم من خلالها. ولسوء الحظ حتى ان سيطر الاباء على انتقاداتهم فاننا نعيش في مجتمع ينسى ان الطفل انسان بكل ما في الكلمة من معنى فيقول للام مثلا : من اين جئت بهذه السمراء ولماذا ليست جميلة مثل اختها. وتقف الطفلة المسكينة في حيرة من امرها فهي ايضا تريد ان تكون جميلة وتربط في ذهنها على سبيل المثال انها ليست جميلة لان السمار ليس من مقومات الجمال . للاسف الكثير من الفتيات يعانين من عدم فهم المجتمع لمعنى الجمال الحقيقي رغم ان ديننا هو اكبر معلم لنا قد اخبرنا بان الجمال الحقيقي يكمن في التقوى وحسن الخلق .
اختى طالبة العلم أعتقد انني سأجيب الان على ما اردته فعلا من كل اسئلتك . نعم انت محقة الكثير منا ضحايا لظروف نفسية قاسية او جهل في التعامل مع الاطفال او ربما تربية غير مسؤولة او غير هذا وذاك. ولكن صدقيني انه حين يصل الانسان الى ما وصلت اليه من ذكاء وفطنة ومعرفة المحها حتى من اسئلتك فانه يستطيع ان يقلب الصورة تماما فلا يبكي على طفولة ضائعة ولا يلقي باللوم على اهل لم يفعلوا هذا او ذاك , كيف يفعل هذا , انه ليس بالامر السهل ولكنه يستحق العناء
أولا : يجب ان يصل الانسان الى قناعة انه هو المسؤول مسؤولية كاملة عن ذاته وان مفاهيمه وعلمه وقوة ارادته هي المسؤول الاول عن تصرفاته وتحقيقه لذاته وان قلت مستيحل اقول انه ليس كذلك وان هناك العديد من الابحاث التي تثبت ان الكثيرين من علماء النفس كانوا انفسهم ضحايا لطرق تربية سلبية وظروف بيئية سيئة ولكنهم استطاعوا بارادتهم ان يحولوا الفشل الى النجاح .
ثانيا :يجب أن يقنع الانسان نفسه ان الكمال ليس الا لله وحده وان البشر بكل اشكالهم وانواعهم يعانون من نقص في مجال ما . اما الجمال فهو نسبي وما نراه جميلا في مجتمعنا قد يععبر قبيحا في مجتمع اخر ومن ثم فانه لا يوجد انسان لا يملك الجمال فهناك شيء ما جميل جدا في كل شخص فابحثي عنه وتذكري ان الجمال ليس الا جمال الروح وهذا هو ما يجب التركيز عليه . فمن كان هدفه السمو بروحه وصل الى قمة الجمال .
ثالثا: احضري ورقة وقلم واكتبي ما هي الشخصية التي تمنيت ان تصلي اليها . اكتبي كل ما تمنيته منذ طفولتك الى الان . وبعد ذلك ادرسيها واحدة تلو الاخرى . تفحصيها وفكري بها مليا. هل هي منطقية فعلا ويمكن تحقيقها ام انها عبارة عن اوهام واشياء لم يكن لك فيها لا حول ولا قوة . فان كانت مستحيلة مثل ان تكوني شقراء بدلا من سمراء .. صغيرة الانف او كبيرة العينين أو غيرها من المستحيلات فاعلمي انك تساهمين مساهمة فعالة في ما تقولين انه فشل في تحقيق الذات . الاحلام يجب ان تكون منطقية ويمكن الوصول اليها فان لم تكن كذلك فهي في الواقع عقبات يضعها الشخص لنفسه ليبقي على تعاسته وعدم رضاه عن ذاته. فيمكن مثلا اتباع حمية لتخفيف الوزن او اتباع بعض خطوات التجميل لابراز الجمال ولكن لا يستطيع الانسان تغيير شكل عينيه او لون بشرته على الاقل بالطرق الطبيعية .
رابعا: مزقي الورقة وتخلصي من الاهداف المستحيلة وارسمي لنفسك اهدافا منطقية تسمو بروحك وتضيف الى ثقتك بنفسك فابحثي عن العلم والقراءة او غيره لزيادة معرفتك بالنفس البشرية . انصحك بذلك فانني المح من اسئلتك انك تملكين العمق الذي يحتاجه المعالج النفسي.
خامسا : حين تحددين الاهداف المنطقية التي تريدين الوصول اليها حاولي تقسيمها فان كنت مثلا لا زلت في الثانوية العامة لا تضعي هدفك الوصول الى الدكتوراة . فان الطريق شاق وطويل . قسمي الهدف . الحصول على معدل جيد في الثانوية العامة .. وحين تصلين اليه سوف تشعرين بالسعادة وحينها تضعين الهدف الذي يليه وهكذا .
سادسا: وهذا جزء هام جدا جدا من ا لوصول الى القناعة الذاتية . تقبلي الاخطاء كجزء من الحياة وتعلمي منها. تخيلي انك تسيرين في طريق وتنظرين الى الاعلى فتقعين لا قدر الله في حفرة .. حين تجدين نفسك في الحفرة تشعرين بالالم والاحباط والانكسار وتكرهين كل التراب الذي تجمع على ثوبك .. وتبكين .. لا بأس ابكي ان فشلت في شيء ما او اخطأت ولكن لا تسرفي في البكاء بل قفي واخرجي من الحفرة وانثري التراب عن ثوبك وتعلمي ان لا تنظري الى الاعلى حتى لا تقعين في الحفرة مرة أخرى . ولكن ان بقيت في الحفرة باكية متألمة تنتظرين ان يشفق عليك المارة قد يمر زمن طويل وتخسرين من شدة الاحباط حتى قدرتك على الحركة . هل تفهمينني .. دوما استخدمي الاخطاء للتعلمي منها وتذكري انه لا يوجد على وجه الارض من لا يخطأ ابدا...
سابعا : لا تتجنبي الناس فان تجنبهم لن يغير فيهم شيئا ولكن حاولي أن تكوني اقوى منهم .. حاولي ان تجعلي من روحك سحرا يأسر جهلهم واشفقي على من لا يعرف معنى الجمال .اذا اردت الخروج الى مناسبة قولي لنفسك والان ما هو اسوأ شيء يمكن ان يحصل لي .. ان تقابلني فلانه وتقول لي .. كذا وكذا .. قوليه لنفسك عدة مرات واسخري منه مع نفسك وكوني مستعدة للاجابة عليه .
أتمنى ان تكون اجابتي قد افادتك واود ان اذكرك انه ليس هناك دواء سحري نستطيع به تغيير المجتمع والناس والبيئة ولكن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم . وكل ما نحاوله هو ان نغير في انفسنا لنصل الى مجتمع افضل فلا يعاني ابناؤنا مثلا من الجهل في التعامل مع الاطفال كما عانى الجيل السابق كل ما استطيع فعله هو مساعدتك على التفكير لا اكثر ولا اقل ولكن تبقي انت وانت وحدك القادرة على تغيير ظروفك والتأثير الايجابي في بيئتك . ولكن تأكدي انني سأكون دوما على استعداد للمساندة .. وفقك الله .
افتخار جادالله
ما جستير الدراسات النفسية و الإرشاد، جامعة ساراسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية،
|
|
|