02-03-2003, 01:54 AM
|
#13
|
عـضو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1463
|
تاريخ التسجيل : 04 2002
|
أخر زيارة : 21-10-2004 (05:57 AM)
|
المشاركات :
1,406 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
أسعد الله اوقاتك بكل خير استاذة افتخار
بدايـــــــــــةً مالذي أقصده بـ " تحقيق الذات "
أقصد أن يجد الإنسان نفسه ، فمثلاً قد يجد طالبٌ نفسه في مادة من احدى المواد التي يدرسها في المدرسة ، فيحبها و يألفها و يستمتع بالجهد المبذول في مذاكرتها ، و لا يشعر بمرور الوقت الذي يقضيه معها ، و في المقابل قد يأنف مادة أخرى و لا يجد نفسه فيها أبداً بل يشعر بالغربة بينه و بينها لكن لأنها مادة إلزامية فلا خيار أمامه سوى الصبر على حضور الحصة و محاولة الإصغاء الى شرح المدرّس ، ثم محاولة إجبار نفسه على مذاكرتها ، و كل هذا يستنزف منه مجهوداً كبيراً ، يجعله يتحرى أيام الاجازة كالعطشان ، كما يجعله يغتنم أي فرصة للتحايل على نفسه و التهرب من المذاكرة ..
ــــــــــــــــــــ
في علاقاتنا الاجتماعية ..
قد نحقق جزءاً من الذات ، و قد لا نحقق ، لكن هل عدم تحقيقنا هذا بحد ذاته هو الذي يسبب الألم الذي يخيفنا من الاتصال بالآخرين ؟
أعتقد أن الاجابة لا
لأن الطالب مثلاً لن يهتم إن لم يجد نفسه في مادة التاريخ مثلاً إلا إذا كانت هذه المادة إلزامية عليه ..
عندما تقيده بامتحان يقلق من اجل ان يثبت لنفسه و لمن تهمه آراؤهم فيه انه يملك الجهد المطلوب للاستيعاب و الاستذكار و تحقيق النجاح و التفوق ..
اذن ( الامتحان ) هو السبب الذي من اجله سيهتم و إلا لما أقلق نفسه من اجل مادة لا يجد نفسه فيها ..
( الامتحان ) هو الذي سيجبره على حضور الحصص و الاصغاء لشرح المدرس و الاستذكار و التحضير للامتحان ..
و ( الامتحان ) يعني صمت و أسئلة و مُراقِب ..
المراقب يقف عند السبورة أو عند آخر القاعة يراقب الطلاب الذين يبدون أشبه بتماثيل صامتة لا تتحرك فيها غير العينان تقرءان الأسئلة و اليدان تكتبان ، إنهم يخافون اصدار أي حركة قد تفهمها عينا المراقب بأنها محاولة للغش مثلاً ، لذا يلتزمون تلك الوضعية الشبه ميتة حتى ينتهي الامتحان و يسلموا الأوراق و يتخلصوا من عيني المراقب فيتنفسون الصعداء و يتكلمون و يضحكون كما يحلو لهم خارج القاعة بعيداً عن عيني المراقب ..
ــــــــــــــــــــ
هكذا الانسان الذي لا يجد نفسه اجتماعيا ، انه لم يكن ليهتم على ما أعتقد الا اذا أصبحت علاقاته الاجتماعية الزامية ..
كيف تكون العلاقات الاجتماعية الزامية ؟
عندما تقيده بامتحان يقلق من أجل أن يثبت لنفسه و لمن تهمه آراؤهم فيه شيئاً ما ، هو لا يدري مالذي يحاول اثباته بالضبط ، و لا يدري لماذا أصبحت العلاقات الاجتماعية بالنسبة له ( امتحان )
هل لأنه صامت لا يتقن لغة التواصل ؟
أم لأن الأسئلة تحيط به من كل جانب ، كل مناسبة ، كل موقف ، أشبه ما يكون بلغز يجب عليه حله بنجاح ؟
أم لأن عيني المراقب تبحلقان فيه بحزم يقيد حركته ؟
شخصيا أعتقد انه السبب الثالث و هو الذي يؤدي للسببين الأولين
-------
من هو ذلك المراقب ؟
انه لا يعرف على وجه التحديد من هو لكنه يعرف أن هذا المراقب يختلف عن مراقب المدرسة ..
فمراقب المدرسة كان يقف عند السبورة أو آخر القاعة او عند الباب ..
و يعرف انه لم يكن يتحمل الالتزام بالصمت امام مراقب المدرسة الا لفترة مؤقتة هي فترة الامتحان بعدها يخرج يتحدث بكل حرية مع رفاقه ..
أما المراقب الآخر هنا فهو لا يقف في أي مكان بل هو في داخل نفسه ! في أعماقه ! يراقبه من هناك ! يراقبه من خلف عينيه ! عندما ينعكس بريق عينيه على أعين من يقابلهم فيصبحون كلهم كأنهم ذاك المراقب ، فيشعر بالقلق ، يشعر انه في امتحان مجبرا يريد ان يثبت لنفسه شيئا ، يخاف ان يخيّب ظن احبائه فيه ، يشعر بعلامات الاستفهام في كل تصرف تنتظره أن يجيبها ، بينما الأعين كلها ذلك المراقب ! فيثقل لسانه و تجد الكلمات صعوبة في الافلات من شفتيه ، و تصبح حركاته و ايماءاته بطيئة فالتوتر يشل أعصابه ، و كلما أخفق في موقف ما زاد قلقه من المرة القادمة لأن أعين المراقب ستركز عليه أكثر !
انه عندما يتهرب من الناس انما هي أعين المراقب ما يتهرب منها و لا شيء آخر
و لأنها تلك الأعين كما أسلفت لا تعكس الا بريق عيني المراقب اللتان تطلان عليه من خلف عينيه هو فماذا يفعل ؟
يمشي بين الناس مغمض العينين ؟
انه يتمنى لو يغمض عيني ذلك المراقب بداخله حتى يرتاح أخيرا
لكن كيف ؟
كيف يفعل ذلك و عينى المراقب خلف عينيه مباشرة ؟
كيف يصل اليها ؟
لقد أصبح يتمنى أن يفقد بصره حتى ينفك و لو قليلاً من هذا العذاب
-----
الظروف النفسية القاهرة التي تعرض لها ربما لها نصيب الأسد في تكوين هذا المراقب الداخلي ، لكنه حاول التخلص من كل أثر ظاهر من تلك الآثار الماضية ، كل ما له اسم و هوية واضحة في ذهنه على شكل ذكرى أليمة ( واضحة ) حاول التخلص منها ، فنجح أمام بعضها و فشل أمام آخر ، لكن تبقى ذكريات أخرى غير واضحة تماما
-----
انه لا يهتم كثيرا أنه لم يجد نفسه اجتماعيا ، فبامكانه تعويض ذلك في مجالات أخرى ، بامكانه التفتيش عن ذاته في أماكن اخرى ، لكن كون حياته الاجتماعية أصبحت الزامية تقيده بامتحان و تجلده بنظرات المراقب لتقيد حركته و أنفاسه ، هو ما يجعله يتجنب أي اتصال اجتماعي ، بل تجعله يفضل الموت عليه .
|
|
|