بأبي الشُّموسُ الجانِحاتُ غَوارِبَا | أللاّبِساتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبَا
|
ألمُنْهِباتُ عُقُولَنَا وقُلُوبَنَا | وجَناتِهِنّ النّاهِباتِ النّاهِبَا
|
ألنّاعِماتُ القاتِلاتُ المُحْيِيَا | تُ المُبْدِياتُ مِنَ الدّلالِ غَرائِبَا
|
حاوَلْنَ تَفْدِيَتي وخِفْنَ مُراقِبا | فوَضَعْنَ أيدِيَهُنّ فوْقَ تَرَائِبَا
|
وبَسَمْنَ عَنْ بَرَدٍ خَشيتُ أُذِيبُهُ | من حَرّ أنْفاسي فكُنْتُ الذّائِبَا
|
يا حَبّذا المُتَحَمّلُونَ وحَبّذا | وَادٍ لَثَمْتُ بهِ الغَزالَةَ كاعِبَا
|
كَيفَ الرّجاءُ منَ الخُطوبِ تخَلُّصاً | منْ بَعْدِ ما أنْشَبنَ فيّ مَخالِبَا
|
أوْحَدْنَني وَوَجَدْنَ حُزْناً واحداً | مُتَناهِياً فجَعَلْنَهُ لي صاحِبَا
|
ونَصَبْنَني غَرَضَ الرّماةِ تُصِيبُني | مِحَنٌ أحَدُّ منَ السّيوفِ مَضارِبَا
|
أظْمَتْنيَ الدّنْيا فَلَمّا جِئْتُهَا | مُسْتَسْقِياً مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
|
وحُبِيتُ من خُوصِ الرّكابِ بأسوَدٍ | من دارِشٍ فغَدَوْتُ أمشي راكِبَا
|
حالٌ متى عَلِمَ ابنُ مَنصورٍ بهَا | جاءَ الزّمانُ إليّ مِنْها تَائِبَا
|
مَلِكٌ سِنَانُ قَنَاتِهِ وبَنَانُهُ | يَتَبَارَيانِ دَماً وعُرْفاً سَاكِبَا
|
يَستَصْغِرُ الخَطَرَ الكَبيرَ لوَفْدِهِ | ويَظُنّ دِجْلَةَ ليسَ تكفي شارِبَا
|
كَرَماً فلَوْ حَدّثْتَهُ عن نَفْسِهِ | بعَظيمِ ما صَنَعَتْ لظَنّكَ كاذِبَا
|
سَلْ عَن شَجاعَتِهِ وزُرْهُ مُسالماً | وَحَذارِ ثمّ حَذارِ مِنهُ مُحارِبَا
|
فالمَوْتُ تُعرَفُ بالصّفاتِ طِبَاعُهُ | لم تَلْقَ خَلْقاً ذاقَ مَوْتاً آئِبَا
|
إنْ تَلْقَهُ لا تَلْقَ إلاّ جَحْفَلاً | أوْ قَسطَلاً أو طاعِناً أو ضارِبَا
|
أو هارِباً أو طالِباً أو راغِباً | أو راهِباً أو هالِكاً أو نادِبَا
|
وإذا نَظَرْتَ إلى الجِبَالِ رَأيْتَهَا | فوْقَ السّهُولِ عَواسِلاً وقَواضِبَا
|
وإذا نَظَرْتَ إلى السّهُولِ رَأيْتَها | تَحْتَ الجِبالِ فَوارِساً وجَنَائِبَا
|
وعَجاجَةً تَرَكَ الحَديدُ سَوادَها | زِنْجاً تَبَسّمُ أوْ قَذالاً شَائِبَا
|
فكأنّمَا كُسِيَ النّهارُ بها دُجَى | لَيْلٍ وأطْلَعَتِ الرّماحُ كَواكِبَا
|
قد عَسكَرَتْ مَعَها الرّزايا عَسكَراً | وتَكَتّبَتْ فيها الرّجالُ كَتائِبَا
|
أُسُدٌ فَرائِسُها الأسُودُ يَقُودُها | أسَدٌ تَصِيرُ لَهُ الأسُودُ ثَعالِبَا
|
في رُتْبَةٍ حَجَبَ الوَرَى عَن نَيْلِها | وعَلا فَسَمَّوهُ عَلِيَّ الحاجِبَا
|
ودَعَوْهُ من فَرْطِ السّخاءِ مُبَذّراً | ودَعَوْهُ من غصْبِ النّفوسِ الغاصِبَا
|
هذا الذي أفنى النُّضارَ مَواهِباً | وعِداهُ قَتْلاً والزّمانَ تَجَارِبَا
|
ومُخَيِّبُ العُذّالِ مِمّا أمّلُوا | مِنْهُ ولَيسَ يَرُدّ كَفّاً خائِبَا
|
هذا الذي أبصَرْتُ منهُ حاضِراً | مِثْلَ الذي أبْصَرْتُ مِنْهُ غائِبَا
|
المتنبي
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|